الفرق بين توحيد الربوبية و توحيد الإلوهية في الدين الإسلامي
التوحيد هو أساس العقيدة، حيث يقوم الدين بشكل أساسي على وحدانية الله تعالى، وإذا تعرض هذا المفهوم للتغيير، فإن العقيدة ستتأثر بشكل كامل .
توحيد الربوبية
توحيد الربوبية هو الاعتقاد بأن الله جل وعلا هو الخالق العظيم والمدير للأمور ومحيي الموتى ومميت الأحياء، وهو القوة الدافعة لكل شيء. وهذا الاعتقاد متجذر في الفطرة البشرية ولا يختلف فيه، وذلك بناء على قوله تعالى: `ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله، فأنى يؤفكون` (سورة الزخرف، الآية 87)، وكذلك قوله تعالى: `ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم` (سورة الزخرف، الآية 9) .
هناك العديد من الآيات في القرآن الكريم التي تشير إلى أن المشركين، على الرغم من إيمانهم بالله، يعترفون بالربوبية، وأن الأشخاص الذين ينكرون وجود الرب هم قلة، ويعترفون في قلوبهم بوجوده. وتستند هذه النظرية على قوله تعالى في سورة النمل: “وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا، فانظر كيف كان عاقبة المفسدين” (الآية 14) .
توحيد الإلوهية
بالنسبة لتوحيد الإلوهية، يعني أنه التوحيد بوجود الله في جميع أشكال العبادة. بمعنى أنه هو الإله القادر والمعبود. وبتعبير آخر، توحيد الإلوهية يعني توحيد العبادة. وفيما يتعلق بمعنى العبادة في الشرع، هناك اختلاف بين العلماء. بعضهم يعرفها كامتثال للحب الكامل والخضوع الكامل لله وحده. وتحدث الإمام ابن تيمية أيضا عن أن توحيد العبادة يشمل حب الله وارضائه في جميع الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة. ويتضمن هذا الحب الخضوع الكامل والطاعة للمحبوب، الذي يتجلى في الله جل وعل .
– شملت كل هذه الأمور التي تحدث عنها كافة أئمة الدين و مفسريه مختلف أنواع العبادات ، و التوجه إلى الله وحده دون سواه ، و تفهم أن الخليقة وجدت على هذه الأرض للعبادة ، و قد استند على ذلك بقوله تعالى وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ( سورة الذاريات ) .
العلاقة بين توحيد الإله وتوحيد الرب
– شمل الحديث عن النوعين بأنه هناك اختلاف واضح بين كليهما ، و اعتمادا عليه فإنه من الواجب أن يحمل هذا الاختلاف اتفاق في بعض الأمور ، تبعا للتعريف الذي اسلفنا في ذكره ، بالمعنى الأدق الإقرار بتوحيد الربوبية يقود بالضرورة إلى الإقرار بتوحيد الإلوهية ، فالشخص الذي تمكن من قرارة نفسه الاعتراف بأن رب الكون هو الإله الواحد فتوجب عليه أن يعبده ، و اعتمادا على هذا فإن توحيد الربوبية أمر ضمني وراء توحيد الإلوهية ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) ( سورة الشعراء ) .
استند المفسرون والشارحون لهذا الاختلاف أيضا إلى عدد من الأمور المذكورة في القرآن الكريم. وقد تم ذكر هذا الاختلاف بتسلسل رائع. وكانت من أشهر أمثلة هذا التسلسل ما ذكر في سورة الناس، حيث قال تعالى: قل أعوذ برب الناس (1) ملك الناس (2) إلٰه الناس (3). وفي هذه الآيات، ذكر الله جل وعلا في البداية باسم رب الناس، ثم انتقل إلى كونه الملك المدبر. واعتمادا على ذلك، فإنه إله الناس الذي يجب أن يعبد. وهناك العديد من الأمثلة الأخرى التي تحمل تسلسلات مشابهة، وهناك أيضا أمثلة تؤكد أن لفظ الإلهية يختلف عن الربوبية، وذلك استنادا إلى الحديث المروي بين الميت والملكين في القبر .