بحث عن لزوم الجماعة وذم الفرقة
إجتماع المسلمين على الحق والتمسك بالجماعة من الأمور الرئيسية التي دعت إليها الشريعة الإسلامية، وأحد أدلة ذلك وصف أهل السنة بلقب (أهل السنة والجماعة)، وأكد القرآن الكريم في أكثر من موضع على هذه الحقيقة، وردت أيضا أحاديث نبوية كثيرة تحث على التمسك بالجماعة، وجعل الله تعالى ثوابا كبيرا لمن يساهم في نشر روح المحبة والإخاء بين المسلمين، وفي الوقت ذاته، ينبذ الإنقسام ويجعله أمرا مكروها، ومن ينشره بين الناس يعاقب عسيرا.
دلائل من القرآن الكريم على لزوم الجماعة وذم الفرقة :
1- قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ)[سورة آل عمران]. فالمقصود بحبل الله أى القرآن والدين الإسلامي، وهذه الآية تدعونا أن نتمسك بالإسلام الصحيح، وقد ختمها الله تعالى بالنهي (وَلاَ تَفَرَّقُواْ) ليؤكد على ضرورة وجود تآلف بين المسلمين.
تشير هذه الآية الكريمة: “إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون” في سورة الحجرات، إلى مبدأ التآخي بين المسلمين وأهمية وحدتهم، وضرورة التخلص من الكراهية والاختلافات بينهم.
3- قال تعالى (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ)[سورة الشورى] ففي هذه الآية دليل على أن الله قد أوصى جميع الأنبياء بضرورة الائتلاف والتعاون ونهى عن الفرقة.
في هذه الآية الكريمة، يصف الله المؤمنين والمؤمنات بأنهم أنصار وأعوان لبعضهم البعض، مما يدل على أهمية وجود رابطة قوية بين الجميع.
في هذه الآية، يدعونا الله إلى إصلاح بين المؤمنين، وهذا لكي يظلوا مترابطين ومتآلفين فيما بينهم، وذلك حتى لا يحدث صراع بين طائفتين من المؤمنين.
دلائل من السنة النبوية على لزوم الجماعة وذم الفرقة :
1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، رواه البخاري ومسلم. في هذا الحديث تأكيد من نبينا على أهمية التآخي بين الناس وأنه شرط مهم للإيمان الصحيح المتكامل.
2- ورد في صحيح مسلم قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات؛ مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة، فقُتل؛ فقتله جاهلية، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده؛ فليس مني ولستُ منه) ففي هذا الحديث ذم ونهي عن التفرق.
3- جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: (من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك، وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئاً) فالرسول يبين لنا في هذا الحديث أن الإجتماع على الحب في الله وكذلك البغض فيه والمؤاخاة من أجله هو ما سيجعل قلب المسلم عامراً بالإيمان.
4- خطب عمر ابن الخطاب رضي الله عنه بالشام فقال:(قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، موقفي فيما يتعلق بكم. فقال: تعاهدوا أن تتعاطفوا مع أصحابي بشكل جيد، ثم الذين يتبعونهم، ثم الذين يتبعون الأخيرين، ثم انشروا الأكاذيب حتى يجبر الشخص على الشهادة قبل أن يتم سؤاله عنها، وعلى أخذ القسم قبل أن يتم سؤاله عنه، فمن يرغب في الدخول إلى جنة النعيم، يجب أن يلتزم بالجماعة، فإن الشيطان هو الوحيد مع الفرد وهو أبعد مع الزوجين، فمن يسعده حسن سلوكه، ومن يشوه سمعته سيئاته فهو مؤمن). وفي هذا الحديث توجد توجيهات واضحة بالالتزام بالجماعة، وأن الانشقاق يأتي من الشيطان .
5- عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: `إنما مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى`. فالرسول قد شبه الأمة الإسلامية بالجسد، فإذا أصيب أحد أعضائها بالمرض، يؤثر ذلك على الجسد بأكمله، وهذا يظهر أن وحدة وقوة وتعاطف المسلمين مع بعضهم ضروري، فإن الانقسام والإهمال بينهم سيؤدي إلى هلاكهم.