الإمبراطورة ” وو شتيان ” المثيرة للجدل
: الإمبراطورة “وو شتيان” أو “تيان هو” هي الإمبراطورة الأكثر جدلا في التاريخ الصيني، حيث اعتلى العرش من خلال زوجها ابن الإمبراطور جاوزونج، وكانت أول امبراطورة تحكم الصين في عام 690 بعد أن حكمت بدلا من زوجها في الفترة من 665-690، وقدمت العديد من الإنجازات لشعبها، ولكنها ما زالت تثير الجدل بسبب اتهامات بأنها قتلت أولادها من أجل الحكم، ومع ذلك، بعض الناس يرونها كحاكمة ساعدت في إيجاد حياة رفاهية لشعبها، وسوف نتعرض لهذه النقاط بالتفصيل في الأسطر القادمة.
خادمة أم محظية في البلاط الملكي ؟
تشير جميع الروايات التي ذكرها المؤرخون إلى أن البداية الحقيقية لـ `وو شتيان` كانت من خلال عملها كخادمة في البلاط الملكي، تعمل على تنظيف الغرف الملكية للإمبراطور وابنه. وهناك روايات تشير إلى أنها كانت محظية من بين 28 محظية أخرى لابن الإمبراطور. إلا أنها كانت الأذكى، حيث استطاعت في فترة قصيرة التقرب من ابن الإمبراطور، وكان يدعى `قاو لي`. والسبب الرئيسي لانفصاله عن زوجته بعد استخدامها للحيل والألاعيب، حيث قررت `وو شتيان` منذ اللحظة الأولى لدخول قصر الإمبراطور أن تصبح السيدة الأولى في ذلك القص.
الأسطورة الغامضة:
تعد `وو شتيان` من الأساطير الغامضة التي تثير الكثير من الروايات. تختلف وجهات نظر المؤرخين حول كيفية وصول `وو شتيان` إلى الحكم. وفقا للرواية الأولى، كانت `وو شتيان` خادمة في قصر الإمبراطور، وبعد وفاة والدتها، رأت في جنازتها شابا وسيما أعجبت به، لكنها لم تتمكن من التقرب منه أو معرفة هويته. ثم قامت بقتل أخيها وأختها تباعا. وعندما علم ابن الإمبراطور بذلك، واجهها بجريمتها التي لم تنكرها. أعجب بها `قاو لي` وقرر الزواج منها.
أما بحسب الرواية الثانية: كانت `وو شتيان` سابقا محظية في البلاط الملكي، حيث وضعتها زوجة ابن الإمبراطور الذي أصبح فيما بعد إمبراطورا. وقد كانت تعلم أنها كانت تفضلها وأنها كانت ترغب في أن يشتغل بها ويهمش محظية أخرى. لكنها لم تكن تدرك حينها أنها قد وضعت عدوا لها داخل القصر. قامت `وو شتيان` بالتقرب من الإمبراطور وتمكنت من حمله وإنجاب ابنة. وبقسوتها ووحشيتها المفرطة، كانت تأمل في تحقيق أهدافها بقتل ابنتها وإلقاء اللوم على زوجة الإمبراطور وعشيقتها. فألقي القبض عليهما وسجنا. وفي غضون فترة قصيرة، أصبحت `وو شتيان` زوجة الإمبراطور وقامت بتنفيذ أقصى عقوبة على زوجته السابقة وعشيقتها، حيث أمرت بتقطيعهما ورميهما في البحر.
دماء على سلالم العرش والإمبراطورية:
لم تنته طموحات `وو شتيان` عند هذا الحد ولم تكتف بأن تكون زوجة الإمبراطور، بل كانت تسعى إلى هدف أكبر. سعت لتصبح الإمبراطورة ووريثة عرش الصين. يقول المؤرخون إنها قامت بإزاحة الجميع من طريقها، حتى أبنائها، دون أن تتأثر بمشاعر الأمومة حتى للحظة واحدة، لتحقيق هدفها.
وفقا للروايات، قامت `وو شتيان` بقتل ابنها الأكبر، ولي العهد `لي هونج`، وبعدها نفت ابنها الثاني خارج البلاد بتهمة الخيانة والقتل. وبعد وفاة والده، الإمبراطور، لم يتبق أمامها سوى الابن الأصغر الذي اضطرته للتنازل عن العرش. وبذلك أصبحت `وو شتيان` الإمبراطورة ووريثة العرش، على الرغم من معارضة الجميع.
بعد هذا الصراع الطويل، أصبح السؤال الأكثر أهمية هو ما إذا كانت `وو شتيان` قد حققتإنجازات تستحق الذكر في التاريخ؟
على الرغم من تصرفات “وو شتيان” الغير مسؤولة والتي توصف بأنها مثيرة للجدل، إلا أن هذه السيدة قدمت إنجازات مذهلة لشعبها، مثل الاهتمام بالقطاع الزراعي وتحسين أوضاع المزارعين والعمل على توزيع كتيبات زراعية وضعت نظاما منظما للضرائب.
وكذلك ساهمت في تطوير عملية الطباعة، فظهرت في عصرها الكلمات المطبوعة، كما أنها أضافت بعض الحروف للغة الصينية تم تسميتها بحروف “شتيان” وكذلك ساهمت في ازدهار حركة التجارة فقد أعادت لطريق الحرير الحياة بافتتاحه مرة أخرى بعد أن توقفت فيه حركة المرور نهائيًا ولفترة طويلة بسبب انتشار مرض الطاعون في ذلك الوقت.
لذلك لا نستطيع إلا أن نقول أن فترة حكم “وو شتيان” هي فترة مزدهرة في حياة الشعب الصيني أثرت فيه وعملت على ازدهار جميع المجالات الاقتصادية للدولة إلا أنها استخدمت في سبيل ذلك الأساليب الأكثر وحشية ودموية عبر التاريخ، لذلك ظلت وستظل الإمبراطورة “وو شتيان” هي الإمبراطورة المثيرة للجدل