ربما يتساءل الكثيرون عن سبب ظهور النمش والشامات، وهذه أمثلة قليلة فقط على الصفات الوراثية المندلية التي تنتقل من الوالدين، أما الشعر ولون العينين فهما صفات غير مندلية وطريقة انتقالهما تعتبر أكثر تعقيدًا.
السمات هي الصفات الجسدية التي تنتقل من الأجيال الأبوية إلى الأجيال اللاحقة. بعض الأمثلة على هذه السمات هي وجود النمش، زمرة الدم، لون الشعر ولون البشرة. الصفات المندلية هي السمات التي تنتقل بواسطة آليات سائدة ومتنحية لجين واحد. الأليلات هي أشكال مختلفة من الجينات، وتحمل المعلومات الخاصة بصفات معينة في قطع الحمض النووي (الدنا). الصفات غير المندلية لا تحدد من خلال الأليلات السائدة أو المتنحية، وقد تنطوي على أكثر من جين واحد
يُطلق على الصفة التي يتحكم في ظهورها جين واحد اسم الوراثة المندلية أو الوراثة ذاتية الصبغي الواحد، وأما الصفة التي يتحكم في ظهورها العديد من الجينات فيُطلق عليها اسم الوراثة ذات العديد من الجينات أو الوراثة ذات العوامل المتعددة، ويمكن تسميتها أيضًا بالوراثة ذات العوامل المتعددة إذا تم الجمع بين العوامل الجينية والعوامل البيئية
الوراثة المندلية
الأليلات غالبا ما يتم التعبير عنها من خلال حرف واحد. الحرف الكبير يعبر عن الأليل السائد، بينما الحرف الصغير يعبر عن الأليل المتنحي. الأطفال يحصلون على أليل من أجل الصفة من الأب والأليل الآخر من الأم. الأليلات الاثنان يجتمعان سويا من أجل تحديد ما سيكون عليه النمط الظاهري للسمة.
النمط الظاهري هو التمثيل الجسدي للصفة، مثل لون الشعر البني، العيون الزرقاء، أو النمش. إذا تلقى الطفل أليلًا أو أثنين من أليلات السائدة، فسوف يظهر النمط الظاهري السائد، أما إذا تلقى الطفل أليلين متنحين، فسيظهر النمط الظاهري المتنحي.
تم اسماء السمات المندلية على اسم العالم النمساوي غريغور ماندل الذي درس كيفية نقل السمات بين الأجيال من خلال القيام بأبحاث على نبات البازلاء في القرن التاسع عشر، واستخدم في دراسته مربع بونيت وهو رسم بياني يساعد الشخص على تحديد فرصة ظهور نمط ظاهري معين في النسل
نتائج تجارب مندل
قام ماندل بتنفيذ تجارب تكاثر على نبات البازلاء لاختبار أنماط الوراثة، حيث قام باختيار نباتات البازلاء ذات السمات المحددة عن طريق الاختيار الانتقائي عبر عدة أجيال. بعد أن أقام عملية التزاوج بين نباتين يختلفان في سمة واحدة (ساق طويلة × ساق قصيرة، بازلاء مستديرة مقابل بازلاء مجعدة، زهور أرجوانية مقابل زهور بيضاء). عندما صلب ماندل نباتات تحتوي على بذور مستديرة مع نباتات تحتوي على بذور مجعدة، حصل في الجيل الأول على نباتات تحتوي على بذور مستديرة، ثم ترك نباتات الجيل الأول تزاوج بعضها مع بعض فحصل في الجيل الثاني على نباتات تنتج بذور مستديرة وأخرى تنتج بذور مجعدة، وكانت نسبة البذور المستديرة إلى البذور المجعدة تساوي 3 إلى 1.
