بحث عن المهر
المهر هو شرط أقره الإسلام لتكريم المرأة والإعداد لدخولها مرحلة الزواج ومسؤولياتها، وأمر الله تعالى بإعطاء المرأة مهرها بسخاء وبدون أي طمع في ما أعطي لها، حيث قال الله تعالى: `وآتوا النساء صدقاتهن نحلة`
تحريم الآية الواردة ينص على عدم جواز للأب أن يأخذ مهر ابنته بعد زواجها، وبحسب القرطبي، فإن دفع الصداق واجب على الرجل تجاه المرأة، وهذا ما اتفق عليه علماء المسلمين، وأكدوا أنه لا حدود للمهر سواء كان كبيرًا أو صغيرًا .
المهر في القرآن الكريم وتفسيره
قال تعالى: “والصدق نحلة”، ويعني كلمة “نحلة” في الآية الكريمة بأن الصداقة تنبع من روح طيبة وإرادة صادقة بين الزوجين، وتعني أيضا أن الصداقة هي هبة من الله تعالى وواجب ديني، ولذلك أمر تعالى بعدم الاحتيال والتزوير في المهر، قال تعالى: “وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ۚ أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا” [النساء: 20]، وتعني أن تأخذ المهر بالخداع والظلم دون موافقة الزوجة أو رضاها .
وقال الله تعالى استنكارا لهذا الفعل : يتساءل الآية: كيف تستطيعون أن تأخذوا الرشوة وقد توصل بعضكم إلى بعض وأخذنا منكم ميثاقاً غليظاً؟.
تفسير الآية هو كيفية أخذ مهر المرأة بعد أن عرف كل منكما عورة الآخر، وتم إعطاء الزوجة عهدا وثيقا مؤكدا بيمين وعهد. ويقول القرطبي في تفسيره لهذه الآية: “وآتيتم إحداهن قنطارا” فيعني أنه يجوز طلب المهر الكبير، حيث أن الله تعالى لا يضرب مثلا إلا بشيء قد أباحه، ويذكر كذلك نموذج المرأة التي جاءت معترضة إلى عمر رضي الله عنه عندما طلب من الرجال عدم المبالغة في المهر، فقالت له: “يا عمر، يعطينا الله ويحرمنا، أليس الله تعالى يقول: “وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا”، فأجاب عمر: “أصابت المرأة وأخطأت عمر ..
زوج النبي صلى الله عليه وسلم إحدى الصحابيات من أحد الصحابة، ولكنه لم يدفع لها صداقا للزواج. ولكن عندما توفي، فرض عليها سهما في خيبر بقيمة مائة ألف، كتعويض لها عن صداقها. ومع ذلك، تنازلت الصحابية عن جزء منه لزوجها. وقال الله تعالى: “وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا” [النساء: 4]، وهذا يعني أنه يجب على الرجل دفع صداقا للمرأة عند الزواج، وأن النساء لهن حق في تلقي الصدقة، وإذا أرادت المرأة التنازل عن جزء منها لزوجها، فهذا أمر مسموح به
ويقول القرطبي في تفسيره لهذه الآية : يندرج طيب نفس المرأة تحت العموم، بالإضافة إلى البكر، ولكن ابن العربي ذكر أن البكر والصغيرة لا تندرجان تحت العموم إلا بعد بلوغ سن الرشد
يمكن تحديد كمية ونوعية المهر (الصداق) بناءً على حالة الزوج وثروته ومستواه الاجتماعي، ويتم التوافق عليها بين الزوجين، فقد يكون نواة من الذهب أو شيئًا من حفظ القرآن الكريم، أو قناطير من الذهب والفضة، وقد يكون خاتمًا من الحديد .
يقول الله تعالى فيما حلله لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا نبي إنا قد أباحنا لك أزواجك اللاتي أعطيتهن أجورهن وما ملكت يدك من ملك الله لك، وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك، وامرأة مؤمنة إن أردت أن تهب نفسها للنبي إذا أراد النبي أن يتزوجها خاصة لك دون المؤمنين، ونحن علمنا ما فرضنا على أزواجهم وما ملكت أيديهم، لكيلا يكون عليك حرج، والله غفور رحيم” [الأحزاب: 50] .
يقول الإمام السيوطي: هذه الأحكام السابقة خاصة بك، ويقول ابن العربي في أحكام القرآن : ﴿ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأحزاب: 50].
كما ورد الحديث عن سهل بن سعد الساعدي قال: أتت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت: يا رسول الله، جئت لأهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفع نظره وتأملها، ثم أخفض رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يلتفت إليها جلست، فقام رجل من أصحابه، وقال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بحاجة إليها، فزوجنيها فقال: ((هل لديك شيء))، فقال: لا والله يا رسول الله، فقال: ((اذهب إلى أهلك، وانظر هل تجد شيئا))، فذهب ثم عاد وقال: لا والله يا رسول الله، لم أجد شيئا، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((انظر حتى لو كان خاتما من حديد))، فذهب ثم عاد وقال: لا والله يا رسول الله، ولا خاتما من حديد، ولكن هذا هو إزاري، (قال سهل: ليس له رداء)، فأعطيتها نصف الإزار، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((ما ستفعل بالإزار إذا ارتدته لن تكون عليها حاجة، وإذا ارتدته لن يكون عليك شيء))، فجلس الرجل حتى انتهى المجلس، ثم قام فرأى الرسول الله صلى الله عليه وسلم موليا فأمر به فدعي، فلما جاء قال: ((ما لديك من القرآن؟))، قال: معي سورة كذا «عددها»، فقال: ((هل تقرأها من قلبك؟))، قال: نعم، قال: ((اذهب فقد ملكتها بما لديك من القرآن)) .
وفي حديث آخر قال له النبي صلى الله عليه وسلم: وجاء في القرآن الكريم: `انطلق فقد زوجتكما`، ويمكن للمرأة أن تتنازل عن هذا الصداق بإرادتها، إذا شاءت – إذا كان الصداق كبيرًا – أن يكون المهر ميسورًا عند الخاطب إذا كان ذو دين وخلق جيدين .
ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أعظم نعمة الزواج هو البركة في الأموال القليلة)) .
وكان صداق النبي صلى الله عليه وسلم غير كبير ، فبلغ اثنتي عشْرة أوقيةً ونصفًا؛ (ما يعادل حوالي خمسمائة درهم)، وكان هذا صداق بناته أيضا ، وكان صداق السيدة فاطمة رضي الله عنها ثمن درع لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم ثلثي المهر في الطيب، والثلث في المتاع.
فقد روي عن أبي سلمة بن عبدالرحمن أنه قال: سألت عائشة، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، عن قيمة مهره لأزواجه، فأجاب: `كان مهره لأزواجه اثنتا عشرة أوقية ونصف أوقية، وتعادل النصف أوقية خمسمائة درهم، وهذا هو مهر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه .