تدهور التربة
التربة هي العامل الرئيسي في تحديد خصوبة الأرض، حيث تُشكل على مر السنين بفعل تفاعل المناخ والكائنات الحية والنباتات والحيوانات، وتحفز الغطاء النباتي على النمو والتكاثر. ويمكن تحسين جودة التربة وتسريع نمو النباتات من خلال الممارسات الزراعية وتحسين تسوية الغطاء النباتي.
ومع ذلك، فإن تركيب التربة معقد وضعيف وغير مستقر، وعلى العكس من تكوينها الصلب، يمكن أن تفقد خصائصها بسرعة بسبب الجفاف أو الرطوبة الزائدة، ومن السهل أن تتعرض للتعرية المائية أو الرياح .
التربة المتدهورة
التربة التي لا تساعد على الإنتاج الزراعي تعرف بالتربة الصعبة، وهذا يؤدي إلى انخفاض إمكانات إنتاج التربة أو عدم القدرة على استخدام التربة بالشكل الأمثل.
يُعد عدم ملاءمة خواص التربة لنمو النبات من الأسباب المحتملة، وتشمل ذلك الخصائص الكيميائية الحمضية الشديدة، وارتفاع نسبة الملوحة، ونقص المغذيات النباتية، وعدم التوازن الجسيمي، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان الهيكل الطبيعي للتربة وانضغاطها وتقليل المسامية.
أسباب تدهور التربة
يمكن أن يتسبب تدهور التربة من عدة أسباب، مثل التغيرات المناخية الحادة، وخاصة الجفاف، وتسرب المياه أو الرياح، وكذلك بسبب أنشطة الإنسان المختلفة التي تؤدي إلى تدهور التربة.
تؤدي تدهور التربة إلى اختلال التوازن الطبيعي للمياه والنظام البيئي، مما يؤثر على الزراعة والثروة الحيوانية ويتسبب في نقص الغذاء وتأثير سلبي على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وتعد أسباب تدهور التربة متعددة، منها:
انخفاض خصوبة التربة المتأصلة
يعني ذلك أن أصل التربة يفتقر إلى المغذيات النباتية، وبالإضافة إلى ذلك، تؤدي المناطق ذات الأمطار الغزيرة إلى تغيير نسب المعادن، مما يؤدي في النهاية إلى تدهور الأراضي الزراعية والرعوية.
المناخ غير المواتي
يؤثر عدم انتظام المناخ في الأراضي الزراعية التي تعتمد على الأمطار الطبيعية لسقي النباتات على توزيع الأمطار بشكل غير متساوٍ، مما يتسبب في التأثير على المحاصيل المزروعة أو تضررها جراء الأمطار الغزيرة خللموسم.
تآكل التربة
هذا يُعَدُّ سببًا شديدًا لتدهور التربة، وهو مشكلة مهمة يجب معالجتها من أجل الحفاظ على جودة التربة المناسبة وقابليتها للاستخدام لفترة طويلة، وذلك بسبب استخدام الأرض بطريقة غير مناسبة.
استخدام الأراضي دون صيانة
يؤدي تدهور التربة بسبب استخدام المناطق الزراعية لفترة طويلة دون الصيانة إلى استنزاف المغذيات النباتية الأصلية في التربة، وعندما تكون النسب الطبيعية للمغذيات النباتية أقل من المستوى المطلوب، يتم امتصاصها بشكل كبير من قبل النباتات في فترة النمو.
ضغط النمو السكاني
انتشار النمو السكاني والتوسع الحضري في القرن العشرين أدى إلى زيادة تدهور التربة ونقص الغطاء النباتي، وهو السبب الرئيسي لتعرية التربة وتدهورها.
تم توسيع الأراضي الزراعية لتشمل الأراضي التي كانت سابقًا غير صالحة للزراعة، حيث تم القيام بمحاولات للاستصلاح والتحرير والزراعة، وكان لذلك آثار سلبية، بما في ذلك التدمير الناجم عن النمو السكاني والتعدي على الأراضي الزراعية والمراعي وكذلك تدمير الغابات بسبب الزيادة في عدد السكان.
حيازة الأراضي لمزارعين قليلين الخبرة
احتلال التربة من قبل المزارعين ذوي الخبرة الضعيفة أدى إلى إسراف في استخدام المبيدات وزراعة المحاصيل المتكررة وسلوكيات تدل على العدم الاحترافية، حتى أصبحوا غير قادرين على تحديد المناطق ذات الإمكانات الزراعية، وبالتالي كانوا سببا في تدهور التربة.
إساءة استخدام التربة
يؤدي استخدام الأسمدة الكيماوية والعقاقير في الزراعة، بالإضافة إلى سوء استخدام التربة، مثل الزراعة الأحادية طويلة الأجل والتعرض المفرط للتربة الصالحة للزراعة، إلى تدهور جودة التربة.
