الدروس المستفادة من سورة الحشر
لقد نزلت سور القرآن الكريم بالعديد من العبر والدروس للبشرية؛ ليعلم الناس أنه الحق من ربهم، وجاءت سورة الحشر بعدة دروس مستفادة وواضحة، وسورة الحشر هي إحدى السور المدنية وتقع في الجزء الثامن والعشرين بالقرآن الكريم، وهي واحدة من السور التي تُعرف باسم المُسبحات لأنها بدأ بالفعل “سبَّح”، وكلمة الحشر هي اسم من أسماء يوم القيامة.
سبب تسمية سورة الحشر
لقد عُرفت سورة الحشر أيضًا باسم سورة بني النضير؛ حيث أنها قد نزلت بعد أحداث غزوة بني النضير، وقد سُميت بالحشر لأن الله سبحانه وتعالى قد حشر قبيلة بني النضير اليهودية في حصونهم المنيعة ليبث في قلوبهم الرعب من المسلمين، وهو دليل قدرة المولى عزّ وجل على حشر الناس يوم القيامة من أجل الحساب.
لماذا نزلت سورة الحشر
سبب نزول سورة الحشر كان قبيلة بني النضير، إحدى القبائل اليهودية المقيمة في المدينة، لأنها خالفت عهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث اتفقوا على ألا يقاتلوه أو يقاتلوا إلى جانبه، وذلك بعد هزيمة المسلمين في غزوة أحد. وطلبوا من النبي أن يعقد اجتماعا بينهم وبينه، وكانوا يخططون لقتله، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف بنيتهم السيئة وحاصرهم في المدينة وأخرجهم مهزومين، وفي هذا يقول الله تعالى “هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر.
العبر من سورة الحشر
هناك عدة دروس وردت في سورة الحشر وتتعلق بمجموعة من الحكم والعبر، ومن أبرز تلك الدروس هو أنه يجب على الإنسان أن يدرك أن جميع مخلوقات الله، سواء كانت حية أو غير حية، تسبح بحمد الله بطريقتها الخاصة، والعبرة في هذه السورة تأتي عندما يقوم الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه المؤمنون بطرد بني النضير من المدينة بعد أن خالفوا العهد والميثاق، وهذا يؤكد أن العقاب يكون متناسبا مع الجريمة.
وقد قام الرسول صلّ الله عليه وسلم بقطع الأشجار والنخيل أثناء محاصرة اليهود، وكان ذلك بأمر من الله لا يتم تطبيقه في جميع حالات الحرب إلا في أمور معينة، وهنا تتجلى الحكمة من الامتثال لأوامر الله تعالى لأنه أعلى وأعلم، وقد جاءت السورة لتؤكد مدى كراهية اليهود للمسلمين واتسامهم بنقض العهود منذ فجر التاريخ.
وأكدت السورة على وجوب الخضوع لأوامر الله سبحانه وتعالى ورسوله والتشريعات المختصة بالمال والثروة وتقسيم الغنائم؛ وذلك لأن الله يأمر بكل ما هو خير وينهى عن كل فساد؛ حيث يؤكد على تحقيق العدالة الاجتماعية وقد ورد ذلك في قوله تعالى “مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ”
تسلط السورة الضوء على أهمية التعاون والاتحاد من خلال تذكيرنا بفضل المهاجرين والأنصار. فالعلاقة بين المسلمين تقوم على مبادئ التعاون والمساعدة والتكافل. تؤكد السورة أيضا صدق القرآن الكريم وإعجازه في التعامل مع نوايا المنافقين واليهود وكشف صفاتهم السلبية مثل الغدر والخيانة والجبن. لذا يجب أخذ الاحتياطات اللازمة للحذر منهم في كل زمان ومكان.
جاءت سورة الحشر أيضًا لتعلم الناس مدى تنزيه المولى عزّ وجل عن كل نقص أو عيب؛ حيث ذكرت السورة مجموعة من أسماء الله الحسنى التي تُبرز سماته الفريدة عزّ وجل؛ وقد ورد ذلك في قوله تعالى “هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)”.