التلاعب بالعقول Gaslighting
يستخدم علماء النفس مصطلح `التلاعب بالعقول` للإشارة إلى نوع معين من المعالجة، حيث يحاول المتلاعب أن يثير الشك في واقع الشخص أو ذاكرته أو تصوراته، وهذه مشكلة خطيرة وفقا لعلماء النفس. يقول علماء النفس إنه `خطر تخليك عن واقعك وتصوراتك هو أمر خطير جدا` .
التلاعب بالعقول وسياسة الخداع
التلاعب بالعقول هو تكتيك يستخدمه الشخص أو الكيان للحصول على المزيد من السلطة، عن طريق جعل الضحية غير مدركة للحقيقة، وهذه طريقة فعالة للغاية، وأي شخص يتعرض لهذا التلاعب فإن ذلك يعرض عقله للتلف. يستخدم هذا الأسلوب غالبا من قبل المسيئين والديكتاتوريين والنرجسيين، ويتم ذلك ببطء حتى لا يدرك الضحية مدى تعرضها لغسيل الدماغ، كما هو موضح في فيلم Gaslight (1944) الذي يصور كيف يتلاعب الرجل بزوجته إلى حد جعلها تعتقد أنها تفقد عقلها .
فن اللعب بالعقول
هذه عشرة علامات تشير إلى وجود ظاهرة “تلاعب بالعقول
قول الأكاذيب الصارخة
عندما تكون متأكدًا من أن ما يقال لك كذب صريح، يؤكد المتلاعب لك أن الحقيقة هي ما يقوله وأنه ليس كذبة، وبالتالي يصبح عليك دائمًا الشك فيما يقال لك “هل هو كذب أم لا؟ .
إنكار قول الأشياء
تعلم أنهم قالوا أنهم سيفعلون كذا وكذا، وأنت تعرف أنك سمعت ذلك منهم، لكنهم ينكرون ذلك، وهذا ما يشعرك بالتشكيك في واقعك وربما لم يقولوا هذا الشيء أبداً! وكلما قاموا بهذا الأمر، كلما زاد تشكيكك في واقعك وبدأت في قبول واقعهم .
استغلال حبك لأشخاص وأشياء معينة
يدركون قدر أطفالك بالنسبة لك، ويدركون قدر هويتك بالنسبة لك، ولذلك قد يكونون يستهدفون هذا، إذا كان لديك أطفال، فسيردون لك أنه لم يكن ينبغي أن تنجب هؤلاء الأطفال، وسيردون لك أنك ستكون شخصا أفضل إذا لم تكن لديك هذه القائمة الطويلة من السمات السلبية، وبالتالي فإنهم يستهدفون أساسك ووجودك وشخصيتك .
الاستمرار في التلاعب ببطء
يتحدث عن خبث التلاعب بالعقول، حيث يحدث تدريجيا وبطريقة متسلسلة، حيث يتم إدخال الأكاذيب والسخرية تدريجيا حتى يتم التصعيد، وحتى الأشخاص الأذكياء والذين لديهم إدراك ذاتي يمكن أن يتم التلاعب بهم، لأن الأمر يحدث ببطء شديد، مثل ضفدع يتم طهيه ببطء في المقلاة دون أن يدرك ما يحدث له .
عدم تطابق الأفعال مع الكلمات
عند التعامل مع شخص أو كيان معين، يجب الانتباه إلى ما يفعلون بدلاً من ما يقولون، حيث أن ما يقولون لا يعني شيئًا ويكون مجرد كلام، بينما يكون ما يفعلون هو الأمر الحقيقي والمهم .
إعطائك بعض التعزيز الإيجابي
هذا الشخص أو الكيان الذي دائما ما يخبرك أنه ليس لديك قيمة، هو الآن يشيد بك لشيء قمت به، هذا يضيف شعور إضافي بعدم الارتياح، فأنت ستعتقد بعدها أنه ربما لم يكن هذا الشخص سيئا للغاية، وهذا هو ما يريده، فهذه محاولة محسوبة منه لإبعادك عن اكتشاف ما يقوم به، من أجل أن ينجح في جعلك تتشكك في واقعك .
هز استقرارك
يعرف الأشخاص الذين يقومون بالتلاعب بالعقول أن الناس يحبون الشعور بالاستقرار والحياة الطبيعية، ويكون هدفهم هو اقتلاع هذا الأمر منك وجعلك تسألهم باستمرار عن كل شيء، وهذا يجعلك تنظر لهم على أساس أنهم هم الأمان والاستقرار، وبما أن الميل الطبيعي للبشر يكون في النظر إلى الشخص أو الكيان الذي يقدم يد المساعدة بأنه رمزا للاستقرار، فإن هذا يجعله أكثر سيطرة عليك .
