الام والطفلتربية الابناء

التنظيم الذاتي للطفل

كجزء من الحياة، يتعرض الأطفال لأحداث وتجارب جديدة مثل يومهم الأول في الحضانة، أو الانتقال إلى منزل جديد أو ولادة أحد الأشقاء، وقد يشعرون الأطفال الصغار بالخوف من هذه التجارب الجديدة ويعبرون عن اضطرابهم عن طريق البكاء، أو الانعزال، أو التبول اللاإرادي، أو السلوك اللفظي. وعندما يستجيب المربين والوالدين بطريقة حسنة، على سبيل المثال، بلباقة وصوت هادئ، يتعلم الأطفال الشعور بالراحة والأمان مرة أخرى، ويتعلمون أن الآخرين سيكونون متاحين لمساعدتهم في ملاحظة وفهم مشاعرهم وسلوكهم وتوفير الراحة عند الحاجة. ويعمل المربين والوالدين على شكل مدربي العواطف لمساعدتهم، ويمكن للأطفال تعلم تنظيم مشاعرهم وسلوكهم، ويسمى ذلك القدرة على إدارة المشاعر والسلوك التنظيمي الذاتي .

ما هو التنظيم الذاتي

يساهم التنظيم الذاتي الانفعالي والسلوكي في استقلال الأطفال الصغار، وهذه القدرة المتنامية تتحكم في مشاعرهم وسلوكهم الذي يسمح في نهاية المطاف للطفل بأن يصبح أكثر مهارة في علاقاته مع الأطفال والبالغين، على سبيل المثال عندما يلعب معا أو يتخذ القرارات معا في سنوات ما قبل المدرسة، لا تزال مهارات التنظيم الذاتي للأطفال في طور النمو ويمكنها في كثير من الأحيان الصعود والنزول، وإن القدرة على تنظيم مشاعرهم وسلوكهم باستمرار هي مهمة رئيسية لطفل صغير، وبحلول سن المدرسة يصبح الأطفال أكثر مرونة ويكونون أفضل في تنظيم عواطفهم وأفعالهم .

عندما يتعلم الأطفال التنظيم الذاتي، يتمتعون بصداقات قوية وعلاقات جيدة مع الآخرين، ويصبحون أكثر قدرة على الاهتمام وتعلّم أشياء جديدة والتعامل بشكل أفضل مع الضغوط الطبيعية وخيبات الأمل في الحياة اليومية. ويساهم الآباء بطرق مختلفة في تعزيز قدرة الأطفال على تنظيم العواطف .

كيف يتطور التنظيم الذاتي

تساعد الرعاية الحساسة والمريحة المقدمة من الكبار الداعمين والموثوقين والمتمرسين للأطفال على تطوير التنظيم الذاتي، حيث يحتاج الأطفال حديثي الولادة مساعدة في تنظيم احتياجاتهم الأساسية مثل درجة حرارة الجسم ومعدل ضربات القلب والنوم، كما يحتاجون أيضا إلى مساعدة في تنظيم عواطفهم، ولدى الأطفال طرق بسيطة لإدارة تجاربهم العاطفية، على سبيل المثال النظر بعيدا عندما يحتاجون للاستراحة أو مص إصبعهم بعد سماع صوت عال، وبحلول نهاية السنة الثانية يتعلم معظم الأطفال الصغار بعض مهارات التنظيم الذاتي، مثل القدرة على الانتظار لفترة قصيرة للحصول على ما يريدونه وإيلاء الاهتمام عندما يتحدث شخص ما معهم .

ويتعلم جميع الأطفال تنظيم عواطفهم من خلال مشاهدة البالغين في حياتهم مثل الآباء ومقدمي الرعاية لإدارة مشاعرهم وسلوكهم، وبالتالي فإن الآباء والمعلمين هم نماذج مهمة لأطفالهم في حياتهم اليومية، وعندما يرعى الأطفال الآباء والمعلمين ينظمون فعاليتهم وأفعالهم بشكل فعال، يساعدهم ذلك على تعلم كيفية إدارة مشاعرهم وسلوكهم .

تتعلم الأطفال مع مرور الوقت كيفية تنظيم أنفسهم بدون وجود أحد الوالدين أو المعلمين. على سبيل المثال، يمكن لطفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات أن يشارك في لعبة لفترة قصيرة عندما يكون أحد الوالدين أو المعلمين حاضرا، ولكنه يواجه صعوبة أكبر عندما يكون الوالد أو المعلم بعيدا عنه. ومع ذلك، عندما يصل الأطفال إلى سن حوالي أربع سنوات، يكونون أكثر قدرة على فهم مشاعرهم وإدارتها، وتأخير سلوكهم وتركيز اهتمامهم على المهام. وفي هذا العمر، يمكن للأطفال إدارة عدة مشاعر وأفكار أو مهام في نفس الوقت. جميع هذه المهارات الجديدة تساعد الأطفال على تنظيم أنفسهم بفعالية أكبر عندما لا يكون الوالد أو المعلم حاضرا .

لماذا يعد التنظيم الذاتي مهم للصحة العقلية

ترتبط مهارات التنظيم الذاتي بنجاح الأطفال في إدارة العديد من المهام الأخرى خلال فترة الطفولة المبكرة. تمكن الأطفال من التعامل بفاعلية مع الأوقات الصعبة والمرهقة التي تحدث في حياتهم، مثل فقدان حيوان أليف أو وفاة أحد أفراد العائلة أو الانفصال الأسري. يساعد ذلك في تقليل تأثير الإجهاد المستمر الذي يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية عقلية. عندما يتعلم الطفل التنظيم الذاتي، يتطور أيضا تركيزه ومشاركته في الحديث. يتمكن الطفل من الاعتماد على نفسه وإدارة أموره بنفسه. يواجه معظم الأطفال في مرحلة ما صعوبات في التحكم في مشاعرهم وسلوكهم، خاصة عندما يكونون متعبين أو جائعين أو يواجهون تجارب جديدة. في تلك الأوقات، قد يصبحون غاضبين أو متعبين، وهذا جزء طبيعي من كونهم أطفالا صغارا ولا يدعو بالضرورة للقلق .

كيف تبدو صعوبات التنظيم الذاتي

قد يبدو صعوبة التنظيم الذاتي في انتظار دورها أو التهدئة بعد أن يشعر الطفل بالاضطراب، وطريقة فهم هذه الصعوبات للرضع والأطفال الصغار والأطفال قبل سن المدرسة هي النظر إلى سلوكهم، ويمكن تقسيم السلوكيات إلى نوعين واسعين:

1- سلوكيات خارجية

على سبيل المثال، يشمل السلوك الخارجي الذي يصعب تجاهله ويلاحظ بسرعة، الغضب المفرط، المشاجرة مع الإخوة والأخوات، عدم اتباع توجيهات البالغين، الضرب والبصق ورمي النفس على الأرض. هذه السلوكيات قد تكون مدمرة تماما وتحتاج عادة إلى اهتمام من الآباء ومقدمي الرعاية والمعلمين. يجد الأطفال الذين يتورطون في هذه السلوكيات الخارجية صعوبة في ضبط مشاعرهم وسلوكياتهم وعادة ما يتفاعلون بشكل غير منضبط عن طريق الضرب أو الصراخ أو البكاء بدون ضبط. عندما يحدث ذلك، يحتاج الطفل إلى مساعدة من الآخرين لاستعادة السيطرة على مشاعره وسلوكياته والعودة إلى الوضع الطبيعي .

2- السلوكيات الداخلية

تظهر علامات الاضطراب النفسي لدى الأطفال بمثل القلق والحزن والانزعاج السريع والانسحاب من المواقف الاجتماعية والبعد عن الوالدين ومقدمي الرعاية والمعلمين، ويمكن أن تصعب الكشف عن هذه السلوكيات لأن المشاعر توجه داخليا ولا تلفت انتباه الآخرين، وهذا يعكس السلوكيات الخارجية، ورغم ذلك، يظل الطفل الذي يخفي مشاعره يعاني من مشاعر قوية داخله، وهو يحتاج إلى مساعدة الآخرين للتعبير عن مشاعره وتجاربه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى