بحث حول السلام

يعد السلام من أهم الأمور التي ينشدها كل فرد وجماعة، وحتى المجتمعات والدول، ولا سيما كل كائن حي على وجه الأرض، إذ يشمل حالة السكون والطمأنينة، والهدوء الذي يتمناه شعوب دول العالم المختلفة .

و حالة السلم هذه الذي يصل إليها كل مجتمع منافية تمامًا لمصطلحات الحرب، وأعمال العنف والصراعات، فالسلام هو الوصول للحالة الطبيعية، للحصول على التطور والتنمية الإنسانية والازدهار، و لا يمكن أن نشعر بقيمة معنى السلام النفسية، والروحية، والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية إلا في حالات العنف والحرب والدمار والخراب .

معنى السلام

يعتبر اللغة وسيلة للتواصل، وقد اكتسبت الكلمات والتعابير معانيها، وتعني كلمة السلام في اللغة العربية الأمان والنجاة من شيء ما، وفي الدين الإسلامي، يتم استخدام تحية السلام كتحية في اللقاء والوداع.

وقد حظي السلام باهتمام كبير في الديني الإسلامي، فالمسلم يبدأ صلاته بالسلام على النبي محمد صلي الله عليه وسلم، كما أنه خلال التشهد يلقي السلام على الملائكة، والرسل السابقين، كما أن اسم السلام هو واحد من أسماء الله التي اختص بها نفسه، فنجد الكثيرين يطلقون على ابنائهم اسم “عبد السلام” كما أن تحية أهل الجنة هي السلام، ويطلق على الجنة اسم الريان ودار السلام.

مفهوم السلام

يشير مفهوم السلام إلى حالة مجتمعية شاملة، وهو هدف مهم يسعى إليه المجتمع الإسلامي والدول جميعًا، من خلال إحلال عقود اجتماعية وتفاهمية تساعد على تحقيق حالة من الهدوء المجتمعي، ومحاولة مواجهة الصراعات الحضارية والإرهاب.

يعد حالة السلام التي تتمتع بها الشعوب نعمة للبشرية، وترجع أهمية السلام إلى أن الحياة بدون أمان وسلام تفسد وتنهار، وتنتشر الخوف في المجتمع والجوع يحل مكان الشبع والظلم يحل مكان العدل والمساواة .

في حالة عدم وجود السلام، ينشق الأمة بأكملها، حيث يحمي السلام الجانب الإنساني، ويعتبر ضمن الضروريات الخمس التي فرضها الله لسلامة الأمة، لذا يجب على كل فرد في الدولة المساهمة في إرساء السلام والأمن في بلادهم، وعدم الترويج للفتنة وإثارة الاتهامات الزائفة بينهم وترويعهم، ومن أجل التوصل إلى حل سلمي اجتماعي، يتعين على الدولة أن تكون حريصة على تنفيذ القانون والتأكد من التزام جميع أفراد المجتمع بهذا الوضع، بالإضافة إلى الحرص على الانضباط .

وعلى المستوى السياسي والعالمي، بدأ العالم بالدول يدعون لمفهوم السلام بعد أن خاض العالم حربين عالميتين أسفرت عن مقتل أكثر من 7 ملايين شخص، وهو رقم ضخم في ذلك الوقت. حتى أن بعض العلماء يرون أن السلام هو الحالة التي تتوقف فيها حروب الأسلحة وتمنع قتل البشر بطريقة مقصودة، وأكدوا أنه نتيجة التفاعل بين النظام المدني والعدالة الاجتماعية .

كما تم تعريفه بأنه حالة الأمن والاستقرار، و حالة من خلو العالم من الحروب والنزاعات، وحفظ الكرامة، واحترام الآخر، بالإضافة إلى التمسك بالقوانين التي تتضمن حقوق جميع الأجناس داخل المجتمع، ولا يقتصر الأمر على القوانين المجتمعية، ولكنها تشمل الثقافة التي تبني داخل الطفل على احترام الأخر .

كما ظهر مفهوم ثقافةالسلام خلال عصر النهضة الأوروبية في القرن السابع عشر، مع ظهور مفاهيم العدل والسلام كمفاهيم متناقضة للحرب والعنف .

