الحكم الشرعي لمقولة ربنا رب قلوب
كثير من الناس يتجهون إلى هذا البيان عندما يتم تنبيههم بارتكاب معصية أو مخالفة شرعية، أو عند دعوتهم لأداء عبادة محددة، فإجابتهم هي أن الله هو رب القلوب، ويعتقدون أن هذه هي الإجابة الصحيحة. ولكن الحقيقة أن الله هو رب القلوب وهو يعلم نواياهم حتى وإن استمروا في ارتكاب المعصية. سنستعرض الآن الحكم الشرعي الذي يكمن وراء هذا البيان من خلال توضيح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حول هذا الشبهة، والتي تعني أن هذه الكلمة هي حقيقة تراد بها الباطل.
ما هو الحكم الشرعي إذا دُعيَ شخص ما لأداء عبادة، وكان رده: `ربنا رب القلوب`؟
يقول فضيلة الشيخ بن العثيمين: أن الله رب القلوب والألسن، وليس رب القلوب فقط، والقلوب لو صلحت لصلحت الجوارح، لأن النبي صل الله عليه وسلم يقول : « وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب »، وهذا الحديث يبطل كل دعوى يدعيها بعض الناس، إذا نصحته في أمر من الأمور مما عصى الله به قال لك “التقوى هاهنا” ويشير إلى صدره، ونقول هي كلمة حق أريد بها باطل، والكلمة قد تكون حقًا في مدلولها العام، لكن يريد بها القائل أو المتكلم معنى باطل.
الهدف الحقيقي من المقولة :
ويضيف الشيخ : ألا ترى قول الله تعالى: “سيقول الذين أشركوا: لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء” [الأنعام: 148]، فقد قالوا: لو شاء الله ما أشركنا، وهم صادقون في قولهم، ولو شاء الله ما أشركوا، ولكنهم لا يقصدون بهذا القول الحقيقة، بل يريدون به تبرير بقائهم على الشرك، ورفع العقوبة عنهم، ولهذا قال الله تعالى: “كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا” [الأنعام: 148]، فلم ينفعهم الاحتجاج بالقدر حين أرادوا به الاستمرار على الشرك، ورفع اللوم عنهم والعقوبة، وأما الواقع فإنه كما قالوا: “لو شاء الله ما أشركوا”، كما قال الله تعالى لنبيه: “اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ولو شاء الله ما أشركوا” [الأنعام: 106-107]، لكن هناك فرق بين الحالين، فالله قال لنبيه: “ولو شاء الله ما أشركوا” ليوضح أن شركهم واقع بمشيئته، وأن له حكمة سبحانه وتعالى في وقوع الشرك منهم، وليسلي نبيه صلى الله عليه وسلم بأن هذا الأمر الواقع منهم بمشيئته تبارك وتعالى.
الرد على قائل “التقوى هاهنا” :
“التقوى هاهنا” هي كلمة حق أريد بها باطل فالذي قال : “التقوى هاهنا” هو النبي صل الله عليه وسلم، وهو الذي قال أيضًا : « ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله »، فإذا كان في القلب تقوى، لزم أن يكون في الجوارح تقوى، فالعمل الظاهر هو عنوان للعمل الباطن، فإذا كان قلبك عامرًا ب التقوى والإيمان فقد تستحي الجوارح إعلان غير ذلك من معاصي ومخالفات شرعية لا تصدر إلا من قلب عاصي غافل عن ذكر الله.