تفسير الآية القرآنية ” ويل للمطففين “
تعتبر هذه الجملة الأولى من سورة المطففين، وفيها يحذر الله الذين يخالفون العدل بالعذاب. فمن هم المطففين وما هو العذاب الذي ينتظرهم؟
في من نزلت هذه الأية ؟
عندما هاجر الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، كان أهلها يستخدمون الميزان في تزنية البضائع، ونزلت هذه السورة لتعليمهم العدل والمساواة في التعامل، وبعد نزولها، اعتادوا استخدام الكيل بدلاً من الميزان. كان هناك رجل من أهل المدينة يستخدم صاعين للتزنية، يأخذ بأحدهما ويبيع بالآخر، فنزلت فيه آية “ويل للمطففين”، وهذا هو تفسير القرطبي للسورة.
معنى ويل
ويل فسرها الكثير من العلماء بعدة تفسيرات فمنهم من فسرها بالعذاب الشديد في الآخرة مثل تفسير القرطبي، ومنهم من فسرها بانه وادي موجود في أسفل جهنم ويسيل فيه صديد أهل النار وهو تفسير بن عباس والطبري.
معنى المطففين
المطفف هو الشخص الذي لا يزن بما يرضي الله، فإذا كان سيأخذ نصيبه الكامل في الميزان لكان سيأخذ زيادة، ولكن بالعكس فإنه يقوم ببيع نقص في الميزان، كما جاء في قوله تعالى `إذا كالوا على الناس يستوفون` صدق الله العظيم، وذلك يعني أنهم عندما يأخذون يأخذون أكثر مما يستحقون، وأيضا قوله تعالى `وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون` صدق الله العظيم، وذلك يعني أنهم عندما يبيعون للناس شيئا يقللون من قيمته في الميزان.
يتم استخدام مصطلح الطفيف بمعنى أكبر من الميزان، حيث يشير إلى أكل حقوق الآخرين بالباطل أو خداعهم للحصول على سعر أكبر لبضائعهم مما يستحقون، وينال من يفعل ذلك عقاب الله، كما ذُكر في الآية “وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ.
أمر الله تعالى بالعدل في الموازين
أمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بأن يكونوا عادلين وأن يُعطى كل ذي حق حقه بالكمية المناسبة دون الاستيلاء على ما هو حق غيره، وقد ذكرت الكثير من الآيات القرآنية هذا المعنى، كما في ما يلي:
قال الله تعالى: `وأوفوا الكيل والميزان بالقسط، لا نكلف نفسًا إلا وسعها`. صدق الله العظيم.
يذكر الله تعالى في سورة الإسراء أنّه يجب إتمام الوزن والقياس بالعدل والاستقامة، وهذا هو الأفضل والأحسن تأويلاً.
في سورة الرحمن، قال الله تعالى: `والسماء رفعناها، ووضع الميزان، ألا تطغوا في الميزان، وأقيموا الوزن بالقسط، ولا تخسروا الميزان`، وصدق الله العظيم.
جزاء المطففين
وعد الله عز وجل المطففين بالعقاب في الدنيا والآخرة.
أولا العقاب في الدنيا: العقاب في الدنيا يكون مقتا من الله وعذابا، ويمكن أن يتعرضوا للجفاف والقحط، ويفرض عليهم ظلما من قوى أقوى منهم. فقد قال صلى الله عليه وسلم: `يا معشر المهاجرين، إذا ابتليتم بهذه الخمس وأعوذ بالله أن تصيبوا بهن، لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأمراض التي لم تكن تنتشر في أسلافهم الذين رحلوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة النقصان وظلم الحاكم عليهم`، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانيا العقاب في الآخرة: عقاب الآخرة المذكور في قوله تعالى `ويل للمطففين` هو واد في أسفل جهنم، يقال أنه ذو حرارة شديدة قادرة على ذوبان الجبال. سيعاقب المطففون بعذاب شديد في هذا الوادي.
وقال بن مسعود رضي الله عنه” يقول: القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة. ثم يأتي يوم القيامة بالعبد الذي قتل في سبيل الله، فيقال له: “أد أمانتك”. فيقول: “يا ربي، كيف ذهبت الدنيا؟”. فيقال له: “خذوه واطرحوه في الهاوية”. يطرح في الهاوية وتظهر له أمانته في شكلها الأصلي كما أعطيت له. فيهوي ويسقط في آثارها حتى يصل إليها. يحملها على كتفيه حتى يحاول وضعها على كتفيه مرة أخرى، ولكنها تسقط منه، ويستمر في السقوط في آثارها إلى الأبد. ثم يقول: الصلاة أمانة، والوضوء أمانة، والوزن أمانة، والكيل أمانة، وغير ذلك، وأشد من ذلك الودائع.
قد أمر الله تعالى بتسليم الأمانات إلى أصحابها، وكما ذكرنا سابقا أن الميزان هو أمانة، وعدم العدل في الميزان من الكبائر التي تؤدي في النهاية إلى العذاب في النار.