تطور مفهوم السلام العالمي

تُعتبر فترة عام 1945 واحدة من أهم فترات التاريخ البشري، حيث انطلق مفهوم السلام على المستوى العالمي. شهدت تلك الفترة حروبًا عالمية، ومنذ عام 1960 بدأ تطوير مفهوم السلام ونظريات تقوم عليه، وأصبح للسلام تعريف يتطلب مجموعة من المراحل التي تشمل ما يلي:

المرحلة الأولى: اعتبر عامة الناس أن السلام هو السلوك الطبيعي الذي يتم بين البشر في أوقات اللا حرب، وقد انتشر هذا المفهوم في المجتمعات وحتى بين السياسيين في الوقت نفسه، وقد أدي هذا المفهوم إلى انتشار بعد ذلك ما يعرف بالحرب الباردة التي لا يتم خلالها القتل بالأسلحة وإنما بمشاكل أخرى مثل المخدرات.

المرحلة الثانية : ركزت السلطات في ذلك الوقت على أن السلام هو العنصر الأساسي الذي من خلاله يتم الحفاظ على التوازن، وأن الأقوياء هم من يسيطرون على النظم الدولية، ويشار أحيانًا إلى هذا التوازن بمصطلح “توازن الرعب” عندما يعتمد على كفتي ميزان يتمتع كلاهما بقدرات تدميرية مثل القوى العسكرية أو الجماعات الإرهابية .

المرحلة الثالثة :في ذلك الوقت، ظهر مصطلحان وهما السلام الإيجابي والسلبي، ويعنيان أن الشعوب ترفض الحرب لتجنب فقدان المزيد من الأفراد وتجنب الخسائر الاقتصادية الكبيرة.

المرحلة الرابعة : ظهر نوع جديد من السلام يهدف إلى حماية المرأة والحفاظ على سلامتها، ويعمل في حالحالات القائمة على الحرب أو السلم، ويسلط الضوء على أشكال العنف الموجهة ضد المرأة وكيفية التعامل معها .

المرحلة الخامسة : تم التركيز هنا على البيئة وكيفية تعامل الإنسان معها، وتم توضيح مفهوم السلام مع البيئة، وذلك من خلال تفسير الممارسات الرأسمالية الوحشية التي استخدمت ضد البيئة بجميع أنواعها .

المرحلة السادسة : يمثل مرحلة الرفاهية محاولة تحقيق السلام النفسي للأفراد، حيث يشعر الفرد بالانتماء إلى المجتمع ويحقق أهدافه الشخصية، مما يؤدي في النهاية إلى انتشار هذا الشعور داخل المجتمع.

المرحلة السابعة : في المرحلة الأخيرة، بدأت المجتمعات الراقية في التركيز على حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الطفل وذوي الاحتياجات الخاصة، وفي التعريف بالانتهاكات والاعتداءات التي يتعرضون لها بشكل يومي.

أهداف السلام

بعد الحروب الكثيرة التي خاضتها المجتمعات المختلفة، وبعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وما نتج عنهم من دمار اقتصادي واجتماعي وعسكري، وتدمير دول عظمي، تعلمت الشعوب أهمية السلام ودوره في المجتمع فتم تخصيص يوم 21 سبتمبر من كل عام للاحتفاء بالسلام العالمي ، وتكريم رموز الدول التي تسعى لتكريس مفهوم السلام في مجتمعاتها .

اليوم العالمي للسلام

في اليوم العالمي للسلام، تعرض منظمة الأمم المتحدة ما تم خلال العام السابق، وما تأمل تحقيقه في السنوات التالية، في بعض أهداف التنمية المستدامة، وهي تشمل 13 فئة، منها الفقر والجوع، والبيئة، والمساواة بين الرجل والمرأة، والمرافق الصحية، وتحقيق العدالة، والحياة تحت الماء، والطاقة النظيفة.

يهدف الاحتفال باليوم العالمي للسلام إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخاصة في قضايا تغير المناخ، حيث يعاني العالم من تغيرات جذرية في طبيعة الطقس تهدد حياة الكثير من الكائنات الحية وتؤدي إلى انقراض بعض المحاصيل الهامة مثل التفاح والقهوة .

كيف يمكن للدول تحقيق السلام

يتطلب تحقيق السلام اتحاد جميع الشعوب، حيث يعد هذا المؤشر الأهم والأكثر دفعًا لتحقيق العدالة الاجتماعية على جميع المستويات، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال تحقيق العدل الذي يعمل على إزالة أي خلاف أو صراع طبقي أو طائفي، سواء كان مبني على الجنس أو النوع أو الدين.

هناك العديد من الدعوات التي تحث الحكومات والحكام على تحقيق السلام من خلال إيجاد قضايا مشتركة يمكن لجميع الشعوب التعاون في حلها، مثل التحذير من مشاكل عالمية مثل الاحتباس الحراري وثقب الأوزون وحماية الطبيعة، ولا يمكن تحقيق السلام إلا من خلال التعايش السلمي.