انواع الطاعة
ما هي انواع الطاعة
الطاعة المطلقة
بالعكس من الطاعة المقيدة، الطاعة المطلقة تعود إلى الله عز وجل ورسوله فقط، وما يخالف ذلك هو طاعة غير مطلقة، والمقصود منها هو أنه إذا كانت في معصية الخالق فلا تكون جائزة، وهناك أدلة متعددة على ذلك، منها في سورة النساء حيث قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا، اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء، فردوه إلى الله والرسول، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلا).
وذكر أيضًا في حيث رواه البخاري ومسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : (بعث النبي – صلى الله عليه وسلم – سريّة، وأمَّر عليها رجلاً من الأنصار، وأمرهم أن يطيعوه، فغضب عليهم وقال: أليس قد أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – أن تطيعوني قالوا: بلى، قال: عزمت عليكم لما جمعتم حطبًا وأوقدتم نارًا ثم دخلتم فيها، فجمعوا حطبًا وأوقدوا نارًا، فلما هموا بالدخول فقام ينظر بعضهم إلى بعض، فقال بعضهم: إنما تبعنا النبي – صلى الله عليه وسلم – فرارًا من النار أفندخلها ؟ فبينما هم كذلك إذ خمدت النار، وسكن غضبه، فذُكِرَ للنبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف) وهنا نجد إنه إذا وقع خلاف بين الزوج والزوجة، أو الحاكم والرعية لابد من الرجوع في ذلك إلى كتاب الله وسنة الرسول في الشريعة.
طاعة الحكام
ينبع الأمر من خضوعنا لله ورسوله، الذي يعد أساس فهم الطاعة، ويشمل طاعة الحاكم في تنفيذ الأحكام الشرعية، حيث تستند طاعته على المفهوم العام. وفي كتاب الله العزيز، يقول تعالى: “يا أيها الذين آمنوا، أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم. فإن تنازعتم في شيء، فردوه إلى الله والرسول، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر. ذلك خير وأحسن تأويلا.” وأيضا، يؤكد الله في موضع آخر على ضرورة طاعة الحاكم، حيث يقول: “يا أيها الذين آمنوا، أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم.” يجب أن نعلم أن الله ورسوله حرما طاعة أي مخلوق في معصية الخالق، وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: “السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة.
وإن كنا نبذل الجهد لفهم سبب حرمة الله تعالى وتشديده على عدم الطاعة لغيره، فإننا نرى أن طاعة هؤلاء الناس تعتبر معصية لمبدأ الطاعة العام، وهو طاعة الله ورسوله، وهذا يؤدي إلى النار وعقاب مؤكد. لذلك، إذا حاولنا فهم شرع الله، سنجد الحقيقة والحكمة واضحتين. ويقول الله تعالى: `وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون. ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون`، وهذا يؤكد أن من يتبع ذلك سيكون من الخاسرين بشكل دائم.
طاعة الزوجة لزوجها
هناك نوع آخر من الطاعة للزوجة لزوجها فيما أحله الله، على الرغم من تغير الحال بسبب تأثير الحضارة الغربية على مفاهيم المجتمع، الذي يدعو إلى مفهوم غير عادل للمساواة. وهذا جعل النساء المسلمات يتمردن على طاعة أزواجهن. نسأل الله أن يحمي نساء الإسلام من التأثيرات الغربية التي تقلل من قيمة المرأة. لذلك، يربط الدين الإسلامي بين طاعة الزوجة لزوجها فيما هو معروف ويعتبرها جزءا من دخولها الجنة.
معنى الطاعة في التشريع
يعتبر مفهوم الطاعة من المصطلحات الهامة في حياتنا والمجتمع دينيا، حيث نتفق جميعا على ضرورة معرفة معناها، وذلك لتحديد الأسس الفكرية التي نتبناها عند الحديث عن مفهوم الطاعة. وقبل التعريف بالتفصيل، يجب الإشارة إلى أن فكرة الطاعة لم تنشأ فجأة، بل استندت وتطورت منذ العصور القديمة، بدءا من مفهوم العبودية الذي يتمحور حول طاعة شخص يعتبر نفسه مالك حياة الآخرين. ومع ظهور الدين الإسلامي والعبادة، تطور مفهوم الطاعة من مسألة بشرية إلى مفهوم رباني، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن، لم يخل العالم من مفهوم الطاعة .
من فضل الله علينا أنه بين مفهوم الطاعة في القرآن الكريم بوضوح، وكما وضح البحث العلمي بداية نشأة الطاعة وعلاقتها بالعبودية، فإن الله عز وجل أوضح الطاعة بمفهوم عام يشمل جميع أنواع الطاعات. في كتابه العزيز، يقول الله (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) وفي آية أخرى (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) و (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ). هنا نجد أن دعوات الرسل ربطت مباشرةً بين التقوى والطاعة، وشدد القرآن في هذه النقطة ليوضح أن أعمال الإنسان مرتبطة بالطاعة. فإذا لم تكن هذه الأعمال تُقدم بهدف طاعة الله ورسوله، فإنها باطلة، والدليل على ذلك في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ).
الطاعة لله وللرسول هي الإطار العام المحدد لمفهوم الطاعة. وأي طاعة تتعارض مع هذا الإطار فهي غير مقبولة وتعتبر مذمومة، وتجلب الشقاء في الدنيا والآخرة. يقول الله عز وجل: `وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ۚ فإن توليتم فإنما علىٰ رسولنا البلاغ المبين`. ونجد في هذا الحديث الشريف تحذيرا واضحا من الله عز وجل لأي طاعة تؤدي إلى معصية الخالق. وأكد سبحانه وتعالى أيضا قوله في الحديث الشريف: `لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق`.
وهنا نجد اساسًا واضحًا لـ مفهوم الطاعة يتمثل في طاعة الله ورسوله حيث قال تعالى (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، وأي طاعة تُنافي طاعة الله فهي حرامًا شرعًا وذكر ذلك أكثر من مرة في قوله (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) وفي آية أخرى (وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا)، وكذلك في سورة العلق حيث قال تعالى (فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ).
الحرص على طاعة الله
موضوع الطاعة هو واحد من أكثر المواضيع الصعبة التي يهتم بها المسلم السعيد برضا الله. في سورة النور ، يقول الله تعالى: (إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم وجد فريقا منهم يتجنبون الحضور (48) وإذا كان لهم الحق ، يأتون إلى الحكم بذل الطاعة (49) هل في قلوبهم مرض أم هم مترددون أم يخشون أن يظلمهم الله ورسوله ، بل هؤلاء هم الظالمون (50) إنما كان قول المؤمنين عندما يدعون الله ورسوله للحكم بينهم أن يقولوا: سمعنا وأطعنا ، وهؤلاء هم الناجحون (51) ومن يطيع الله ورسوله ويخاف الله ويتقيه ، فهؤلاء هم الفائزون) ، وهذا يربط بشكل مباشر بين الطاعة والأيمان.
والجدير بالذكر إن القرآن رغّب في مدى أهمية طاعة الله والرسول إلى الحد الذي ربط بينه وبين دخول جنات تجري من تحتها الأنهار ورتب عليها الفوز العظيم بالدنيا والأخرة حيث في الأخرة الجنة وفي الدنيا الرحمة حيث قال عز وجل (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
وهنا نرى إن طاعة الله باتت صفة مؤكدة من صفات المؤمنين طبقًا لقوله عز وجل (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ولن يكتفي الله بهذه الآية بل أكد أيضًا في قوله عز وجل (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ).