استراتيجيات إدارة الأزمات في الدين الإسلامي
حدثت العديد من الأزمات في حياة النبي وحياة الصحابة بعده، وربما كان السبب في ذلك تعليم المسلمين كيفية إدارة الأزمات بشكل موضوعي .
إدارة الأزمات في الإسلام
– مر المسلمين بداية من البعثة النبوية و حتى أوج عظمة المسلمين بعدد كبير من الأزمات ، و كان لهذه الأزمات وقع كبير على حياة المسلمين ، و قد تمثلت في عدد كبير من الإبتلاءات ، أولها كان الاضطهاد من قبل المشركين ، مرورا بعدد من الفتن و المصائب ، و قد كان الرسول و صحابته يتعاملون مع هذه الأزمات بحكمة كبيرة ، تعلمنا كيفية التعامل مع هذه المواقف .
يعرف العلماء الأزمات باعتبارها خطرًا غير متوقع يهدد حياة الإنسان وممتلكاته وقيمه ومعتقداته، ويمكن أن تؤثر حتى على حياته .
فكرة إدارة الأزمات هي فن يتيح للفرد اتخاذ قرارات سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، وتتضمن هذه القرارات مواجهة الأزمات وتغيراتها المتلاحقة .
إدارة الأزمة في الهدي النبوي
– حدثت في حياة نبينا الكريم عدد كبير من الأزمات ، تلك التي كانت أولها ما حدث وقت الهجرة النبوية المشرفة ، و تلك الملاحقة التي كانت بهدف القضاء على نبي الله ، وقتها عمل نبينا الكريم على وضع استراتيجية جيدة تمكنه من الخروج من مكة للمدينة بعيدا عن أعين المشركين و ملاحقتهم له ، و تمثل هذا في خروجه من منزله في البداية و نوم علي بن أبي طالب كرم الله وجه مكانه ، ثم بعد ذلك ذهابه و صاحبه إلى المدينة عن طريق مخالف للطريق المتبع ، و أخيرا ثقته بالله أن يحفظه ، و ذلك يتبين في قوله تعالى إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) ( سورة التوبة ) .
ظهر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فن إدارة الأزمات يوم بدر، في ذلك اليوم الذي شهد معركة بين طرفين غير متكافئين. ولم يعتمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط على حسن إدارة قادة المسلمين في المعركة، بل اعتمد على الاستناد إلى الله تعالى. فظل يدعو رب العالمين قائلا: (اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام، لا تعبد في الأرض). وظل يدعو ويهتف باسم الله تعالى صلى الله عليه وسلم حتى نصره الله، ويتبين من هذا الأمر أنه لم يعتمد على الدعاء فحسب، بل أيضا على تقوية عزيمة جنوده بذكر الله والتأكيد على القضية التي يدافعون عنها .
– لم يكن حياة النبي وحدها فرصة لتعليم المسلمين إدارة الأزمات، بل شهدت حياة صحابة النبي عددا كبيرا من الأزمات وبرعوا في إيجاد حلول لها. ومن بين هذه الأزمات أزمة الردة التي حدثت في أيام أبي بكر الصديق، والفتن التي تلتها، وما حدث في عام الرمادة في خلافة عمر بن الخطاب، وتمكنوا من إدارة هذه الأزمات الصعبة واجتيازها بمنتهى البراعة .
نقاط عن القائد الناجح
يجب على القائد أولا أن يتحلى بالثقة بالله وبقدرته على حل هذه الأزمات .
تتضمن بعض الصفات التي تؤهل الشخص لحل الأزمات الذكاء والتأثير على الآخرين والتفكير الإبداعي، إلى جانب سرعة الاستجابة وحسن العلاقات والخبرة الكافية، وكذلك الموضوعية والصبر .