تشير الأبحاث الحديثة إلى أن مرض السكري من النوع الثاني يحدث بنسبة أقل في المرضى الذين يعانون من ارتفاع كوليسترول الدم الوراثي، مقارنة بأقاربهم الذين يعانون من هذه المشكلة الوراثية، وهذا مفاجئ.
ما هو ارتفاع كولسترول الدم الوراثي؟
يوجد مرض يسمى بارتفاع كولسترول الدم الورثي، أو ارتفاع دهون الدم الوراثي familial hypercholesterolemia، و هو عبارة عن مرض وراثي يتميز بأن حامل الجين المسبب لهذا المرض يكون لديه مشكلة ارتفاع غير طبيعي في مستوى الدهون الضارة بالدم، و التي تعرف باسم low-density lipoprotein [LDL] cholesterol، و ليس ضروريا أن يكون جميع افراد العائلة الواحدة مصابين بالمرض، و لكن كثير من افراد العائلة التي يحمل أحد افرادها هذا الجين قد يكونون مصابين بهذا المرض، و يحدث المرض بسبب طفرة جينية لعدد من الجينات، و يختلف نوع الجين المتأثر بالطفرة بين عائلة و اخرى.
الادوية الخافضة للكولسترول بالدم
الادوية التي تعمل على خفض كولسترول الدم تزيد من خطر الاصابة بمرض السكري من النوع الثاني، و لكن السبب وراء ذلك غير معروف، و توجد نظرية تفسر ذلك بأنه عند تناول المريض للأدوية الخافضة للكولسترول في الدم، فإن ذلك يزيد من دخول الكولسترول إلى خلايا الجسم كي يقل في الدم، و من هذه الخلايا التي تمتص الكولسترول خلايا البنكرياس، العضو لمسؤول عن افراز الانسولين و التحكم في سكر الدم، و دخول الكولسترول الي البنكرياس يؤدي إلى مشاكل في وظيفته، و بالتالي لا يعمل بشكل جيد، و قد وجدت الأبحاث ان مرض ارتفاع دهون الدم الوراثي يؤدي إلى نقص دخول الكولسترول إلى خلايا الجسم، و بالتالي يقل دخوله غلى خلايا البنكرياس، و بالتالي لا يتأثر البنكرياس و تظل وظائفه سليمة.
دراسة حول الارتباط بين نسبة الكولسترول في الدم ومرض السكري
قام الطبيب الهولندي جون كاستيلين بعمل دراسة عن نسبة حدوث مرض السكري في المرضى المصابين بارتفاع كولسترول الدوم الوراثي، و قارن نتائجهم بنتائج أقاربهم من نفس العائلة الذين ليس لديهم مشكلة الكولسترول الوراثية، و قد ضمت الدراسة كل الافراد الذين خضعوا لفحص الحمض النووي لتشخيص ارتفاع كولسترول الدم الوراثي في هولندا، في الفترة بي عامي 1994م و 2014م.
أظهرت نتائج هذه الدراسة العلمية أن نسبة إصابة مرض السكري في حالة ارتفاع الكولسترول الوراثي كانت 1.75٪، مقارنة بنسبة تقدر بحوالي 2.93٪ في الأشخاص الأصحاء الذين يعانون من مرض السكري من النوع الثاني. وبالتالي، يتضح أن نسبة حدوث مرض السكري أقل بنسبة 50٪ في الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع الكولسترول الوراثي. وتختلف النسبة بين المرضى اعتمادا على نوع الطفرة الجينية التي تسببت في المرض الوراثي.
هل النسبة مؤثرة فعلا؟
يقول الطبيب الهولندي أن الفارق بين الاشخاص الطبيعيين و الاشخاص المصابين بارتفاع كولسترول الدم الوراثي ليس كبيرا غلى الدرجة التي تقلق الاطباء، و لكن نتائج هذه الدراسة بالإضافة إلى النتائج التي توصل لها الباحثون سابقا عن علاقة الادوية الخافضة للكولسترول في الدم بحدوث مرض السكري، هذه النتائج معا تشير إلى ضرورة البحث خلف اهمية و تأثير الكولسترول على وظائف خلايا بيتا في البنكرياس،و التي هي مسؤولة عن افراز الانسولين إلى الدم، اما بالنسبة للمرضى المصابين بكولسترول الدم المرتفع بسبب وراثي فإنهم ما زال عليهم الحذر من الاصابة بمرض السكري، فالمرض نفسه له اكثر من ميكانيكية تؤدي إلى حدوثه، و عامل المرض الوراثي هو عامل واحد فقط من بين المئات من العوامل.