طرق حماية التربة من التدهور
لا يمكن استعادة التربة لتصبح غنية بالمغذيات في الوقت المناسب، حسبما قالت ماريا هيلينا سوميدو من منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في اليوم العالمي للتربة، إذ يستغرق تكوين تربة سطحية بسمك 3 سنتيمترات آلاف السنين لتتراكم.
يتدهور ثلث التربة العلوية في العالم حاليًا، وأكد خبراء من الأمم المتحدة أنه إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لتقليل مستوى تدهور التربة، فسيتم استنفاد التربة السطحية في غضون 60 عامًا، وبحلول عام 2050 ستنخفض التربة الصالحة للاستخدام إلى ربع التربة المتوفرة في الستينيات.
مع ذلك، يمكن تحسين جودة التربة والحفاظ على خصوبتها على المستوى الفردي والشامل عن طريق تغذية التربة واستخدام محاصيل التغطية للحفاظ على الجزء العلوي من التربة من التآكل دور المزارعين.
المساعدة في الاحتفاظ بالمياه والحفاظ على رطوبة التربة، والاعتماد على الزراعة المختلطة وتناوب المحاصيل، والحرص على تقليل استخدام المواد الكيميائية، والتركيز على الزراعة العضوية كطريقة يجب تطبيقها للمساعدة في الحفاظ على الموارد الطبيعية وتحسين الإنتاج الزراعي.
يجب وجود حملة توعية للحد من إزالة الغابات والحفاظ على الأراضي الخصبة للزراعة، ويجب تجنب استخدام هذه الأراضي في الأنشطة الأخرى مثل بناء المصانع، حيث إن التربة تصبح أقل خصوبة للزراعة، ولذلك يجب الاستفادة منها بالكامل.
التصحر
تعني عملية تدهور التربة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة تدهورًا ناتجًا عن عدة عوامل، بما في ذلك التغيرات المناخية والأنشطة البشرية، وهي المرحلة الأخيرة من عملية التصحر
بغض النظر عن الأسباب التي تؤدي إلى فقدان الخصوبة، قد يتسبب ذلك في عدم القدرة على استخدام هذه المناطق للأغراض الزراعية.
– يمكن للتصحر أن يساهم في نطاق واسع في العديد من الأزمات البيئية الأخرى، مثل انخفاض التنوع البيولوجي وانقراض الحياة، وارتفاع درجة الحرارة العالمية، ويمكن أن يؤدي إلى التوترات بين الشعوب ونزوح مجموعات سكانية بأكملها.
مشكلة النطاق العالمي
أعتبرت قمة ريو لمكافحة أسباب التصحر الرئيسية أحد أهم الإجراءات المستقبلية، ومع ذلك، لم يتم تبني بروتوكول للتعامل مع هذه الحالة الطارئة إلا في باريس في عام 1994، وقد تم التوصل إلى أن 69٪ من إجمالي 5.3 مليار هكتار من الأراضي المزروعة تعاني من التدهور أو تعرضت للتصحر، مما يشكل ظروفا خطيرة لمليار شخص في أكثر من 100 دولة.
تشير التقديرات إلى أن 24 مليار طن من الأراضي المزروعة تُفقد كل عام؛ بتكلفة تقدر بـ 42 مليار دولار، 32 منها في دول فقيرة، وفي أوروبا تم تحديد أكثر من 20 مليون هكتار التي تدهورت بسبب النفايات الصناعية والأمطار الحمضية؛ تشير التقديرات إلى أن 25٪ من الأراضي الزراعية و35٪ من أراضي المراعي معرضة للخطر.
يتم تحديد المنطقة الأكثر تعرضا للتصحر بوضوح في منطقة البحر المتوسط، حيث تتسبب فترات الجفاف المطولة وقابلية التربة للتآكل وتكرار حرائق الغابات، والتخلي عن الزراعة والاستغلال المكثف لمخزون المياه في طبقات المياه الجوفية، والإفراط في تجسيد السواحل، واستوائية المنطقة.
تنص اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجفاف والتصحر على ضرورة اتخاذ الدول الأعضاء إجراءات من خلال سياساتها الداخلية، والتعاون مع الدول الأخرى التي تواجه ظروفًا مماثلة فيما يتعلق بالأراضي المتضررة بالجفاف والتصحر (مثل منطقة الشمال).
يكمن النجاح الحقيقي للعمل الموجه ضد التصحر في إعادة تقييم التربة، التي يجب فهمها على أنها رأس مال نادر وغير قابل للتكاثر، وبالإضافة إلى القيمة البيئية، يجب أيضا التعرف على القيمة التاريخية والأنثروبولوجية لها.
تحتوي كل رقعة من الأراضي الصالحة للزراعة على أسرار العصور الجيولوجية، وبقايا وجود عدد لا يحصى من الأشجار، وحياة بلايين من الكائنات الحية الدقيقة النباتية والحيوانية.