الكثير من الناس يقومون بإطلاق كلمة ” نسيب ” أو ” رحيم ” على يتزوج ابنته ، إلا أن ذلك غير صحيح من ناحية الشرع ، والصحيح هو كلمة ” صهر ” ، فالنسيب أو الرحيم هو من اجتمعت معه بالرحم بعكس الصهر ، وقد قال الله تعالى : ” وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً ” .
ما هو الرحم
الرحم هو عضو في جسم المرأة مسؤول عن تنمية الجنين، وهو عبارة عن عضو داخل البطن يربط المرأة بأولادها وبعضها ببعض، ويطلق على هذا الاتصال اسم الرحم؛ لأنه يعبر عن القرابة والنسب التي تجمع المرأة وأولادها وبعضهم البعض، ويحتوي على دوافع التراحم وأسباب التواصل .
من هم الأرحام الذين تجب صلتهم
لا خلاف بين أهل الشرع وأهل اللغة حول أن اسم `الأرحام` يطلق على جميع الأقارب بدون الفرق بين المحرم وغيره، ويقول ابن علان إن الأرحام الذين يجب أن نصلهم هم الأقارب من النسب من جهة الأم والأب، وهم ذكرهم الله تعالى في سورة الأحزاب حين قال: `وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض` .
أقربهم هم الآباء والأمهات والأجداد والأولاد وأولادهم مما تناسلوا ، ويليهم الأقرب فالأقرب من الأخوة وأولادهم والأعمام والعمات وأولادهم والأخوال والخالات وأولادهم ، فهي قرابات جهة طرفي آبائه وإن علوا وأبنائه وإن نزلوا ، وما يتصل بهما من الإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات , وما يتصل بهم من أولادهم برحم جامعة .
أهمية صلة الرحم
يقصد بصلة الرحم الاحساب إلى الأقارب سواء من خلال القول أو الفعل ، وذلك يكون عن طريق زيارتهم والسؤال عنهم وتفقد أحوالهم ، وتقديم امساعدة لمن يحتاجها ، والسعي لإتمام وتيسير مصالحهم إذا كان هناك مقدرة لفعل هذا الأمر ، وهناك العديد من الأحاديث النبوية التي وردت عن صلة الرحم منها :
عن زوجة النبي عائشة، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “إن الرحم معلق بالعرش، يقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله .
– عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `إن الله خلق الخلق، حتى إذا انتهى من خلقه، قالت الرحم: `هذا مقام العائذ بك من القطيعة`. قال: `نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟` قالت: `بلى يا رب`. قال: `فهو لك`. قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `فاقرؤوا إن شئتم: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم .
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن نفيع بن الحارث الثقفي، أبي بكرة رضي الله تعالى عنه: `ما من ذنبٍ أجدرُ بصاحبه بالعقوبةِ في الدُّنيا مع ما يدَّخِر له في الآخرة، من البغيِ، وقطيعةِ الرَّحم` .
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ونقله عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: «قال الله: أنا الرحمن، والرحم هو الذي شققت له اسما من اسمي، فمن وصله وصلته، ومن قطعها بتته» .
الفرق بين النسيب والرحيم والصهر
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” كثير من العامة لا يفهمون من كلمة الأنساب أو من كلمة الأرحام إلا أقارب الزوج والزوجة ، حتى الرجل يقول : هؤلاء أنسابي أو أرحامي لأنه تزوج منهم ، وهذا خطأ على اللغة والشرع ، فإن الأنساب هم القرابة من قبل الأب أو من قبل الأم ، والأرحام كذلك هم القرابة من قبل الأب أو من قبل الأم .
وبالنسبة لأقارب الزوجين، يسمون بـ `أصهار` وليس `أنساب`. قال الله تعالى: `وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا` (الفرقان/54). جعل الله تعالى الصلة بين الناس عن طريق هاتين العلاقتين: النسب والصهر .
التعامل مع الانساب والاصهار
يجب أن نعلم أن ديننا يأمرنا بالتعاطف وحسن المعاملة بين الناس، وعلينا الحرص على الاتصال بعلاقاتنا والتعاون معهم وزيارتهم، حتى لو لم يكن لدينا قرابة أو صلة بالنسب، ولذلك فإن الحفاظ على العلاقات الطيبة مع أصهارنا بعد الزواج يعتبر من الصفات الحميدة والكرم، فالمسلمون إخوة، ومع ذلك يجب أن نلاحظ أهمية الالتزام بالحجاب الشرعي أمام الأولاد المراهقين الذكور .
وقد جاء في “الموسوعة الفقهية” : ” فيَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنَ الْمُرَاهِقِ الَّذِي يُمَيِّزُ بَيْنَ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا ، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ . فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لاَ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا فَلاَ بَأْسَ مِنْ إِبْدَاءِ الزِّينَةِ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ .) إلى قوله : (أَوِ الطِّفْل الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ)” انتهى .
يقول المثل: `العبرة في الطفل الذي لا يحتجب عنه أن لا يكون عنده علم في ما يتعلق بالنساء ولا اهتمام به، وهذا يختلف باختلاف غرائز الأطفال ونموهم` .
كتاب “فتاوى نور على الدرب” للشيخ ابن عثيمين .