تفسير « يد الله فوق أيديهم »
{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:يوضح سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله معتقد أهل السنة والجماعة في إثبات صفة اليد لله تعالى وغيرها من الصفات التي وصف بها نفسه الله تعالى في كتابه العزيز، وإثباتها بطريقة حقيقية تليق بجلال الله سبحانه وتعالى، دون تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل.
تفسير {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}:
يقول فضيلة الشيخ بن باز عن أهل السنة والجماعة: نحن نعتقد أن الله ليس كمثل أي شيء آخر، وهو السميع والبصير، ونحن لا ننكر أي من الصفات التي وصف بها نفسه، ولا نحرف الكلم عن مواضعها، ولا نشبه صفاته بصفات الخلق، لأن الله سبحانه وتعالى لا يماثل أو يتشابه مع أي شيء آخر من المخلوقات، ولا يمكن مقارنته بأي شيء آخر.
لدى الله سبحانه وتعالى ذات حقيقية لا تشبه ذوات خلقه، وكذلك لديه صفات حقيقية لا تشبه صفات خلقه. ولا يلزم أن تكون صفة الخالق سبحانه وتعالى مشابهة لصفة المخلوق، وهذا هو مذهب سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم ومن اتبع سبيلهم حتى يومنا هذا.
رأي شيخ الإسلام ابن تيمية في الكلام عن الصفات:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: يتفق السلف على أن صفات الباري جل وعلا تتمثل في ظاهرها دون الكشف عن الكيفية أو التشبيه بها، وذلك لأن كلام الصفات يستند إلى كلام الذات ويتبعه، وبما أن إثبات الذات يعني إثبات الوجود دون الكشف عن الكيفية، فإن إثبات الصفات يعني إثبات الوجود دون الكشف عن الكيفية.
فنقول: لله سبحانه يد وعين، ولا نقول: اليد تعني القدرة والسمع تعني العلم، وقد استدل رحمه الله على إثبات صفة اليد لله من القرآن بقوله: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} [المائدة:64]، وقال الله تعالى لإبليس: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} [ص:75]، وقال سبحانه: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون} [الزمر:67]، وقال تعالى: {بيدك الخير إنك على كل شيء قدير} [آل عمران:26].
الفكرة وراء هذا البيان هي أن لله تعالى يدين مميزتين له، وهما جزء من كرامته، وأنه سبحانه خلق آدم بيده الخاصة دون الملائكة، وأنه سبحانه يحكم على الأرض ويطوي السماوات بيده اليمنى، وأضاف رحمه الله أن استخدام الكلمة “يدين” يأتي بصيغة المثنى وهذا لم يستخدم في النعمة ولا في القدرة، لأن استخدام الكلمة المفردة للإشارة إلى الاثنين أو استخدام الكلمتين للإشارة إلى الواحد ليس له أصل في اللغة العربية التي نزل بها القرآن. فعبارة “{لما خلقت بيدي}” لا يجوز أن يكون المقصود بها القدرة، لأن القدرة هي صفة واحدة ولا يجوز أن تعبر عنها بالمثنى، ولا يجوز أيضا أن يكون المقصود بها النعمة، لأن نعم الله لا تعد ولا تحصى، لذا لا يمكن التعبير عن النعم الغير محصورة بصيغة المثنى.