العلاقة بين فقر الدم و تخثر الدم
على الرغم من أنه ضروري لفيزيولوجيا الخلايا، إلا أن زيادة أو نقص الحديد في الجسم يؤثر سلبا على الصحة، ويمكن أن يسبب فقر الدم وتلف الأنسجة العضلية المرتبطة بالحمل الزائد. كما أن حالة الحديد في الجسم مرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية وتصلب الشرايين، وهناك فرضية مؤيدة بأن استنزاف الحديد قد يحمي من الأحداث القلبية الوعائية، وقد أثار هذا الأمر نقاشا كبيرا خلال العقدين الأخيرين. ولدراسة هذه الظاهرة، حاول العديد من الباحثين تصميم دراسات تجريبية وسريرية مناسبة وتحديد المؤشرات الحيوية والكيميائية لحالة الحديد في الجسم .
عنصر الحديد
الحديد هو عنصر غذائي أساسي للخلايا الحية بسبب دوره كعامل مساعد للإنزيمات في سلسلة تنفس الميتوكوندريا، في تخليق الحمض النووي، ولأنه الجزيء المركزي لربط ونقل الأكسجين بالهيموجلوبين والميوغلوبين، وفي حين أن نقص الحديد يؤدي إلى توقف النمو وفقر الدم، يرتبط التراكم المتزايد لهذا المعدن بتكوين جذري سام وتلف أنسجة متدرجة، ومن المثير للاهتمام ملاحظة أن كلا من نقص الحديد وزيادته قد ارتبط بزيادة خطر الإصابة بأحداث الانسداد التجلطي `تخثر الدم`، وسنوضح هنا العلاقة بين الحديد والشرايين والتخثر الوريدي .
نقص الحديد والتخثر
هناك العديد من التقارير التي تشير إلى أن الأطفال والكبار الذين يعانون من نقص الحديد يمكن أن يواجهوا مضاعفات الجلطات، ويشار إلى أن الصفيحات الثانوية الزائدة هي السبب في العديد من الحالات. وفي الواقع، يعتبر نقص الحديد سببا لزيادة الصفائح التفاعلية، التي تكون عادة خفيفة. وفي سياق دراسة مجموعة من الأطفال المصابين بنقص الحديد، تم العثور على زيادة الصفائح التفاعلية في حوالي ثلثهم، وتبين أن فقر الدم وتوافر عوامل الجلطة الإضافية كانت عوامل خطر مستقلة لتجلط الدم الوريدي الدماغي. ولم يتم فهم آلية زيادة الصفائح التفاعلية بسبب نقص الحديد بشكل كامل، ولكن من المعروف أن الحديد يلعب دورا هاما في تنظيم تكوين الصفائح. وعلى الرغم من أن مستويات الحديد الطبيعية تحول دون زيادة الصفائح التفاعلية وتثبيط الجلطات، إلا أن وجود الحد الأدنى من الحديد يساعد على إنتاج الصفائح الدموية .
على الرغم من أن ارتفاع عدد الصفائح الدموية عادة ما يرتبط بنقص حاد في الحديد، إلا أن وجود نقص حاد في هذا المعدن قد يؤدي إلى نقص الصفائح الدموية بسبب عدم وجود تثبيط للالتهاب في الغدة الدرقية. ومع ذلك، لم تظهر الدراسات التي تركز على السيتوكينات المتعلقة بالتخثر أي تأثير على عدد الصفائح الدموية التفاعلية في حالة نقص الحديد. ومن بين الأمثلة المدروسة هي تقييم مستويات بعض المؤشرات الحيوية مثل الثرومبوبويتين، الإريثروبويتين، عامل مثبط اللوكيميا، IL-6، و IL-11 في مرضى فقر الدم الناجم عن نقص الحديد، سواء كان هناك ارتفاع في عدد الصفائح الدموية أو لا، وتبين أنه تم رفع مستوى الإريثروبويتين فقط الذي يرتبط بعدد الصفائح الدموية، وأنخفض بعد استبدال الحديد، في حين لم تتغير مستويات السيتوكينات الأخرى بعد العلاج، مما يشير إلى عدم لعبها دورا مهما في عدد الصفائح الدموية التفاعلية المرتبطة بنقص الحديد .
تسلسل الأحماض الأمينية
تم اكتشاف في الآونة الأخيرة أن تسلسل أحماض الأمينية في thrombopoietin و erythropoietin، قد يفسر زيادة عدد الصفيحات في الأطفال الذين يعانون من فقر الدم بسبب نقص الحديد. وعلى النقيض من ذلك، يشير تقريران آخران إلى أن العلاقة بين نقص الحديد وزيادة عدد الصفيحات التفاعلية أكثر تعقيدا من مجرد تفاعل متصالب بين الإريثروبويتين والثيرموبويتين، بالإضافة إلى زيادة خطر التجلط المصاحب للعدوى العالية للصفائح الدموية. وقد اقترح العلماء أن انخفاض الدفاع المضاد للأكسدة في فقر الدم الناجم عن نقص الحديد، قد يتسبب في زيادة الإجهاد الناتج عن الأكسدة، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى وجود اتجاه نحو تجمع الصفائح الدموية، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى تشجيع تكوين الخثرة، خاصة في حالة مرض تصلب الشرايين الأساسي .