تعريف الاستعارة واركانها
الاستعارة هي كلمة مستخدمة فيما يشبه معناها الحقيقي، وهي وليدة من التشبيه والمجاز، وتعتبر بعض العلماء أنها نوع من أنواع التشبيه ولكن بحذف أحد أطرافه، وتعد الاستعارة جميلة وحسنة إذا استخدمت فيها أساليب بلاغية فنية وتم باستخدامها توصيل معنى مختلف عن معناها الحقيقي، وتعد سيئة وقبيحة إذا لم تحتوي على أساليب بلاغية، لأن ذلك لا يحقق البلاغة في وصف السهولة والسرعة ولأنها لا توفر معنى مميزا
تعريف الاستعارة لغة واصطلاحا
الاستعارة لغة: الرفع والتحويل من مكان إلى آخر، والاستعارة هي طلب الحصول على شيء معين دون أن يكون مغطى، وفي علم البلاغة، الاستعارة هي استخدام كلمة بدلًا من كلمة أخرى تشير إلى علاقة مشابهة بواسطة قرينة.
الاستعارة اصطلاحا: الاستعارة هي استخدام اللفظ في غير مكانه المخصص له، وهي في الأصل تشبيه يتم حذف المشبه وأداة التشبيه ووجه الشبه، ويبقى المشبه، والاستعارة هي مبالغة في التشبيه وإدعاء معنى الحقيقة في الشيء
يعتقد البعض أن الاستعارة مجاز لغوي، ويفسرون ذلك بأنها موضوعة للمشبه به وليس للمشبه، بينما يعتقد البعض الآخر أنها مجاز عقلي، ويفسرون ذلك بأنها تُستخدم في الحالات التي تناسبها.
الاستعارة في القرآن
قيل أن حقيقة الاستعارة في القرآن هو أن تستعار الكلمة من شيء معروف بها إلى شيء لم يعرف بها، ويكون حكمها في ذلك هو إظهار الخفي وإيضاح الظاهر، مثال: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ} [الزُّخْرُف: 4]، والحكم هنا إظهار الخفي، حيث أن حقيقته هي: وأنه في أصل الكتاب، وقوله تعالى {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ} [الْإِسْرَاء: 24]، والحكم هنا إيضاح ما ليس بجلي لتصبح جلي.
تعريف الاستعارة عند البلاغيين القدامى
- عرفها الجاحظ على أنها “تسمية الشيء باسم غيره إذا قام مقامَه”.
- وقال ابن قتيبة: هو اللفظ المستخدم في سياق غير مقصود له، إذا كان المشار إليه بسبب شيء آخر.
- يتم نقل المعنى للكلمة “مبرد” من معنى إلى آخر.
- وعرفها ابن المعتز على أنها:استعارة الكلمة لشيء غير معروف بشيء معروف.
- وقال عبد القاهر الجرجاني: تشير الأدلة إلى أن الكلمة الأصلية كانت معروفة لدى الناطقين بها في الوقت الذي تم فيه استخدامها.
- فخر الدين بن خطيب قال: تحدث عن شيء معين باسم آخر وتوضيح أنه ليس له بل لشيء آخر، لغرض التشبيه المبالغ فيه.
أركان الاستعارة
- المستعار منه: وهو مشابه للمعنى الأصلي الذي صاغت له العبارة.
- المستعار له: هو المشبه، والمعنى الفرعي الذي لم يتم وضع العبارة الأولى له.
- المستعار: المشبه هو اللفظ الذي ينقل بين المجهول والمعلوم.
- القرينة: هي التي تحول المعنى الحقيقي وتغيره، وتكون حالية أو لفظية.
الفرق بين الاستعارة والتشبيه
يقال إن الفرق بين التشبيه والاستعارة هو أن التشبيه يتضمن مقارنة بين شيئين، وهما المشبه والمشبه به، بينما الاستعارة يتضمن تعبيرًا أحاديًا، وفي الاستعارة لا يتم التركيز على المقارنة بين المشبه والمشبه به، ولا يوجد فيها أداة التشبيه.
يتفق الاستعارة والتشبيه في مشاركتهما لنفس المعنى، حيث يهدف التشبيه إلى استخدام جزء لتمثيل الكل، أما في الاستعارة فتتمثل في اتحاد أو توحيد جزئين، ويقول البلاغيون: `إذا كان في الكلام ما يدل على المشبه كان التعبير عنه تشبيهًا وليس استعارة`.
- فيما يتعلق بالاختلاف بين التشبيه التمثيلي والاستعارة التمثيلية، فإن الاستعارة التمثيلية تستلزم وجود قرينة تحد من استخدام المعنى الأصلي، أما التشبيه التمثيلي فيسمح به دون حذف
- في التشبيه التمثيلي يأتي المشبه والأداة، بينما لا تأتي الاستعارة التمثيلية في التراكيب
- يتمثل التشبيه التمثيلي بين شخصين، أما الاستعارة التمثيلية فتتجاوز ذلك.
- في أركان الاستعارة التمثيلية يتم حذف المشبه والأداة، ولا يسمح بالتشبيه في هذا السياق، ولا يحتاج إلى دليل
أنواع الاستعارة
– هناك العديد من أنواع الاستعارة، وقد تم تقسيمها بعدة طرق من قبل العرب وغيرهم، ومنها التقسيم الذي يعتمد على المكونات اللفظية
- استعارة مفردة: يكون المصطلح المستعار فيها مفردًا، ويتم استخدام هذا المصطلح المستعار بشكل تصريحي أو مكني .
- استعارة مركبة: هذه العبارة تحتوي على لفظ مستعار مركب وتأتي في الاستعارة التمثيلية.
من ناحية الإظهار والإضمار
- الاستعارة التصريحية: التصريح فـي اللغـة مصـدر مـن ً الفعـل صـرح أي أظهـره، وفــي الاصطلاح يأتي صفة لأحد، والاستعارة التصريحية حددها البلاغيون بقولهم:”هي مـا صـرح فيهـا بلفـظ المشـبه بـه دون المشـبه. فالاسـتعارة التصريحية كما عرفهـا السـكاكي هـي:«أن يكـون الطـرف المـذكور مـن طرفـي التشـبيه هـو المشبه به.
مثل: الله تعالى يقول: “كِتابٌ أنزلناهُ إليكَ لِتُخرجَ الناسَ مِنَ الظُلماتِ إلى النُّورِ..
ففي هذه الآية استعارتان: الظلمات والنور، لأن المراد الحقيقي دون مجازهما اللغوي هو: الضلال والهدى، لأن المراد إخراج الناس من الضلال إلى الهدى.
- الاستعارة المكنية: تعريف المكنية في اللغة يعتبر اسما مفعولا يتم إشاعته بمعنى أخفى، وفي المصطلح، هي صفة تميز النوع الثاني من الاستعارة، ويشير تعريف الاستعارة المكنية إلى الحالة التي يتم فيها حذف المشبه به ويكتفى بشيء من أجزاءه، وقد ذكر السكاكي بأنه يجب ذكر المشبه به وتقصد به المشبه به دالا على ذلك بنصب قرينة تشير إليه
مثال: وعندما توقف غضب موسى، أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة، كما قال تعالى.
تحتوي هذه الآية على دلالات تؤكد حذف المشبه به وإثبات المشبه، ولكن المشبه به يرمز إلى شيء من لوازمه، فقد رمزت الآية (الغضب) إلى إنسان هائج يهاجم صاحبه بموقف الانتقام الجاد، ثم يهدأ فجأة ويغير موقفه، وقد عبر عن ذلك بالسكوت، ولذلك تم استخدام كلمة (سكت) كاستعارة مكنية.
من ناحية اللفظ
- الاسـتعارة الأصلية: إذا لم يكن اللفظ المستعار اسمًا جامدًا غير مشتق، فإن الاسم الجامد هو ما لا يكون مأخوذًا من الفعل، مثل حجر وسقف، ومنه تأتي مصادر الأفعال الثلاثية المجردة.
- الاسـتعارة التبعيـة: إنها كلمة مشتقة أو فعل مستعار.
من ناحية ما يلائم المشبه والمشبه به
- الاستعارة المرشحة: الاستعارة المرشحة هي التي تذكر فيها ما يلائم المشبه به، وتعد من أبلغ الاستعارات، وذلك لأن مادة الترشيح تفيد معنى القوة.
- الاستعارة المجردة:هي التي ذُكر فيها ما يلائم المشبه بها.
- الاستعارة المطلقة: المطلقة هي الشيء الذي لا يوجد فيه ملائمات للمشبه والمشبه به، وتسمى بالمطلقة لأنها تماماً مستقلة عن ما يماثلها وما يشبهها من الأشياء.
من ناحية الخيال والحقيقة
- الاستعارة التحقيقية: الاستعارة المطلقة هي عندما يتم استخدام مصطلح مستعار بشكل مطلق حيث يكون له واقع يدرك عقليًا وحسيًا، مثل قوله تعالى: (وآيةٌ لَهُمَ الّيلُ نَسلَخُ مِنهُ النّهار…). وبالتالي، تكون الاستعارة المطلقة واقعية من الناحية العقلية والحسية.
- الاستعارة التخييلية: في هذه الطريقة، يتم استخدام لفظة تعبر عن حقيقة خيالية مقدرة في الوهم، ثم يتم استخدام المستعار لتوضيحها أو تعريف حالتها.
ومثال ذلك: يقول تعالى: (بَل يَداهُ مَبسُوطتانِ يُنفقُ كيفَ يشاء…).
وقوله تعالى: (ويَبقى وَجهُ رَبّكَ…).
وقوله تعالى: (خَلَقتُ بيديَّ…).
أمثلة على الاستعارة
- قال تعالى :تقول الآية: `الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور`، وهي من سورة إبراهيم
تعتبر هذه الاستعارة تصريحية لأن المشبه به (الظلمات) و (النور) قد تم الإشارة إليهما في الآية، بينما تم حذف المشبه.
- {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} مريم.
- قال تعالى:عندما توقف موسى عن الغضب، أخذ الألواح وكتب عليها الهداية والرحمة لأولئك الذين يخافون ربهم.
- أرى رؤوسًا قَدْ أينْعَتْ وحان قطافُها، وأنا صاحبُها.