الاعتداء في الدعاء
اللجوء إلى الله تعالى هو طبيعي، فالله خلق العباد على هذا، وهو أمر معروف من الدين، كما أن الدعاء عبادة عظيمة، وهو أحد أفضل الأعمال الصالحة والقربات. وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء هو العبادة، كما روى ذلك أبو داود وغيره من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه .
معنى الاعتداء في الدعاء
أن يدعو الشخص بدعاء غير شرعي فهذا يعتبر اعتداء، وإما أن يرفع صوته في مكان غير المكان المناسب له، حيث يجب أن يسكت أو يأتي ويتوسل بأمور غير مشروعة، أو أن يدعو على من لا يستحق الدعاء، فكل هذه الأفعال تعتبر اعتداء. ولذلك، في الحديث الصحيح يقول النبي عليه الصلاة والسلام: “ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يستجاب دعاؤه في الدنيا، وإما أن يؤجل له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه الشر مثله .
يعتبر الجهر في الصلاة في مكان غير مشروع لهجر، حيث يمكن أن يشوش المصلين الآخرين. لذلك، يجب عدم الجهر في الصلاة إلا في الأماكن التي يسمح بها الشرع، مثل الدعاء في السجود أو بين السجدتين أو في آخر التحيات، وتكون الصلاة بذلك أفضل .
يعني هذا أنه ينبغي للمؤمن أن يتحلي بالتقشف في الصوت أثناء الدعاء، إن لم يكن في وضع السجود أو التحيات أو في أي وقت، ويجب أن يكون الدعاء سرًا بينه وبين ربه .
إن هذه العبادة الشريفة التي تقـــرب الـعـبـد إلى ربه تبارك وتعالى قد يشوبها ما يجعلها موجبة لمقت الله عز وجل وغضبه ، قال الله تـعالى (ادعوا ربكم تضرعاً وخُفْيَةً إنه لا يحب المعتدين) ، فهذه الآية تضمنت الأمر بالـدعــــاء بالوصفين المذكورين أولاً ، كما تضمن ما يدل على النهي وذلك في قوله (إنه لا يحب المعتدين) ، فهذا يدل على النهي عن الاعتداء في الدعاء .
صـور من الاعـتـداء في الـدعـاء
تحتوي العديد من الأدعية على صور للاعتداءات، وفي هذه المقالة سنذكر بعضًا من هذه الصور بما في ذلك:
أن يحتوي الدعاء على أي نوع من الشرك هو من أسوأ أنواع الاعتداء والأكثر شناعة، لأن الدعاء هو عبادة لا يجوز توجيهها إلى غير الله عز وجل .
يعني طلب الداعية نفي ما ذُكِر في القرآن والسنة بوجود شيء معين، مثل دعوته للكافر بأن يتجنب العذاب أو النار .
أن يطلب ثبوت ما يدل عليه السمع، مثل أن يدعو لمؤمن أن يلعنه الله في النار، أو يدعو لكافر أن يدخله الله الجنة .
أن يتوجه الإنسان إلى ربه بالدعاء للخلود إلى يوم القيامة، أو للاطلاع على الغيب، أو للحصول على العصمة من الأخطاء والذنوب بشكل عام .
يشمل طلب الإثبات على عكس ما يدل عليه العقل تجاهه، مثل طلب الله أن يجعله في مكانين في نفس الوقت أو الحضور للحج والمرابطة في الثغور في نفس الالوقت .
من الأمور التي يُمكن أن يُطلبها المرء وتُعتبر مُحالًا هي طلب الرب بأن يرفع عنه حاجات البشرية كالطعام والشراب، أو يُطلب الولد دون الزواج، أو طلب التخلص من النفس .
يعد الدعاء على شخص لا يستحق ذلك، أي يدعى عليه ظلمًا، صورة من صور الاعتداء في الدعاء .
يعد طلب تحصيل المحرم شرعًا مثل السؤال من الله أن ييسر للإنسان الحصول على خمر ليشربها، أو خنزير ليأكله، أو امرأة ليزني بها، أو مالًا يسرقه، أو وقتًا ومالًا للسفر إلى بلاد الكفر والفسق دون حاجة ملحة .
إذا رفع الإنسان صوته في الدعاء فوق الحاجة، فالأصل في ذلك هو الإسرار بالمناجاة، كما قال تعالى “ادعوا ربكم تضرعًا وخفية .
يجب أن يدعو ربه بدعاءٍ متيقنٍ ومتأكدٍ كما لو أنه لا يحتاج إلى أي شيء .
عدم تسمية الله بأسماء أخرى غير التي أذن بها، وعدم إثناء عليه بما لم يثن عليه به نفسه .
عدم المناسبة للإنسان أن يسأل عن ما لا يتعلق به، مثل السؤال عن منازل الأنبياء، أو أن يكون ملكًا لا يحتاج إلى طعام ولا شراب، أو أن تعطى له خزائن الأرض، أو يكشف له عن الغيب، أو أي ميزات تتعلق بالربوبية أو النبوة .
يتضمن ذلك تكرار الكلام الذي لا حاجة له، والتطويل في تفسير العبارات، والإفراط في ذكر التفاصيل .
القصد من البكاء، كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، هو الرغبة في البكاء، وليس بسبب غلبة البكاء، بل هو أمر يعتمد عليه ويطلب .
أن يتخذ دعاءا ليس من الوارد في الكتاب والسنة النبوية ويصير ذلك شعارا له يداوم عليه .
إن للدعاء آداباً منها عدم الاعتداء في الدعاء ، والاعتداء في الدعاء هو طلب مالا يكون أو ما لا ينبغي أن يكون فمثال الأول دعاء المستحيلات فيحرم على الإنسان حال دعائه أن يطلب المستحيلات ، كأن يدعو الله أن يجعل له ولدا بغير جماع ، فهذا من الاعتداء في الدعاء ، ومن الاعتداء دعاء ما لا ينبغي أن يكون كمن يدعو بإثم أو بقطيعة رحم أو بمعصية .