اكتشاف مركب داخل جسم الإنسان يمنع الفيروسات من التكاثر
قد حدد فريق من الباحثين طريقة عمل إنزيم الفايبيرين، وهو إنزيم يحدث بشكل طبيعي في البشر وغيرهم من الثدييات، ومعروف بتأثيراته المضادة للفيروسات على فيروسات مثل فيروس غرب النيل والتهاب الكبد C وداء الكلب وفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز). ويمكن لهذا الاكتشاف أن يمهد الطريق لتطوير دواء يكون فعالا ضد مجموعة متنوعة من الفيروسات، بما في ذلك فيروس زيكا .
تم اكتشاف مركب داخل جسم الإنسان يحول دون تكاثر الفيروسات
يمكن لأحدث الأدوية المضادة للفيروسات أن تستفيد من مركب يتم إنتاجه في الجسم البشري، وقد تمكن فريق من الباحثين من تحديد طريقة عمل الفايبيرين (viperin)، وهو إنزيم موجود بشكل طبيعي في البشر والثدييات الأخرى. يسهل هذا الإنزيم تفاعلا يؤدي إلى تكوين جزيء ddhCTP، الذي يعيق نسخ المواد الجينية للفيروسات وبالتالي تكاثرها. يمكن لهذا الاكتشاف أن يمهد الطريق لتطوير دواء يحفز جسم الإنسان على إنتاج هذا الجزيء، ويمكن أن يكون علاجا فعالا لمجموعة متنوعة من الفيروسات. تم نشر الدراسة المتعلقة بهذا الاكتشاف على الإنترنت في 20 يونيو في مجلة الطبيعة (Natur) .
أكد البروفيسور كريغ كاميرون، الذي يدرس الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية في جامعة ولاية بنسلفانيا وهو مؤلف هذه الدراسة، أن viperin لديه تأثيرات واسعة مضادة للفيروسات من خلال نشاط أنزيمي معين، وأوضح الأساتذة تايلر جروف وستيفن ألمو من جامعة ألبرت أينشتاين للطب، اللذان شاركا في الدراسة، أن viperin يحفز التفاعل الذي يؤدي إلى إنتاج جزيء يسمى ddhCTP، وأظهر الفريق في جامعة بنسلفانيا تأثيرات هذا الجزيء، والمثير للدهشة هو أن الجزيء يعمل بنفس طريقة الأدوية التي تم تطويرها لعلاج فيروسات مثل فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد C، ويأملون في تصميم مضادات فيروسية أكثر فعالية .
الفيروس
عادة ما يتشارك الفيروس مع كتل البناء الوراثية الخاصة بالمضيف لنسخ المادة الوراثية الخاصة به، والتي تتضمن جزيئات تسمى النيوكليوتيدات في خيوط جديدة من الحمض النووي الريبي، ويحاكي الجزيء ddhCTP هذه اللبنات النوكليوتيدية ويندمج في جينوم الفيروس، وبمجرد دمجها في خيط جديد من الحمض النووي الريبي للفيروس، تمنع هذه النظائر ” النوكليوتيدية ” إنزيما يدعى RNA polymerase من إضافة المزيد من النوكليوتيدات إلى الخيط، وبالتالي منع الفيروس من صنع نسخ جديدة من مادته الوراثية .
ومعظم النواقل النووية المتواجدة في السوق هي من صنع الإنسان، ومع ذلك، غالبا ما تحدث مضاعفات عند استخدام هذه الأدوية الاصطناعية، نظرا لأن النواقل النووية تستخدمها العديد من البروتينات والإنزيمات في الخلية، وهناك العديد من الفرص للنواقل النووية للتدخل في وظيفة الخلية الطبيعية .
