بحث عن علم البيان
يمكن تصوير أهمية علم البيان بأنه أهم فروع فنون اللغة العربية وآدابها، يساعد في شرح الإيجابيات والسلبيات للغة العربية، وكذلك في تفسير الجوانب الجمالية التي قد تظهر في أي قصيدة أو خطبة أو رسالة أو مقالة لأي شخص، يتطلب إتقان قواعد علم البيان وتنمية مهاراته وفهمه بشكل أفضل، وذلك عن طريق استخدام أدوات ووسائل مثل القواعد النحوية والصرف والأمثال العربية والقرآن الكريم والحديث الشريف
اهتمامات علم البيان
يتمحور هذا العلم الخطابي حول شرح الظواهر الأدبية للكائنات من خلال بعض العناصر الخاصة التي يهتم بها هذا العلم، ويتميز هذا الوصف اللغوي في البلاغة بالدقة الشديدة في التعبير عن الموقف في شكله الفعلي، حتى يستطيع القارئ فهم الجملة اللغوية بوضوح ودون غموض. كما يعتمد البيان بشكل أساسي على مجموعة من الأساليب اللغوية التي تساعد في تكوين الجمل باللغة العربية. وتستخدم الأساليب المستخدمة في هذا العلم الخطابي على نطاق واسع في بعض الأنواع الأدبية، نظرا لأهميتها في الوصف والتمثيل، مثل الشعر والمكامات والقصص القصيرة والسرد، وتوفر هذه الطرق فرصة للتفسير وتعطي العديد من المعاني التي يمكن للقارئ استيعابها بطريقة مختلفة.
تعريفات شهيرة لعلم البيان
وقد عَرَّفَ البيانَ مجموعةٌ مِنَ الأُدَبَاءِ:
تعريف الجاحظ
قال الجاحظ : والدلالة الظاهرة على المعنى الخفي هو البيان، وهو اسم جامع لكل شيء، ويكشف لك قناع المعنى ويهتك الحجاب دون الضمير، حتى يصل السامع إلى حقيقته، ويهجم على محصوله، كائنا ما كان ذلك البيان ومن أي جنس كان الدليل، وذلك لأن الأمر الذي يجريه القائل والسامع هو الفهم والإفهام؛ فإذا بلغت الإفهام وأوضحت المعنى، فذلك هو البيان في ذلك الموضع، وذلك حسب ما ذكر .
تعريف الخطيب القزويني
قام الخطيب القزويني بتعريفه أيضا بقوله: هو علم يتميز بالقدرة على إيصال المعنى الواحد بطرق مختلفة بوضوح الدلالة عليه .
أنواع الدلالة في علم البيان عند المناطقة
البيان ينصب على الدلالة وهي ثلاث أنواع عند المناطقة :
دلالة المطابقة
المقصود بالدلالة هو الإشارة إلى المفهوم الذي تم تعريفه في اللغة بدون زيادة أو نقصان، حيث أن الدلالة للفظ `البيت` تعني البيت ذاته.
دلالة التضمن
الدلالة تعني أن اللفظ يشير إلى مفهوم يتضمنه مدلوله الأصلي، مثلما يشير اللفظ `البيت` إلى السقف.
دلالة الالتزام
يعني أن اللفظ يشير إلى مفهوم يتطلبه مدلوله الأصلي بالعقل أو العرف، مثل استخدام كلمة `الحائط` للإشارة إلى السقف.
أركان علم البيان
التشبيه
التشبيه يعني التمثيل، ويتم عن طريق فعل التمثيل بين شيئين، حيث يوجد عامل مشترك بينهما، على سبيل المثال، يمكن قول: هذا الشخص كريم كالسحاب، حيث يتواجد السحاب بوفرة في الشخص الكريم، وذلك لأن السحاب هو سبب المطر وإحياء الأرض وما عليها، ويمكننا ملاحظة وضوح عناصر التشبيه والتشابه في هذا المثال.
المجاز
المجاز في اللغة هو التعدي والتجاوز، وفي السياق اللغوي، يشير إلى استبدال الكلمات من معناها الحرفي إلى معنى آخر مرغوب. ببساطة، فإن المجاز لا يعني إلا المعنى المرغوب ولكنه ليس ضمن المعنى الحرفي للكلمة. ويعني المجاز الخطابي استخدام الكلمات بشكل مبالغ فيه في النصوص والخطابات، بغية التعبير بشكل فني وجذاب، وليس له علاقة بالكذب كما يعتقد البعض. ويصنف المجاز ضمن فروع علم البلاغة.
الكناية
الكناية هي استعمال تعبير يدل على المعنى المراد دون الإشارة إليه بشكل صريح، بحيث يتم تعبير عن شيء معين بطريقة غير مباشرة، وتأتي بما يدل على المعنى المقصود دون أن يتم الكشف عنه بشكل صريح، ومثال شهير على ذلك ما قاله الشاعر: “قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم قالوا لأمهم بولي على النار”، ويعبر هذا البيت عن شدة بخل الأشخاص الذين يتم هجومهم بواسطة الشاعر .
الاستعارة
الاستعارة هي مجاز علاقته المشابهة، مثل قوله تعالى : يتضمن كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور في سورة إبراهيم، استعارة تعني الانتقال من الضلال إلى الهدى، وقد تم استخدام كلمتي الظلمات والنور في غير معانيهما الحرفية، والعلاقة المماثلة هنا بين الضلال والظلام والهدى والنور، لذلك قال الله تعالى: “من الظلمات” وهو يعني ظلمات الجهل، وقال “إلى النور” وهو يعني نور العلم، وإذا اتبعنا المعنى الحرفي، فسيعني ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم سيخرج الناس من الظل إلى الشمس مثلا، أو من الحجرة إلى الفناء .
الاستعارة في اللغة ، ترفع الشيء وتحوله من مكان إلى آخر ، كما لو كنت أقول: “لقد استعيرت من شخص ما ، أي أنني حولت الشيء من يده إلى يدي”، أما بالنسبة للمصطلح ، فهو معروف من قبل العديد من الكتاب مثل الجرجاني، وهو معنى ما لم يتم وضعه ، أو جاء إليه مشابهًا بينهما، من أجل توسيع الفكرة ، أو يشبه حذف أحد أركانها ، مثل الحجاج: “أرى أن الرؤوس قد نضجت وحان وقت حصادها”، الحصاد يكون للنبات، وكان قصده هنا هو الإنسان .