تاريخ اللغة العربية في تونس
تعد اللغة العربية واحدة من أقدم اللغات التي ظهرت في العالم، وتحدث بها معظم سكان الكرة الأرضية. وتعد هذه اللغة واحدة من أعرق اللغات التي شهدت الكثير من الحضارات، وخاصة حضارة المسلمين والإسلام، حيث نزل القرآن الكريم باللغة العربية الفصحى على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وتأثرت بها الكثير من الحضارات المنتشرة فيها، وكان للعرب دور كبير وعريق في العلوم المختلفة، وكانوا في مقدمة الشعوب والدول التي انتشرت فيها اللغة العربية بسرعة، وتاريخ اللغة العربية كبير فيها، ومن أشهر الدول التي تأثرت بها وأثرت فيها اللغة العربية دولة تونس .
متى دخلت اللغة العربية إلى تونس
بدأت اللغة العربية ترسي جذورها في المغرب العربي عامة ، وفي تونس الخضراء خاصة مع بداية دخول الإسلام ، والفتوحات الإسلامي لبلاد المغرب ، وكانت مدينة القيروان التي أسسها عقبة بن نافع الفهري سنة 50 للهجرة ، عاصمة الإسلام والعربية في تونس ، وسميت في ذلك الوقت باسم ( إفريقية ) وهو ما يسمى في هذا الوقت بالمغرب العربي ، ومن أوائل البلاد التي انتشرت فيها اللغة العربية كانت المدن التي قام الفاتحون بفتحها في البداية ، أو التي أعدوا بنائها .
بعد ذلك انتشرت اللغة العربية في الأرياف والبوادي، وتحديدا في منتصف القرن الخامس للهجرة، بدأت اللغة العربية في الانتشار الواسع جدا عندما وصلت قبائل بني هلال وبني سليم إلى تونس. وكانت هذه هي السبب الرئيسي في تحويل لغة تونس إلى العربية الفصحى والقضاء على اللغة اللاتينية وخاصة البربرية، التي لا يتحدثها الآن إلا نسبة ضئيلة جدا من سكان الجنوب الشرقي والجنوبي الغربي، وهم سكان الجبال والقرى. وكان ذلك نتيجة لعدم تفاعلهم كثيرا مع سكان المدينة، حيث استمروا في استخدام اللغات القديمة. وهذا يختلف عن الكثير من دول المغرب العربي التي لم يتم تعريبها بالشكل الكامل. وعلى الرغم من أن البعض يسأل عن موعد استقلال تونس لمعرفة تاريخ اللغة العربية فيها، إلا أن الشعب التونسي كان يتحدث اللغة العربية حتى في ظل الاحتلال الفرنسي وقبل الاستقلال .
أصل اللغة العربية في تونس
أصل اللغة العربية الفصحى في تونس بعد الفتوحات الإسلامية يرجع إلى القيروان، ثم للمهدية وتونس العاصمة. هل تعلم عن اللغة العربية؟ إنها تنتشر في أغلب الوقت بفضل انتشارها في العواصم، وتحدث نهضة في الأدب العربي، وازدهار في التأليف، وتطور كبير في الشعر والنثر والعلوم الشرعية والفقهية. وكان هناك مجموعة كبيرة من الشعراء على مر تاريخ تونس لهم دور فعال في نشر اللغة العربية والتحدث بها في الأوساط، ومنهم
- الشاعر والناقد الكبير ابن رشيق، صاحب (العمدة) .
- علي الحصري هو الشاعر الذي كتب القصيدة المشهورة (ياليل الصب) .
- إبراهيم الحصري صاحب ( زهر الآداب) .
في العصر الحديث، شهدنا نهضة كبيرة على يد العديد من الشعراء والأدباء الذين اهتموا بنشر اللغة العربية في الأوساط، مثلما حدث في:
- الشاذلي خزندار، أمير شعراء تونس، وجلال الدين النقاش، وحسين الجزيري .
- كان الشاعر العظيم أبو القاسم الشابي له العديد من القصائد التي اشتهرت في جميع أنحاء العالم العربي، وليس فقط في تونس، وكانت شعره مشهوراً لدرجة أن الناس كانوا يحفظون قصائده
في النصف الثاني من القرن العشرين، كان هناك العديد من الأدباء والشعراء الكبار الذين عرفتهم تونس الخضراء، وكانوا مرموقين بين شعراء وأدباء الأمة العربية، ومن بينهم:
- محمود المسعدي، الكاتب المشهور بروايته (السد)، والبشير خريف، صاحب العديد من الروايات والقصص الجميلة مثل (برق الليل) و(الدقلة في عراجينها) و(مشموم الفل) .
- الشاعر أحمد اللغماني .
- والشاعر نور الدين صمود .
- والأستاذ الجامعي والشاعر جعفر ماجد .
- رئيس اتحاد الكتاب التونسيين الميداني هو الشاعر بن صالح .
ومن بين الأمور الهامة التي لعبت دورا كبيرا في الحفاظ على اللغة العربية واستخدامها حتى اليوم هو جامع الزيتونة، الذي يحمل أهمية مماثلة للأزهر الشريف في مصر. شهرة هذا المسجد انتشرت حتى الجزائر وليس فقط في تونس، وقد توجب على هذا الصرح العظيم تحمل مسؤولية الحفاظ على حيوية اللغة العربية وتعزيزها في المغرب العربي بشكل عام وفي تونس بشكل خاص، وكذلك تخريج حاملي القرآن والحديث والعلوم الشرعية والعربية المختلفة كالقضاة والمحامين والمدرسين والأئمة.
في بداية الاستقلال، تحول جامع الزيتونة إلى كلية الشريعة وأصول الدين وتم حذف التعليم المتوسط والثانوي الذي يعد من أهم مراحله. كان يقدم في كنفه ورعايته، وأراد الله أن يتم نوره رغم كره المشركين، وعادت هيبته وكرامته في السابع من نوفمبر عندما أصبح جامعة للتعليم العالي والبحث العلمي في الشريعة والحضارة. جذبت الجامعة طلابا كثيرين من دول عربية وغير عربية ومن جميع قارات العالم، بما في ذلك إفريقيا وآسيا وأوروبا، وكانت أغلب طلابها من المسلمين .
بالتأكيد لم تخلو الجامعة من الطلاب التونسيين الذين توافدوا بالمئات للدراسة في هذا الصرح الكبير والعريق على مستوى العالم ، وحتى هذا اليوم تستفيد الدولة التونسية من هؤلاء الطلاب الذين أصبحوا خريجين في التدريس والوعظ والإرشاد والبحث والإعلام وغيرها من المجالات الحيوية، حيث أن لديهم خبرات كبيرة جداً ، وبهذا ظل جامع الزيتونة منارة اللغة العربية على مر العصور وساعد في انتشارها وتقويتها حتى في أصعب الأوقات .
عدد اللغات في تونس
استخدم التونسيون حوالي ثماني لغات لفترة طويلة، ولكن أصبحت ست لغات منها حاضرة الآن ويتحدث بها بعض الشعب التونسي بلهجات مختلفة، في حين اختفت لغتان منها ولم يعد أحد يتحدث بهما
- يتحدث حوالي 500 شخص في تونس العربية الفصحى، وهذه اللغة تنتمي إلى فئة اللغات الأفرو آسيوية، السامية، الوسطى، الجنوبية.
- العربية الفصحى هي مجموعة من اللغات الأفرو آسيوية والسامية والوسطى والجنوبية. يتحدثون العربية العامية حوالي 9 ملايين شخص (في عام 1995)، ويصل عدد الأشخاص الذين يتحدثون هذه اللغة في العالم إلى 800,247,900 نسمة.
- تستخدم هذه اللغة في بلدان مثل بلجيكا وفرنسا وألمانيا ،
- الأسماء الأخرى: اللهجات التونسية والعربية التونسية والدارجة التونسية.
- اللهجات التونسية شبيهة باللهجات الليبية.
- اللغة الفرنسية: يتحدث بها حوالي 11 ألف ناطق (عام 1998).
- كما نجد في تونس اللغات البربرية التي تستخدم في جنوب تونس وجزر البحر الأبيض المتوسط (جربة) وغيرها.
- كانت الأمازيغية لغة منقرضة تُحدث في قرى سند وماجورة (المعروفة بالأمازيغية باسم تماجورت)، وكان يتحدث بها سكان جنوب تونس حتىمنتصف القرن العشرين. في عام 1911، كان جميع سكان قرية سند يتحدثون الأمازيغية، ولكن في عام 1968، لم يتحدث بها سوى المسنون .