وجد ماندل أن صفة التجعد في البذور لا تظهر إلا في الجيل الثاني عند التخصيب بين نباتات تعطي البذور المدورة وتلك التي تعطي البذور المجعدة، وكانت صفة التجعد متطابقة في الجيل الثاني مع تلك الموجودة في جيل الآباء
استنتج ماندل أن العامل المسؤول عن تجعد البذور كان موجود في نباتات الجيل الأول لكنه لم يؤثر على شكل البذور في النباتات بل انتقل كوحدة مستقلة إلى نباتات الجيل الثاني، التفسير لذلك هو ببساطة أن نباتات الجيل الأول امتلكت عاملين مسؤولين عن تشكل البذور أحدهما مسؤول عن ظهور الصفة المجعدة والآخر مسؤول عن ظهور البذور المدورة، وقد ادرك أيضا أنه في البذور المدورة يكفي ظهور جين واحدة لظهور الصفة بينما في البذور المجعدة فإن الجين المسؤولة عنها لم يكن لها أي تأثير إن لم تكن مترافقة بجين آخر للبذور المجعدة. واستنتج بذلك ان ظهور صفة ما لا يعكس بالضرورة التركيب الوراثي
قوانين مندل في الوراثة
قانون الفصل
ينص قانون الفصل في الوراثة المندلية على أنه بالنسبة لأي صفة، ينقسم اقتران زوج الجينات الأليلات، وينتقل كل جين من إحدى الأبوين إلى النسل. ويتم انتقال جين معين بالكامل عن طريق الصدفة إلى النسل
قانون التفارز المستقل
ينص قانون التفارز المستقل على أن وراثة الجينات في موقع معين لا تؤثر على وراثة الجينات في موقع آخر، حيث يتم تمرير أزواج الأليلات من الأبناء بشكل مستقل عن بعضهم البعض
الوراثة غير المندلية
هناك بعض الاختلافات بين الوراثة غير المندلية والوراثة المندلية
- السيادة غير التامة: عندما يتصالب الأليلين، يمكن أن ينتج صفة متوسطة بين الأليلين بدلاً من أن يحدد أحد الأليلين النمط الظاهري، ومثال على ذلك هو التصالب بين نبات أبيض متماثل الزيجوت ونبات أحمر، ونتج عن ذلك ذرية ذات لون زهري
- السيادة غير المشتركة: يؤدي تداخل كل جين من الأزواج المتقابلة إلى التأثير على الظهور الجيني، وبدلاً من أن يحدد كل جين منها النمط الظاهري في بعض الأنواع من الدجاج، يعتبر الأليل المسؤول عن الريش الأسود شائعًا مع الأليل المسؤول عن الريش الأبيض. وعندما يتم تزاوج دجاج أسود مع دجاج أبيض، يظهر دجاج يحمل ريشًا أسود وأبيض.
- الأليلات المتعددة: درس مندل فقط نوعين من الأليلات في جينات البازلاء، ولكن السكان الحقيقيين لديهم عادة العديد من أنواع الأليلات لنفس الجين
- الجينات المتقابلة: بعض الجينات تؤثر على أكثر من صفة واحدة بدلا من ان ينحصر تأثيرها بصفة واحدة. مثال على ذلك هو متلازمة مارفان، والذي ينتج عنه العديد من الأعراض (وهي طول غير عادي، وأصابع يد وقدم نحيفة، خلع في عدسة العين، ومشاكل في القلب) هذه الأعراض لا تبدو مترابطة، ولكن يمكن تتبعها كلها إلى طفرة في جين واحد
- الأليلات القاتلة: تحوي بعض الجينات على أليلات تمنع البقاء على قيد الحياة عند تواجدها في كائن وحيد الزيجوت أو متغاير الزيجوت، مثال على ذلك هو الفئران الصفراء، ويموت النمط الجيني في وقت مبكر من التطوير، الأليلات القاتلة يمكن أن تكون سائدة او متنحية وقد تظهر في كائن متماثل الزيجوت أو مختلف الزيجوت
الوراثة متعددة الجينات والعوامل البيئية
الجينات في هذا النوع ليست أكثر تعقيدًا من الجينات الأخرى، ولكن كل جين منها يتبع قوانين ماندل في الوراثة، ولكن الفرق هو تضافر العديد من الجينات مع بعضها البعض، بالإضافة إلى العوامل البيئية، لإعطاء نمط ظاهري معين مع غياب ملامح التنحي والسيادة
يتم التحكم في العديد من الخصائص، مثل الطول ولون البشرة ولون العين وخطر الإصابة بالأمراض، من خلال العديد من العوامل، ويمكن أن تكون هذه العوامل وراثية أو بيئية أو كلاهما.
- الوراثة عديدة الجينات: بعض الخصائص تكون متعددة الجينات ، مما يعني أنها يتم التحكم فيها من قبل عدد من الجينات المختلفة. في الوراثة متعددة الجينات ، غالبًا ما تشكل الصفات طيفًا ظاهريًا بدلاً من الوقوع في فئات واضحة.مثال على ذلك هو تصبغ الجلد لدى البشر، والذي يتم التحكم فيه بواسطة عدة جينات مختلفة.
- تأثيرات بيئية: يتم تحديد معظم خصائص العالم الحقيقي ليس فقط من خلال النمط الجيني ، ولكن أيضًا من خلال العوامل البيئية التي تؤثر على كيفية ترجمة النمط الجيني إلى النمط الظاهري. مثال على ذلك هو زهرة الكوبية. قد تختلف لون الكوبية من نفس النوع الجيني من الأزرق إلى الوردي اعتمادًا على الرقم الهيدروجيني للتربة الموجودة فيها.