تفسير « إذا زلزلت الأرض زلزالها » وبيان فضلها
تروي لنا هذه الآيات أول مشاهد يوم القيامة، وهي حدوث زلزال عظيم يؤدي إلى خروج كل ما في جوف الأرض من الأموات، ويجتمع الأموات والأحياء ليشاهدوا أعمالهم التي تعرض على رب العزة. في ذلك اليوم، يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم، فمن عمل خيرا بمقدار ذرة سيرون ثوابه، ومن عمل شرا بمقدار ذرة سيرون عقابه.” وذلك وفقا لسورة الزلزلة الآيات من 1 إلى 8.
فضل سورة الزلزلة:
عن عبدالله بن عمرو، قال: أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله، أرجوك أن تعلمني القراءة. فقال له الرسول: «اقرأ ثلاث مرات من سورة الر». فقال الرجل: عمري كبير وقلبي ضعيف ولساني ثقيل. فقال الرسول: «اقرأ ثلاث مرات من سورة الحم». فقال الرجل نفس الشكوى كما قبلها. فقال الرسول: «اقرأ ثلاث مرات من سورة المسبحات». فقال الرجل نفس الجواب. فقال الرجل: ولكن يا رسول الله، أرجوك أن تعلمني سورة جامعة. فقرأ له الرسول الآية: {إذا زلزلت الأرض زلزالها} حتى انتهى منها. فقال الرجل: والله الذي بعثك بالحق، لن أزيد عليها أبدا. ثم رحل الرجل، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «أفلح الرجل! أفلح الرجل!».
وقال الترمذي: ذكر ابن عباس أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: عندما تقول {إذا زلزلت} تعدل نصف القرآن، وعندما تقول {قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن، وعندما تقول {قل يا أيها الكافرون} تعدل ربع القرآن
تفسير الآيات من سورة الزلزلة:
{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}: قال ابن عباس تحركت من أسفلها، {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}: يعني ألقت ما فيها من الموتى، {وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا}: أي استنكر أمرها بعدما كانت قارة ثابتة، وهو مستقر على ظهرها، {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}: أي تحدث بما عمل العاملون على ظهرها، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صل الله عليه وسلم هذه الآية {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} قال: «أتدرون ما أخبارها؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، أن تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها»
{بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}: أي أمرها، وقال القرظي: أمرها بأن تنفصل عنهم، {يومئذ يصدر الناس أشتاتا}: أي يعودون عن مواقف الحساب ويتفرقون إلى أصناف مختلفة، بين الشقي والسعيد، بعضهم مأمور بالدخول إلى الجنة، والبعض الآخر مأمور بالدخول إلى النار، وقال ابن جريج: ينشقون إلى أشتات ولا يلتقون مرة أخرى. {ليروا أعمالهم}: أي ليجازوا بما عملوه من خير وشر في الدنيا {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}: ويكتب لكل بر وفاجر خطأ واحدا عن كل سيئة، وعشرة أخطاء عن كل حسنة، فيوضع للمؤمنين عشر حسنات عن كل حسنة ويمحى عنهم عشرة سيئات عن كل سيئة، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بذرة واحدة سيدخل الجنة.