العقبة أمام تطوير النوكليوتيدات
قال جيمي آرنولد أستاذ الأبحاث في الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية في جامعة ولاية بنسلفانيا ومؤلف في الدراسة : ” إن العقبة الرئيسية أمام تطوير النوكليوتيدات المضادة للفيروسات المفيدة علاجيا هي أهداف غير مقصودة، على سبيل المثال قبل بضع سنوات اكتشفنا أن نظير النيوكليوتيد قيد التطوير لعلاج التهاب الكبد C يمكن أن يتداخل مع إنتاج الحمض النووي الريبي في الميتوكوندريا، والعضيات التحت خلوية الهامة لإنتاج الطاقة في خلايا المريض الخاصة، وهذا يعني أن الأشخاص الذين يعانون من خلل في الميتوكوندريا هم عرضة لأي آثار سلبية لهذا التداخل غير المقصود “، ومع ذلك لا يبدو أن ddhCTP للجزيء يحتوي على أي أهداف غير مقصودة، ويشك فريق البحث أن الأصل الطبيعي للمركب داخل جسم الإنسان يستلزم أن يجعله غير سام .
فوائد الإنزيم
قال كاميرون : ” على عكس العديد من عقاقيرنا الحالية، يتم ترميز ddhCTP بواسطة خلايا البشر والثدييات الأخرى، ولقد قمنا بتصنيع النظائر النيوكليوتيدية لسنوات، ولكن هنا نرى أن الطبيعة فاجئتنا واستطعنا خلق نظير نيوكليوتيد يمكن أن يتعامل مع فيروس في الخلايا الحية ولا يحمل أي سمية حتى الآن، وإذا كان هناك شيء ما هناك من المحتمل أن تكون الطبيعة قد فكرت في الأمر أولا، لذا علينا فقط العثور عليه “، وللتحقق من فاعلية ddhCTP، أظهر فريق البحث أن الجزيء يثبط بوليمرات الحمض النووي الريبي لفيروس حمى الضنك وفيروس غرب النيل وفيروس زيكا، وكلها في مجموعة من الفيروسات تسمى فيروسات الفلاف، ثم قاموا بالتحقيق فيما إذا كان الجزيء قد أوقف عملية تكرار فيروس زيكا في الخلايا الحية .
اكتشافات الباحثون
أفادت الأستاذة المساعدة في الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية في جامعة ولاية بنسلفانيا، جويس خوسيه، بأن الجزيء المعروف باسم ddhCTP قد منع تكاثر ثلاث سلالات مختلفة من فيروس زيكا، وكان فعالا بنفس القدر ضد السلالة الأصلية التي ظهرت عام 1947، وضد اثنتين من سلالات الفيروس التي ظهرت في 2016، مما يشكل نتيجة واعدة لأنه لا يوجد علاج لفيروس زيكا حتى الآن. وتسلط هذه الدراسة الضوء على طريقة جديدة للبحث في المركبات الطبيعية مثل ddhCTP وإمكانية استخدامها في العلاجات المستقبلية، كما أن هذه النتائج تظهر آثار واعدة لمضادات الفيروسات المستمدة من ddhCTP على مجموعة متنوعة من فيروسات الفلاف (flavivirus) .
على الرغم من ذلك، فإن حمض الريبوز النووي لفيروسات الإنفلونزا البشرية وفيروس شلل الأطفال، والتي تنتمي إلى مجموعة تسمى البيكورنافيروس، لم يتم اكتشاف حساسيتها لجزيء ddhCTP. يخطط الباحثون لدراسة بنية البوليميراز لهذه الفيروسات لفهم سبب حساسية فيروسات الإنفلونزا. هذه الدراسة قد توفر فهما أفضل لكيفية تطوير فيروسات الإنفلونزا المقاومة للعلاج ، وقد صرح الباحث كاميرون بأن تطوير المقاومة للمضادات الحيوية هو دائما تحديا ، لذلك فإن فهم كيفية حدوث المقاومة أو القدرة على منع حدوثها سيكون مهما جدا إذا تم استخدام ذلك كعلاج واسع النطاق .
المصدر : ساينس ديلي