الطبيعةالطقس

اكتشاف جديد قد يؤدي إلى تحسين المناخ العالمي

لا يأتي كل النيتروجين على الكوكب من الغلاف الجوي، فوفقًا لدراسة جديدة، يأتي ما يصل إلى ربع النيتروجين من باطن الأرض، ويمكن أن يحسن هذا الاكتشاف كثيرًا من توقعات تغير المناخ العالمي .

اكتشاف جديد قد يساهم في تحسين المناخ العالمي
لعدة قرون أشار العلم السائد إلى أن جميع النيتروجين المتاح على الأرض يأتي من الغلاف الجوي، ولكن وفقا لدراسة تمت في جامعة كاليفورنيا – ديفيس، تشير إلى أن أكثر من ربع النيتروجين يأتي من باطن الأرض، ووجدت الدراسة التي نشرت في 6 أبريل في مجلة العلوم، أن ما يصل إلى 26 في المائة من النيتروجين في النظم البيئية الطبيعية مصدره الصخور، أما الجزء المتبقي فيأتي من الغلاف الجوي، وقبل هذه الدراسة كان إدخال هذا النيتروجين إلى نظام الأرض العالمي غير معروف، ويمكن لهذا الاكتشاف أن يحسن بشكل كبير توقعات تغير المناخ، التي تعتمد على فهم دورة الكربون، وقال الباحثون إن هذا المصدر الجديد للنيتروجين يمكن أن يغذي دورة الكربون على الأرض، مما يسمح للنظم البيئية بسحب المزيد من الانبعاثات من الغلاف الجوي .

صرح الباحث الرئيسي في الدراسة، بين هولتون، الذي يعمل أستاذا في جامعة كاليفورنيا ديفيس في قسم علوم الأرض والهواء والموارد المائية وهو أيضا مدير معهد ديفيس موير، بأن دراستنا تشير إلى أن النيتروجين الجوي يعتبر مصدرا عالميا هاما لتغذية التربة والنظم البيئية في جميع أنحاء العالم. يتعارض هذا الاكتشاف مع النموذج الذي استمر منذ قرون والذي وضع الأسس للعلوم البيئية. ونعتقد أن هذا النيتروجين يمكن أن يساهم في تمكين الغابات والمراعي من تخزين انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري بنسبة أكبر مما كان يعتقد في السابق .

الطقس هو المفتاح
تحتاج النظم الإيكولوجية إلى النيتروجين والمواد المغذية الأخرى لامتصاص تلوث ثاني أكسيد الكربون، وهناك قدر محدود منه متاح من النباتات والتربة، وإذا كانت كمية كبيرة من النيتروجين تأتي من الصخور، فهي تساعد في تفسير كيف أن النظم الإيكولوجية الطبيعية مثل الغابات الشمالية قادرة على امتصاص مستويات عالية من ثاني أكسيد الكربون، ولكن ليس فقط أي صخرة يمكن أن يستخرج منها النيتروجين، حيث يتم تحديد توافر النيتروجين الصخري عن طريق التجوية، والتي يمكن أن تكون مادية من خلال الحركة التكتونية، أو كيميائية مثلما تتفاعل المعادن مع مياه الأمطار .

وهذا هو الدافع الأساسي لتباين تجوية النيتروجين الصخري بين المناطق والتضاريس المختلفة. تشير الدراسة إلى أن هناك مناطق واسعة في إفريقيا لا تحتوي على صخور غنية بالنيتروجين، بينما تتميز خطوط العرض الشمالية بمستويات عالية من تجوية النيتروجين الصخري. تقديرات تشير إلى أن المناطق الجبلية مثل جبال الهيمالايا والأنديز تعتبر مصدرا هاما لصخور النيتروجين، وهذا يعد مهما بالنسبة لمعدلات الطقس العالمية والمناخ. بالإضافة إلى ذلك، تسجل الأراضي العشبية والتندرا والصحارى والغابات مستويات عالية من تجوية النيتروجين الصخري .

الجيولوجيا وعزل الكربون
يمكن أن تساهم خرائط توزيع المواد الغذائية في الصخور في تعزيز قدرتها على امتصاص الكربون وبالتالي تعزيز اعتبارات الحفظ البيئي. قد تكون المناطق التي تحتوي على مستويات أعلى من النيتروجين الجوي قادرة على عزل مزيد من الكربون. وقد ذكر هولتون أن للجيولوجيا سيطرة كبيرة على الأنظمة التي تتعامل مع ثاني أكسيد الكربون. وعندما نفكر في تخزين الكربون، يمكن أن تساعد جيولوجيا الكوكب في توجيه قراراتنا بشأن ما يجب أن نحفظه .

فجوة غامضة
يوضح العمل أيضا ” حالة النيتروجين المفقود “، حيث أنه على مدى عقود أدرك العلماء أن المزيد من النيتروجين يتراكم في التربة والنباتات مما يمكن تفسيره من خلال الغلاف الجوي وحده، لكنهم لم يتمكنوا من تحديد ما هو مفقود، ويقول الكاتب المشارك في الدراسة سكوت مورفورد، وهو طالب دراسات عليا في جامعة كاليفورنيا ديفيس : ” هناك ما يكفي من النيتروجين في الصخور، وينهار بسرعة كافية لتفسير الحالات التي كانت بها هذه الفجوة الغامضة ” .

في الدراسة السابقة، قام فريق البحث بتحليل عينات من الصخور القديمة التي تم جمعها من جبال كلاماث في شمال كاليفورنيا. اكتشفوا وجود كميات كبيرة من النيتروجين في الصخور والأشجار المحيطة بها. استنادا إلى هذا العمل، قام المؤلفون في الدراسة الحالية ببناء نموذج لتحليل توزيع النيتروجين على الأرض وتقييم توافر النيتروجين الصخري على نطاق عالمي. يقول الباحثون إن هذا العمل لا يؤثر على المزارعين والبستانيين الذين يعتمدون بشكل كبير على النيتروجين في أشكاله الطبيعية والاصطناعية لزراعة الأغذية. أشار البحث السابق إلى إمكانية عودة بعض نترات المياه الجوفية إلى مصادرها الصخرية، ولكن هناك حاجة لإجراء مزيد من الأبحاث لفهم الأمر بشكل أفضل .

إعادة كتابة الكتب المدرسية
صرحت كندرا ماكلوشلان، مديرة البرامج في قسم البيولوجيا البيئية بمؤسسة العلوم الوطنية، التي شاركت في تمويل البحث: `هذه النتائج ستستدعي إعادة صياغة الكتب المدرسية، إذ على الرغم من وجود تلميحات بأن النباتات يمكن أن تستخدم النيتروجين المستمد من الصخور، إلا أن هذا الاكتشاف يقضي على النموذج الحالي الذي يفترض أن الغلاف الجوي هو المصدر النهائي للنيتروجين المتاح .

وتتابع : يُعَد النيتروجين أهم عنصر غذائي محدد على الأرض، وتعتمد البشرية حاليًا على النيتروجين الجوي لإنتاج ما يكفي من السماد للحفاظ على الإمداد الغذائي العالمي، وسيؤدي هذا الاكتشافإلى فتح حقبة جديدة من الأبحاث حول هذه المغذيات الأساسية .

تم تمويل هذه الدراسة من قسم علوم الأرض التابع لمؤسسة العلوم الوطنية، وشعبة البيولوجيا البيئية التابعة لها، بالإضافة إلى مؤسسة أندرو دبليو ميلون .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى