الاعجاز العلمي في قوله تعالى وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَٰحَ لَوَٰقِحَ
ما هو الاعجاز العلمي
الاعجاز هو امر خارق لما توصل إليه العلم من النتائج والمعلومات، وهو مقرون بالتحدي، والمعجزة هي امر يمكن ان يتفهمه الانسان لكنه يعجز على ان يقوم بمثله مهما حاول، ومهما بلغ مرتبة عليا في العلم والمعرفة، ومهما احرز من تقدم تكنولوجي، لأن المعجزات هي امور ليس بمقدور العباد ان يقوموا بها.
المعجزات هي علامات إلهية تدل على وجود الله عز وجل، وتعتبر إشارة تؤكد رسالات الأنبياء، وهي أمور تدل على خصائص الربوبية لله عز وجل، لأن البشر لا يمكنهم تحقيق مثل تلك المعجزات.
يجد الإنسان نفسه يواجه إعجازات الله عز وجل ومعجزاته محتارا، لأن تفسير هذه المعجزات يكون أحيانا أكبر من تصور عقل الإنسان المحدود وأبعد مما يمكنه تحمله، ولكن معجزات الله وإعجازاته التي ذكرت في القرآن تحث الناس على التدبر فيها والتفكر في معانيها وتطبيقها، وذلك لأنها تجعل الإنسان يتقرب إلى الله، ويقول الله تعالى: “لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، ونضرب هذا المثل للناس لعلهم يتفكرون.
اشتمال القرآن على النظريات العلمية
القرآن يحتوي على العديد من النظريات العلمية التي تم اكتشافها مؤخرا من قبل علماء متخصصين في أوروبا وأمريكا، وهذه الآيات تشير إلى أن الله هو خالق الكون ويعرف خفاياه، وبغض النظر عن مدى معرفة الإنسان وعلمه، فإنه لا يزال جاهلا أمام عظمة الله، فقد اكتشف العلماء لاحقا حركة الكائنات، والقرآن يقول: “وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون”، كما اكتشفوا لاحقا أن الأرض تشكلت من النظام الشمسي، والقرآن يقول: “أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي، أفلا يؤمنون.
هناك الكثير من الأمثلة التي تؤكد الإعجاز العلمي في توازن الأرض، وتلقيح النباتات عن طريق الرياح، والتصوير الشمسي لإمساك الظل، وتشغيل السفن بالبخار والكهرباء، وغيرها من الآيات التي يمكن فهم معناها واستنتاج الإعجاز العلمي منها.
تفسير قوله تعالى وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَٰحَ لَوَٰقِحَ
قال تعالى: أرسلنا الرياح لتلقيح النباتات، فأنزلنا من السماء ماءً فسقيناكموه، وأنتم لستم أصحاب خزائن له
تعني كلمة “لواقح” حاملات السحب والأمطار والخيرات، والمقابل العكسي لها هو الريح العقيمة. ويمكن تفسير “لواقح” كذلك على أنها الأشجار التي تلقحها الرياح، والصواب أن الكلمة تشمل المعنيين، إذ أن الرياح تحمل البذور وتنقلها من شجرة إلى أخرى، وبالتالي تلقح الأشجار.
أما تفسير الآية العلمي فهو أن الرياح تكون واقحة للشجر والسحاب، وكما قال الإمام الطبري، فهي حاملة للسحاب والخير. وفي علم النبات، يدرك الخبراء أن التلقيح هو عملية أساسية للإخصاب وتكوين البذور، حيث تنتقل حبوب اللقاح من الأعضاء التكاثرية الذكرية للزهرة (المئبر) إلى الأعضاء الأنثوية في الزهرة (الميسم)، وبذلك يتم الإخصاب. وعندما يحدث التلقيح بين العناصر الذكرية والأنثوية في نفس الزهرة، يسمى ذلك التلقيح الذاتي، أما عندما يحدث بين زهرتين مختلفتين، فيسمى ذلك التلقيح المتبادل.
تتم طرائق التلقيح بأساليب مختلفة تبعًا لنوع النبات، ويوجد طرق أخرى للتلقيح غير تلك التي يقوم بها الإنسان للتأكد من تلقيح الزهرة
- التقليح عن طريق المياه
- التلقيح عن طريق الرياح
- التلقيح عن طريق الحيوانات: مثل الحشرات، والطيور
الرياح لها دور كبير في عمليات نقل حبوب اللقاح في النباتات التي ليس لديها ازهار ذات رائحة ورحيق والوان بإمكانها ان تجذب الحشرات، فتقوم الرياح عندها بنقل حبوب اللقاح لمسافات واسعة، مثال على ذلك هو نقل الرياح للقاح الصنوبر لمسافة يمكن ان تصل إلى 800 كيلومتر قبل ان تصل الرياح للعناصر الانثوية ويحدث عندها الإلقاح.
النباتات التي تعتمد على التلقيح بواسطة الرياح متعددة ونذكر منها: تشمل الأشجار التي تنتمي إلى الصنوبريات والحور والسنديان والبندق والقراص والقنب. وأكدت المراجع العالمية أن الرياح تسهل انتشار حبوب اللقاح، لأن العناصر الذكرية التي تنتج حبوب اللقاح تتعرض للرياح والهواء، أو لأن حبوب اللقاح يتواجد في الأجزاء العلوية من الأشجار والنباتات.
صدرت هذه الحقائق العلمية في القرآن الكريم على نبي أمي وليس عالمًا في النباتات، فهذه الحقيقة وحدها كافية لتدبر الإنسان في آيات الله والقرآن الكريم ويتعظ بها ويعبد الله وحده.
الإعجاز العلمي في هذه الآية
تكمن أهمية الإعجاز العلمي في كشف الله عز وجل عن أن الرياح تلعب دورا في عملية التلقيح الريحي للنباتات، وقد كشف عن ذلك العلماء في القرون الأخيرة، وأظهرت المراجع أن التلقيح الريحي يحدث في النباتات التي تحوي أزهارا غير مميزة ولا تحتوي على ألوان أو رحيق يشكل عامل جذب للحشرات. وبالتالي، تحمل الرياح اللقاح الجاف الخفيف الوزن وتنقله عبر مسافات واسعة ليصل إلى الجزء الأنثوي.
ذكر الرياح بغير مواضع في القرآن الكريم
تم ذكر الرياح في القرآن الكريم أربع عشر مرة في أربع عشر سورة، ويمكن أن تكون إما كبشرى للعباد بالمطر والخير من الله عز وجل، أو كدمار للقوم الذين تكبروا في الأرض وعثروا فيها فسادا، وللرياح دور كبير في إنشاء السحب وتشكيلها ورفع بعضها فوق بعض لتصل للطبقات العليا، كما تساعد على تفريق الشحنات الكهربائية
قال تعالى: الله هو الذي يرسل الرياح فتثير السحاب، فيبسطه في السماء كيفما يشاء، ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله. فإذا أصاب به من يشاء من عباده، إذا كانوا يفرحون ويتباشرون. هذا ما ذكر في سورة الروم، وقد سبق الأبحاث العلمية الحديثة التي أكدت دور الرياح، وهذا الأمر يؤكد عجز الله في القرآن الكريم
ومن وظائف الرياح كما ذكرات المراجع التعليمية الحديثة ما يلي:
- يتم توليد الرذاذ في الأطراف العلوية من الأمواج بسبب إثارة سطح الماء
- حمل السحب بعد أن يتشكل، ورفع السحب على الرغم من ثقله، وهو يتضمن بخار الماء ونقله إلى الطبقات العليا من الجو
- سوق السحب وتراكمها فوق بعضها البعض والجري مع السحاب
- تشير إلى توزيع الغيوم المطيرة على مناطق مختلفة من الأرض
وقد قسم الله وظائف الرياح كما تكون بالترتيب في سورة الذاريات عندما قال: وَٱلذَّٰرِيَٰتِ ذَرۡوٗا (1) فَٱلۡحَٰمِلَٰتِ وِقۡرٗا (2) فَٱلۡجَٰرِيَٰتِ يُسۡرٗا (3) فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا (4)، حيث اقسم الله بالرياح التي تثير الغبار ثم الرياح التي تحمل السحب المشبعة ببخار الماء إلى الطبقات العليا من الجو بالتيارات الرأسية ثم بالرياح التي تجري بالسحب والغيوم بلين ويسر، واخيرًا الرياح التي توزع الغيوم المطيرة على مناطق الارض المختلفة، فإما يكون فيها رحمة او عذاب، وقد تطابقت آيات الله وتسلسل مراحل تشكل الرياح مع ما توصلت إليه العلوم الحديثة بعد اربعة عشر قرنًا.