تشتيت انتباهك بالاتهامات
قد يكون أولئك الذين يلعبون بعقول الناس متعاطين للمخدرات أو محتالين، ولكنهم يلقون اللوم عليك لتبدأ في الدفاع عن نفسك وتشتت انتباهك عن سلوكهم الخطير .
التشكيك في الأشخاص من حولك
يعتبر خبراء التلاعب بالعقول أسيادا في اللعب بالعقول، حيث يستغلون الأشخاص القريبين منك ضدك، ويتلاعبون بك عن طريق إلقاء تعليقات مثل `هذا الشخص يعرف أنك غير على حق` أو `هذا الشخص يعرف أنك غير مفيد`. ولكن عليك أن تتذكر أن ذلك لا يعني بالضرورة أن هؤلاء الأشخاص قد قالوا هذه الأشياء عنك فعلا، حيث إن خبراء التلاعب بالعقول يكذبون بشكل كبير، ويستخدمون هذا التكتيك لجعلك تشعر بعدم الثقة الحقيقية في أي شخص. وهذا يدفعك مباشرة إلى اللجوء إليهم في كل مرة، وهذا بالضبط ما يرغبون به، حيث يمنحون أنفسهم المزيد من السيطرة عليك عندما تكون منعزلا عن الآخرين .
يقولون لك وللآخرين أنك مجنون
هذه التقنية هي واحدة من أكثر الأدوات فعالية في التلاعب بالعقول، حيث يعرف المتلاعبون جيدًا أنه إذا تم تشكيك الناس في عقولهم، فلن يصدق الناس عندما تخبرهم أن هذا المتلاعب شخص مسيء، ولذلك فإن هذه التقنية هي واحدة من التقنيات الرئيسية التي يستخدمونها في التلاعب .
كيفية التلاعب بالكلام
ليس سرا بالطبع أنه يمكن التلاعب بالناس عن طريق اللغة، وبشكل عام، يمكن تقسيم تقنيات التلاعب إلى ثلاث فئات: الحيل المنطقية، الحيل البلاغية، والحيل النفسية. ولكل فئة العديد من التقنيات الفرعية، فلا توجد حدود لقوة اللغة واستراتيجية التأثير والتلاعب .
لن يتم توضيح التلاعب بالكلام إلا ببعض الأمثلة، فعلى سبيل المثال، إذا نظرنا إلى حالة من حالات التلاعب العائلي، سنجد حالة تحكي عن أندرو ووالده، حيث أن والد أندرو رجل غاضب بشكل مستمر، بحيث يخشى أندرو كل يوم أن يقلب مزاج والده لأنه غالبا ما ينفجر في نوبات من الغضب، ويصف أندرو بأنه لقيط وخاسر ولا قيمة له وفاشل، ويطلق عليه العديد من الأسماء الضارة، وعندما يواجه أندرو والده بشأن هذا الكلام وهذه الأسماء العدوانية، يضحك والد أندرو ويخبره أن يتوقف عن كونه حساسا جدا
وفي قصة أخرى عن التلاعب في العلاقة الزوجية، نجد “جاد” التي تزوجت قبل 5 سنوات ولديها طفلان صغيران وزوجها مايك. في الأشهر القليلة الأخيرة، كانت جاد تحاول إقامة متجر فني صغير. ولكن عندما طلبت مساعدة زوجها، تغير مزاجه وقال لها: “لا أستطيع أن أصدق أنك ستقضي وقتا كثيرا في هذا المتجر. ألا تهتمي بي؟ ألا تهتمي بأطفالك؟.” عندما قالت جاد له أنها لم تكن ترغب في أكثر من مساعدتها في إقامة المتجر وأنها لم تهمل أيا منهما، اقترب مايك منها وأخبرها أنه عندما تزوجها، اعتقد أنها ستكون موجودة فقط لأجل عائلته، وأخبرها أنه يجب عليه أن يأخذ الأطفال ويذهب بعيدا .
عندما ينتهي الوقت ويهدأ مايك ويجلس مع زوجته وتلومه بشأن تهديده لها، يقول مايك: `عزيزتي، أنت تبالغين في رد فعلك، وأنت تعلمين جيدا كيف تعشقين هذا المتجر كثيرا، وهذا ما يجعلنا نشعر بالتجاهل والإقصاء، أنا وأبنائك. أتمنى أن تفهمي ذلك` .
وهكذا في العديد من الحالات التي يتم فيها التلاعب العقلي والنفسي بالأفعال والكلمات، يشعر المتلاعب به بالشكِّ والتردُّدِ في نفسِهِ وفي واقعِهِ ووجودِهِ وحتى نواياهِ .