تعامل المسلمين مع أسرى غزوة بدر
تعتبر غزوة بدر واحدة من أهم الغزوات التي أثرت في تاريخ المسلمين، حيث أظهرت قوتهم رغم قلة عددهم في ذلك الوقت، وتم أسر 70 رجلا من الكفار في هذه المعركة .
أسرى بدر
شهدت هذه المعركة نجاحًا ساحقًا للجانب المسلم ، حيث تمكن المسلمون من اسر 70 رجلاً من الكفار. وقد برزت قوة النبي وسماحته في التعامل مع هؤلاء الأسرى ، وكان للصحابة دور أيضًا .
أبو بكر الصديق و قضية الأسرى
كان أول مستشاري رسول الله هو أبو بكر الصديق ، و كان رأيه أن هؤلاء هم عشيرتهم و بنو عمومهم ، و من الأفضل أن يتم أخذ الفدية عنهم و أن هذه الفدية ستعبر عن قوتهم على الكفار ، و ربما تكون عونا لهم على هداية هؤلاء الأسرى ، و كان رأيه يميل إلى جانب الرحمة ، و قد كان يرى أيضا أن الدولة في حاجة إلى المال ، هذا فضلا عن أنهم ريما يؤمنوا فيما بعد ، و هذا خير لهم من أن يموتوا كفارا ، و يذكر أن هذه الاختيارات كانت قريبة من خيارات رسول الله .
عمر بن الخطاب و قضية الأسرى
بمجرد انتهاء أبو بكر من الحديث، انتقل الرأي إلى المستشار الثاني، حيث كان رأيه تماما على النقيض من رأي أبي بكر. فقد رأى أنه يجب على رسول الله أن يتيح له الفرصة لقتل أحد أقاربه من بين هؤلاء الأسرى المشركين، وأيضا أن يعطي فرصة لعلي بن أبي طالب ولحمزة بن عبد المطلب. ورأى أن هذا يشير إلى أن قلوبهم لا تحمل الرحمة تجاه المشركين. وكان رأيه يدعو إلى الحسم الشديد. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: `أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدها في أمر الله عما` .
كان محتوى الرأيين تمامًا محبة الله والإخلاص له، على الرغم من اختلافهما التام .
– كان رأي أبو بكر الصديق هو الأقرب لهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عمر : ” فغدوتُ إلى رسول الله وأبي بكر وهما يبكيان ، فقلت : يا رسول الله ، أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك ، فإن وجدتُ بكاءً بكيت ، وإن لم أجد بكاءً تباكيت لبكائكما ” فقال : ” لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهُمُ الْفِدَاءَ ، فَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ” وأشار إلى شجرة قريبة بعدها نزلت العديد من الآيات على رسول الله حول هذا الأمر .
موقف رسول الله من الأسرى
بعد أن استقر رأي رسول الله على أخذ الفدية من الأسرى تبعا لوحي الله جل وعلى ، فكان من معه مال أول من يدفع و قد تم تحديد الفدية بمبلغ من ألف إلى أربعة آلاف درهم ، حسب القدرة المادية للرجل ، و قد ضرب لنا رسول الله عدد من الأمثلة الهامة ، في هذا الوقت من خلال عدد من المواقف .
فدية رسول الله لعمه العباس
من بين أروع الأمثلة التي تجسدت فيها قوة ورحمة رسول الله هو ما جرى بينه وبين عمه العباس بن عبد المطلب. تم أسره في يوم بدر ويذكر أنه خرج إلى بدر مستكرا، وقاتل في صفوف المشركين وأسر معهم. كان رجلا ثريا وقادرا على دفع الفدية. حدثت محادثة بينه وبين رسول الله تجلت فيها سمات تجنب الوساطة والتحيز للأقارب. قال العباس لرسول الله إنه قد أسلم ولكنه أخفى إسلامه، لذا لا يجوز أن يدفع الفدية. رد رسول الله قائلا إن الله أعلم بما في قلبك. وانتهت المحادثة بأن رسول الله هو من دفع الفدية عن عمه العباس .