المضادات الحيوية تعالج القولون العصبي
الأشخاص المصابين بمتلازمة القولون العصبي يعلمون أنها حالة مزمنة ويجب عليهم التكيف معها ومع أعراضها، فهي ليست حالة خطيرة، ولكن في حالة تجاهلها قد تتحول إلى حالة تسبب مشاكل وتؤثر على جميع الوظائف المحيطة بها. متلازمة القولون العصبي تسبب العديد من التشنجات في الجهاز الهضمي أثناء امتصاص الطعام وإخراجه. نتيجة لهذه التشنجات العنيفة، يعاني المريض من الإمساك في بعض الأحيان ومن الإسهال في أحيان أخرى، ويشعر أيضا بالانتفاخ والشبع نتيجة وجود فقاعات صغيرة لا يشعر بها الأشخاص العاديون، ولكن المصابين بمتلازمة القولون العصبي لديهم أعصاب حساسة جدا لهذه الفقاعات، وبالتالي يشعرون بالانتفاخ وتواجد الغازات. ومع ذلك، عند الفحص الطبي، لا يظهر أي خلل تشريحي أو وظيفي على الإطلاق، مما يجعل المريض في حيرة حول مشاعره وعدم ظهور أي شيء في الفحص الطبي. وحتى الآن ما زال الباحثون يبحثون عن الأسباب الرئيسية التي قد تؤدي إلى متلازمة القولون العصبي، وفي هذه الفترة يتم إجراء العديد من الأبحاث التي تربط بين الجوانب النفسية والبيئية والاجتماعية وتشريح الجسم، حيث يحاولون إيجاد رابط بينها .
♥ اسباب القولون العصبي : بعض الباحثين أشاروا إلى أن الأسباب التي تؤدي إلى متلازمة القولون العصبي قد تعود إلى خلل في نمو البكتيريا الطبيعية التي تعيش في الأمعاء. كما ربطوا بين حالات الانتفاخ التي يشعر بها المريض واعتقدوا أن الانتفاخ يحدث نتيجة للتخمر الجرثومي للبكتيريا وتكاثرها بشكل مفرط وإنتاجها لبعض المواد التي تسبب الانتفاخ. ومن هنا جاءت فكرة استخدام المضادات الحيوية لعلاج القولون العصبي ملائمة لهذه الفرضية .
♥ التجربة : أكد البروفيسور مارك بيمنتل، المسؤول عن هذه الدراسة في مركز سيدار-سيناي الطبي في لوس أنجلوس، أن علاج القولون العصبي محدود جدا ويقتصر على معالجة الأعراض فقط دون معالجة السبب الحقيقي وراء المتلازمة. لذا، جاءت هذه التجربة لعلاج القولون العصبي والتخلص من الأعراض والأسباب الخفية التي تؤدي إلى حدوثه. وتمثلت التجربة في اختيار عشوائي لعدد 600 مريض مصاب بمتلازمة القولون العصبي وتقسيمهم إلى مجموعتين: المجموعة الأولى تناولت المضاد الحيوي، والمجموعة الأخرى تناولت دواءا مماثلا للمضاد الحيوي ولكنه لا يحتوي على المادة الفعالة. وكانت التجربة مزدوجة التعمية، حيث لا يعلم المرضى ولا الأطباء من تناول الدواء الحقيقي ومن تناول الدواء الكاذب. وتم تناول جرعة واحدة من العقار ثلاث مرات يوميا لمدة أسبوعين، وتم ملاحظة النتائج .
♥ نتائج التجربة : كانت النتيجة مبشرة جدا، حيث شعر 40% من المرضى الذين تناولوا المضاد الحيوي بتحسن كامل في الأعراض المتعلقة بالألم في البطن والانتفاخ والإسهال والإمساك. كما استمر تأثير المضاد الحيوي لعدة أسابيع بعد التوقف عن العلاج. أشار البروفيسور مارك بيمنتل وزملاؤه إلى أن المضاد الحيوي الذي تم استخدامه هو ريفيكسمين (Rifaximin)، وهو مضاد حيوي ضعيف الامتصاص، مما يجعل تأثيره يستمر في الأمعاء لفترات طويلة، وهذا يفسر تأثيره الطويل المدى الذي استمر لعدة أسابيع. إضافة إلى ذلك، فإن الدواء ريفيكسمين (Rifaximin) لديه القدرة على التغلب على اضطرابات النمو والتكاثر غير الطبيعية التي تحدث في البكتيريا الموجودة في الأمعاء، وبالتالي يساهم في استعادة التوازن في الجهاز الهضمي واختفاء الأعراض المرتبطة بالقولون العصبي. لا تزال الأبحاث جارية لدراسة العوامل المتسببة في هذا المرض المزمن، وقد انضم الآن عقار جديد ذو فعالية قوية ومدة تأثير أطول مقارنة بالأدوية الأخرى المتاحة إلى قائمة العلاجات المستخدمة .