تفسير الآية ” سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم “
{ سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [سورة فصلت: 53]
تفسير { سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ }
القول في تأويل قوله تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم}” يقول الله تعالى في القرآن: سنظهر لهؤلاء الكافرين ما أنزلناه على عبدنا محمد، أي علامات وحدانيتنا وقدرتنا. “{آياتنا في الآفاق}” هناك تفسيرات مختلفة لمعنى الآيات التي وعد الله بها هؤلاء الأشخاص، فقد قال بعضهم: إنه يشير إلى الأحداث التي حدثت للنبي محمد في مناطق مكة وضواحيها بين أهل المشركين.
وبقوله : { وفي أنفسهم } يشير إلى فتح مكة، وذلك حسب ما ذكره عمرو بن أبي قيس، نقلا عن المنهال، حيث قال: { سنريهم آياتنا في الآفاق } وفقا له، يعني ظهور محمد صلى الله عليه وسلم على الناس، ويمكن أيضا أن يشير إلى النيرات والنباتات والأشجار في الأراضي والسماوات. وقال السدي: ما يتم فتحه لك يا محمد من الآفاق { وفي أنفسهم } يعني في قلوب أهل مكة، يقول: سنفتح مكة لك.
وقال آخرون: يعني ذلك أن الله يظهر لهؤلاء المشركين النجوم والقمر والشمس التي وعدهم برؤيتها في الآفاق. وقالوا: بالآفاق يعني السماء. وبقوله: { وفي أنفسهم } يعني مسار الغائط والبول. والقول الأول الذي قاله السدي هو الصواب، لأن الله وعد نبيه بأن يريهم هذه الآيات وهو لا يتوجه لتهديدهم بما يرونه بأنفسهم، بل هو وعدهم برؤية ما لم يروه من قبل من ظهور نبي الله صلى الله عليه وسلم.
{ وَفِي أَنْفُسِهِمْ } قالوا: وقعة بدر وفتح مكة وغيرها من الأحداث المشابهة هي أحداث نصر الله لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وفشل الخصوم وأتباعهم فيها، وقد يشير هذا إلى تركيب الإنسان الذي يتألف من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة كما هو موضح في علم التشريح، وهذا يدل على حكمة الخالق سبحانه وتعالى.
وقوله: { حتى يتبين لهم أنه الحق } يقول الله تعالى: أريد أن يرى هؤلاء المشركين وقائعنا بأنفسهم وبهم، حتى يعرفوا حقيقة ما أنزلناه على محمد، وأوحينا إليه من الوعد الذي قطعناه له بأننا سنجعل دينه يتفوق على جميع الأديان، حتى وإن كرهه المشركون. ويمكن أن يكون هذا الحق متعلقا بأربعة نواح: الأول: القرآن نفسه، والثاني: الإسلام الذي جاء به الرسول ودعا إليه، والثالث: ما يريهم الله ويفعله هو الحق، والرابع: أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو الرسول الحق.
وقوله : {أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} يقول تعالى ذكره: أليس كفى بربك، يا محمد، أنه شاهد على كل شيء مما يقوم به خلقه، وليس هناك أي شيء يحدث دون أن يعلم به، وهو المجازي لهم على أعمالهم، المكافئ للمحسنين بالإحسان والمعاقب للمسيئين، ويمكن أيضا أن يعني “أليس كفى بالله الشهيد على أفعال عباده وأقوالهم”، وهو يشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم صادق في ما أخبر به عنه.