الأتابكة مؤسسي الدولة الزنكية
عصر الدولة العباسية كان مليئًا بالصراعات والاضطرابات التي نتجت عن الأهواء الشخصية وهجوم الصليبين على البلاد، وخلال هذا الوقت ظهرت الدولة الزنكية بقيادة مؤسسها عماد الدين زنكي، والتي كانت معروفة أيضًا باسم دولة الأتابكة، وذلك نسبة إلى الأتابك .
معنى كلمة أتابكة
الأتابكة هي جمع أتابك، وقد أتت تلك الكلمة من لفظين تركيين وهما ” أتا ” بمعنى الأب أو المبي، و ” بك ” بمعنى الأمير، أي أن أتابك بمعنى ” مربي الأمير “، وفيما بعد صارت تستعمل هذه الكلمة للدلالة على الملك أو الوزير الكبير أو الأمراء البارزون، وفي عهد المماليك كانت تطلق على كل من تعهد إليه إمارة العسكر .
بداية استخدام لقب أتابك
كان “نظام الملك” وزير السلطان ملك شاه السلجوقي هو أول من أطلق عليه لقب أتابك، وذلك بعد أن وكل إليه تدبير المملكة عام 465 هـ، وكان السلاجقة يعهدون بتربية أبنائهم لأشخاص محددين من القادرين وكبار رجال الدولة، وكان يطلق على هؤلاء الأشخاص لقب أتابك .
كان الأتابك يظهرون كثيرًا نزعة للاستفادة من نفوذهم للتسلط على الأمير، ولقد نجح بعض الأتابك في استغلال ضعف الدولة والنزاعات التي كانت تندلع بين أبناء الأسرة السلجوقية، حيث كانوا يستطيعون في ظل تلك الظروف الانفراد بالسلطة على المناطق التي تحت حكمهم .
عوامل ظهور الدولة الزنكية
تحجيم دور الخلافة العباسية
تضعف دور الخلافة العباسية بشكل كبير منذ نهاية القرن الثالث الهجري، وذلك بسبب ظهور العديد من الدول الانفصالية المستقلة، ودخول شعوب جديدة في المجتمع الإسلامي، وتمكنوا من الوصول إلى الحكم، وقد تأثر الخلافاء بتلك الدول والشعوب .
الخلاف بين السلاجقة والدولة العباسية
تعود بداية العلاقات بين السلاجقة والعباسيين إلى عام 429 هـ، وذلك بعد إعلان طغرلبك لقيام دولته في خراسان، وبقيت العلاقات جيدة بينهما لمدة تقرب من 18 عاما، ولكن عندما تمت السيطرة على العراق من قبل السلجوقيين واستولى طغرلك على بغداد، بدأت الصراعات بين العباسيين والسلاجقة تتزايد .
الصراع بين السلاجقة والدولة العبيدية
تقسم العالم الإسلامي لقرنين من الزمان بين مذهبين، حيث كان السلاجقة من أصحاب المذهب السني، بينما كان العبيدييين من أصحاب المذهب الشيعي الإسماعيلي، ونشأ صراع طويل بينهما .
هجوم الصليبيين
وصلت الحروب الصليبية إلى الشرق واستغلوا ضعف الدولة الإسلامية وتفرقها، وتمكنت حملة الصليبية الأولى من إسقاط نيقية، عاصمة سلطنة سلاجقة الروم، وأسست إمارة الرها الصليبية وأنطاكية ومملكة بيت المقدس وطرابلس .
أشهر دول الأتابكة
أتابكة فارس أو السلغريون
مؤسس هذه الأتابكة هو سنقر بن مودود، حفيد سلغر حاجب طغرل بك السلجوقي، وقد حكمها أحد عشر أتابكا وبقوا في السلطة لمدة قرن ونصف، وأغلبهم حملوا لقب مظفر الدين، واعترفت هذه الأتابكة في فترات حكمها بسلطة السلاجقة في العراق والدولة الخوارزمية ومن ثم المغول .
أتابكة يزد في فارس
سام بن وردان هو المؤسس الأصلي لهذه الأتابكة بعد أن عيّنه السلطان سنجر السلجوقي واليًّا على يزد. استمرت هذه الأتابكة في الحكم حتى نهاية القرن السابع الهجري، ثم تم القضاء عليها من قبل الإيلخانيون .
أتابكة كرمان
براك حاجب هو مؤسس الأتابكة وأحد قادة دولة الخطا، وخضعت هذه الأتابكة اسميًا للخوارزميين خلال عهد جلال الدين منكبرتي، وبعد ذلك خضعت للمغول للتخلص من سلطة جلال الدين .
أتابكة دمشق
تأسست دولة الأتابكة السلجوقية على يد أحد أتابكة السلطان السلجوقي توغرل بن بسلجوق، وكانوا يُعرفون باسم أتابكة البوريون. وجاء الاسم من تاج الدين بوري بن طغتكين، الذي كان يُعتبر رمزًا للأتابكة. لم تدم حكمهم إلا خمسين عامًا تقريبًا قبل أن يتم الإطاحة بهم على يد نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي .