انجازات ” لي كوان يو ” قائد نهضة سنغافورة
لقد نجح كوان الذي ولد عام 1923 بأصول صينية في تحويل سنغافورة من جزيرة مستنقعات وحشرات إلى مركز استثماري ومالي مزدحم بناطحات السحاب، وزيادة دخل الفرد ثلاث مرات، وتعد حكومته واحدة من أقل الحكومات فسادا حول العالم .
تعتبر سنغافورة واحة في العالم الأول في منطقة تعتبر من العالم الثالث. هذه المقولة أصبحت مشهورة للملهمة التي قدمها لي كوان. فقد حقق هذا في الواقع وكان مصدر إلهام لعدد كبير من الدول، بما في ذلك الصين التي أصبحت واحدة من أكبر الدول الاقتصادية. تم ذلك بفضل اعتماد منهجية لي كوان الاقتصادية التي تعتمد على التدخل الحكومي لتنظيمها وتنظيمها .
كانت الطريق أمام لي كوان غير مهيأة لتحقيق نجاح سنغافورة، حيث كان التعداد السكاني يتألف من مزيج غير متجانس من الهنود والصينيين والملاويين، مما أدى إلى وجود تنوع في اللغات والثقافات والأديان في هذه الدولة الصغيرة، وكانت مصادر الدخل ضئيلة جدا، وكل هذه المشكلات كانت معيقات أمام هذا القائد منذ يوم استقلال سنغافورة عن ماليزيا في عام 1965، ووصفها بـ”لحظة الكرب”. يقول لي كوان عن هذه الظروف الصعبة: “سنغافورة هي أمة لم يكن من المفترض أن تولد، ولكن التاريخ طويل وقمت بمغامرتي.
اشتهر لي كوان بعقليته العملية وشخصيته الواقعية القوية ، فكان يجمع بين الخوف والجاذبية ، وكتبت الصحيفة الأمريكية “نيويورك تايمز” أن صفات شخصيته انعكست على أمة بأكملها ، فأصبحت أمة عملية وطموحة تتطلع إلى الأمام ، عاش لي كوان الفقر ، لذلك أصبح واقعيا وخشن العواطف ، ووصف نفسه في واحد من كتبه بـ”مقاتل الشارع، وقال: “إذا استطعت أن تنال مني وتؤذيني فافعل. و لكن لا يمكن أن تحكم مجتمعا صينيا سوى بهذه الطريقة”.
حصل كوان على مرتبة الشرف في دراسته للقانون في جامعة كامبريدج نتيجة رغبته الفولاذية والروح المقاتلة للوصول إلى النجاح، ثم عاد ليبني بلاده من البداية وينقذها بغض النظر عن صغر حجمها وعوائق الطبيعة فيها، وكان مثابرا بعد تجربته في فترة الاحتلال الياباني التي تعلم منها العديد من الدروس، حيث شاهد ذلك المعاناة والخضوع للأنظمة الاستعمارية بسبب الفقر والجوع، ووصف هذه التجربة الصعبة قائلا: “رأيت في فترة الاحتلال الياباني لسنغافورة كيف يخضع الناس لأنهم يريدون الحياة والطعام. تعلمت بعد ذلك معنى القوة
لقد حكم لي كوان سنغافورة لمدة ثلاثة عقود كرئيس للوزراء من خلال حزب العمل الشعبي، الذي تصدر الساحة السياسية في البلاد لعدة عقود، وتنازل عن الحكم طواعية في عام 1990، ثم تقلد منصب الوزير الأعلى الذي يشتهر بحيراته وناطحاته .
قام لي كوان بتشجيع القيم الآسيوية، وهي حملة سلوكية وأخلاقية ضد القيم الغربية التي تشجع حرية الفرد والتعبير عن الذات بغض النظر عن القيم الاجتماعية الموجودة، وهذه القيم لا تقلل من حرية الأفراد. وحث لي كوان الشعب السنغافوري على تعلم اللغة الإنجليزية وتجنب رمي القمامة في الشوارع والتخلص من العلكة أو البصاق في الطرقات. وبسبب فرض بعض العقوبات المالية على من يقوم بهذه الأفعال السيئة، أصبحت سنغافورة بلدا نظيفا ولامعا. وردا على انتقادات البعض لهذه القوانين الغريبة، يقول لي كوان: “دعهم يضحكون. لو لم نقم بهذه الجهود، لأصبحت شوارعنا قذرة وشخصياتنا وقحة.
يعتقد بعض الخبراء أن حرية الاقتصاد التي حققتها سنغافورة ترجع إلى القفزة النوعية التي حدثت في تنميتها، وتحتل المركز الثاني بعد هونغ كونغ في قائمة الدول الأكثر حرية اقتصادية في العالم. ويعتمد الأفراد بأنفسهم في توفير مداخيل التقاعد والإسكان والتعمير، بنظام التوفير الإجباري الذي يبلغ حوالي 50٪ .
نجحت وزارة لي كوان في مجال الرعاية الصحية عن طريق برنامج التوفير المكثف الذي بدأ عام 1984، حيث يتم تخصيص 7% من إجمالي الودائع البالغة 36% للرعاية الصحية، ويتم تضمين الأشخاص تلقائيًا في التأمين ضد الكوارث الصحية .
ومن بين أبرز إنجازات لي كوان تفرده بتجنب أخطاء البلدان الأخرى، حيث يقول: `من بين إنجازاتي التي لم تحظ بتقدير كاف، أسلوبي في ضمان عدم تكرار الإفلاس للأجيال اللاحقة كما حدث في الأجيال السابقة.` وأضاف: `لقد كان لكوان الجرأة الكافية لإبلاغ شعبه بحدود إمكانات الحكومة.