تاريخ أوروبا في العصور الوسطى
يعود فترة التاريخ الأوروبي التي تمتد من حوالي 500 إلى 1400-1500 م إلى العصور الوسطى، وقد استخدم هذا المصطلح لأول مرة من قبل علماء القرن الخامس عشر لتحديد الفترة الزمنية بين وقتهم وسقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية، وتعتبر هذه الفترة عادة متقسمة داخليا إلى فترات مبكرة ومتأخرة .
العصور الوسطى الأوروبية
على الرغم من أن العصور الوسطى كانت في ذلك الوقت تعتبر خرافية ومصدر اضطهاد اجتماعي ، إلا أنها أصبحت الآن فترة ديناميكية حيث ظهرت فكرة أوروبا كوحدة ثقافية متميزة. وفي العصور القديمة المتأخرة والعصور الوسطى المبكرة ، تم تنظيم الهياكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية بشكل عميق، حيث تم إعطاء التقاليد الإمبراطورية الرومانية الطريق لتقاليد الشعوب الجرمانية التي أسست ممالك في الإمبراطورية الغربية السابقة. تم إدخال أشكال جديدة من القيادة السياسية، وتحول سكان أوروبا تدريجيا للمسيحية، وتم تأسيس الرهبنة كشكل مثالي للحياة الدينية .
تطورت هذه الفترة إلى شكلها النهائي في القرن التاسع، خلال عهد شارلمان وحكام الأسرة الكارولينجية الآخرين، الذين ساهموا في إحياء الحضارة الغنية المعروفة باسم النهضة الكارولنجية. وفي العصور الوسطى، شهد العالم تطورا دراماتيكيا، مع التوسع الاقتصادي والإقليمي والنمو الديموغرافي والحضري، وظهور الهوية الوطنية وإعادة هيكلة المؤسسات العلمانية والكنسية. وكانت تلك الفترة مليئة بالحروب الصليبية والفن القوطي والهندسة المعمارية والملكية البابوية، وشهدت ولادة الجامعات وانتعاش الفكر اليوناني القديم والإنجازات الفكرية المتصاعدة للقديس توماس الأكويني في الفترة من 1224 إلى 1274 .
طبيعة العصور الوسطى وحقيقتها
كان من المعتقد التقليدي أن القوة الديناميكية لحضارة العصور الوسطى ستنفد في القرن الرابع عشر، وأن العصور الوسطى المتأخرة تتميز بالانحدار والانحلال، وقد عانت أوروبا بالفعل من الحروب والمجاعات والأوبئة في القرن الرابع عشر، ولكن العديد من الهياكل الاجتماعية والفكرية والسياسية الأساسية بقيت سليمة، وفي القرنين الخامس عشر والسادس عشر، شهدت أوروبا انتعاشا فكريا واقتصاديا يعرف بعصر النهضة، ووضعت الأسس للتوسع الثقافي الأوروبي في جميع أنحاء العالم في وقت لاحق .
شكك العديد من المؤرخين في تواريخ العصور الوسطى التقليدية، التي لم تكن دقيقة في أي حالة ولا يمكن تحديدها بأي عام أو حتى قرن محدد. ودعا بعض العلماء إلى تمديد الفترة المحددة للعصور القديمة المتأخرة حتى القرن العاشر أو في وقت لاحق. واقترح البعض أن العصور الوسطى استمرت من حوالي العام 1000 إلى 1800. وعلى الرغم من ذلك، يدعو آخرون إلى تضمين الفترات القديمة والعصور الوسطى والنهضة والإصلاح في فترة واحدة، تبدأ في أواخر العصور القديمة وتنتهي في النصف الثاني من القرن السادس عشر .
كيف كان ينظر للعصور الوسطى
اعتبر أسياد عصر النهضة عصرهم الذهبي، واعتبروا العصور السابقة `مظلمة` مقارنة بعصرهم. وبالتالي، تعتبر الفترة الانتقالية `المتوسطة` بين العصور القديمة المتأخرة والعالم الحديث، وكانت تتمتع بأنظمة اقتصادية واجتماعية وإقطاعية. تصف الإقطاعية بشكل عام العلاقة بين اللورد وتابعه، بالإضافة إلى ظهور أشكال وأنماط اقتصادية واجتماعية جديدة. ظهرت أيضا طرق زراعية جديدة، مثل المحراث القوالب، مما سمح بزراعة محاصيل أكبر، ونظام الحقول الثلاثة الذي كان يستخدم لثلث الأراضي الزراعية المتاحة. تركت هذه التطورات بقايا تساهم في الحد من خطر تآكل التربة أو الاستغلال المفرط للأراضي .
الكنيسة في العصور الوسطى
أصبحت الرهبنة شائعة جدا في العصور الوسطى، حيث كان الدين أهم قوة في أوروبا، وكان على الرهبان والراهبات أن يعزلوا عن العالم ليصبحوا أقرب إلى الله، وقدم الرهبان الخدمة للكنيسة عن طريق نسخ المخطوطات وخلق الفن وتعليم الناس والعمل كمبشرين، وكانت الأديرة جذابة بشكل خاص للنساء، وكانت المكان الوحيد الذي يمكن لهن فيه تلقي أي نوع من التعليم أو السلطة، كما أنها تسمح لهن بالهروب من زواج غير مرغوب فيه .