الاستخدام المثلى للدواء هو ما يجعله أكثر فعالية وقدرة على تحقيق الهدف المرجو منه. وربما يكون تأثير الدواء الأكثر فعالية هو تأثره بالبيئة المحيطة بعد ابتلاعه. ولذلك ، يتكرر دائما استفسار المرضى حول متى يجب تناول الدواء، هل قبل الطعام أم بعده، وكم هي المدة المسموحة لتناول الدواء ولماذا. وغالبا ما تكون الإجابة غير واضحة أو متناقضة لأنها لا تستند إلى أساس علمي صحيح، بل تعتمد على المعتاد في الأوساط. ولذلك، في هذه المقالة سنوضح بعض الأسرار والخلفيات وراء تناول الدواء مع الطعام أو قبله أو بعده والسبب في ذلك ..
♥ العوامل المؤثرة : يعتمد تناول الدواء قبل الطعام أو بعده على عدة عوامل، مثل امتصاص الدواء وتأثيراته الجانبية على الجهاز الهضمي والمعدة والأمعاء، وأيضا ما إذا كان هناك تداخل فعلي بين الدواء والطعام. سنشرح كل عامل بتفصيل أكثر فيما يلي
1♥ امتصاص الدواء : يجب العلم بأن الدواء يمتص بشكل أفضل إذا كان في شكله الكيميائي الأصلي من دون أن يتحول إلى جزيئات صغيرة، وذلك لأن الأغشية المبطنة للمعدة والأمعاء لها طبيعة دهنية، ويتمكن الدواء من اختراق هذه الأغشية بشكل أفضل إذا كان في شكل غير مؤين، وكذلك يتعلق الشكل غير المؤين بطبيعة الدواء، سواء كانت طبيعته حمضية أو قلوية
◄ الطبيعة الحمضية : يفضل استخدام الأدوية ذات الطبيعة الحمضية مع الطعام أو بعد تناوله مباشرة، لأن المعدة لديها وسطا حامضيا، وبالتالي فإن الدواء الحمضي يخترق غشاء المعدة ويبقى فيها دون أن يتأين، لأن وفقا للمعلومات الكيميائية، فإن الوسط الحمضي لا يستطيع تحويل المركبات الحمضية إلى أيونات، وبالتالي يبقى الدواء بتركيبته الأصلية، وبالتالي يعطي فعاليته القصوى. ولكن، ما هي علاقة الطعام في ذلك؟ يجب أن نعلم أن المعدة تحتاج إلى ساعتين لهضم الطعام وتحويله إلى جزيئات صغيرة تنتقل إلى الأمعاء، وبالتالي، فإن تناول الدواء الحمضي مع الطعام يبقيه في المعدة لنفس الفترة، وبالتالي يحقق فعاليته بشكل أفضل ويتمكن من تحقيق تأثيره الحقيقي .
♦ الادوية ذات الطبيعة الحمضية هى : تحتوي بعض الأدوية على الأسبرين، مثل الأوجمنتين الذي يحتوي على حمض الساليسيليك (الأسبرين)، وكذلك بعض أدوية ضغط الدم مثل الكابوتريل، بالإضافة إلى الإيبوبروفين والديكلوفيناك وجميع الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) والمضادات الحيوية التي تحتوي على البنسلينات أو السيفالوسبورينات، مثل الأموكسسيلين والسيفادروكسيل والسيفوبيد وغيرها .
◄ الطبيعة القلوية : يفضل استخدام الأدوية ذات الطبيعة القلوية قبل الطعام بنصف ساعة أو بعده بساعتين على الأقل، وذلك لأن الدواء القلوي يفضل امتصاصه في الأمعاء ذات الوسط القلوي، الذي لا يسمح له بالتأين ويحافظ على صورته غير المتأينة، وبالتالي يحقق الفعالية الكبرى. ولذلك، يجب تناول الدواء القلوي قبل تناول الطعام بنصف ساعة أو بعده بساعتين، حتى لا يتم احتباسه في المعدة لفترة طويلة، وبالتالي يتحول إلى أيونات ويفقد جزءا كبيرا من فعاليته، ولكن يجب أن يتم تناوله على معدة فارغة من الطعام حتى يتمكن من الوصول إلى الأمعاء بسرعة ويحافظ على صورته وفعاليته بشكل كامل .
♦ الادوية ذات الطبيعة القلوية : تحتوي المضادات الحيوية التي تحتوي على مجموعة الكينولون، مثل السيبروفلوكساسين، وكذلك مجموعة التتراسيكلين والماكروليدات، بالإضافة إلى بعض الأدوية التي تحتوي على مثبطات البروتون، مثل الأوميبرازول واللانسوبرازول، وبعض الأدوية التي تعالج الضغط المرتفع، مثل الأتينولول والبروبرانولول، وأدوية مضادة للتشنج والتهدئة العصبية والعضلية، وكذلك مضادات الهيستامين والاحتقان .
2♥ الاثار الجانبية للدواء : العامل الثاني الذي يؤثر على تناول الدواء قبل الطعام أو بعده هو الآثار الجانبية على الجهاز الهضمي. وهنا، لا ننظر إلى طبيعة الدواء، إذا كان له آثار جانبية على المعدة مثل الميترونيدازول، فعلى سبيل المثال، فهذا الدواء له طبيعة قلوية، والامتصاص الأمثل له سيكون في الأمعاء. ولذلك، يجب تناوله قبل الطعام أو بعده بساعتين. ومع ذلك، نظرا لأن له آثار جانبية على المعدة، حيث يسبب الغثيان وعسر الهضم وآلام في البطن، فيجب تناوله مع الطعام أو بعده مباشرة لتجنب الآثار الجانبية .
3♥ التداخل بين الطعام والدواء : هذا هو العامل الثالث الذي يحدد تناول الدواء قبل أو بعد الطعام. فالطعام له تأثير إضافي على الدواء بجانب التأثير الذي ذكر سابقا. بعض الأطعمة تساعد في امتصاص الدواء بشكل كبير، مثل الجريزوفولفين وفيتامين دال. لذلك، تناول هذه الأدوية مع الأطعمة الدهنية يزيد من امتصاصها، نظرا لطبيعتها الدهنية واحتياجها لوسط دهني يساعدها على الامتصاص. وكلما زاد الوسط الدهني المحيط بها، زادت درجة امتصاصها. وعلى العكس من ذلك، بعض الأطعمة تتفاعل مع الأدوية وتجعلها غير قابلة للامتصاص، مثل السيبروفلوكساسين والتتراسيكلين، فتصبح هذه الأدوية معقدات غير قابلة للامتصاص مع الأطعمة التي تحتوي على منتجات الألبان أو الكالسيوم أو المغنيسيوم. لذا، يفضل تناول هذه الأدوية قبل تناول هذه الأطعمة بمدة ساعتين أو بعد تناولها بمدة لا تقل عن ست ساعات