احداث ” معركة اجنادين ” بالتفصيل
هناك العديد من الفتوحات الإسلامية والمعارك التي خاضها المسلمون الأوائل لتوسيع إقليم الدولة الإسلامية ونشر الدين الإسلامي في جميع أنحاء العالم. ومن بين هذه المعارك، معركة أجنادين تبرز بشكل خاص، حيث انتصر المسلمون بقيادة خالد بن الوليد على الروم. في هذه السطور سنقدم مزيدا من المعلومات حول أحداث هذه المعركة.
احداث معركة اجنادين
بعد انتهاء الحروب الردية وتثبيت الأمن في الدولة الإسلامية، قام أبو بكر الصديق – خليفة المسلمين آنذاك – بإرسال أربعة لواءات من جيوش المسلمين لفتح بلاد الشام، حيث كانت تحت سيطرة الروم في ذلك الوقت. وقد قسمت الجيوش الأربعة على النحو التالي: أرسل أبو عبيدة بن الجراح جيشا مؤلفا من 7 آلاف مقاتل لفتح مدينة حمص، وخرج يزيد بن أبي سفيان بجيش مؤلف من 9 آلاف مقاتل لفتح مدينة دمشق، وتولى شرحبيل بن حسنة قيادة جيش مؤلف من 7 آلاف مقاتل لفتح بصرى، بينما قاد عمرو بن العاص الجيش الرابع المؤلف من 7 آلاف مقاتل لفتح فلسطين.
بعد انسحاب الجيوش، أرسل أبو بكر الصديق إلى خالد بن الوليد الذي كان في العراق، وأمره بقيادة الجيوش الأربعة ومساعدتهم بحنكته وخبرته العسكرية في هزيمة الروم. ومن هناك، اتجه خالد بن الوليد نحو بصرى وحاصرها، حتى أعلن أهلها استعدادهم لدفع الجزية مقابل تأمين أموالهم ودمائهم.
بعد سقوط بصرى، أدرك هرقل، قائد الروم، أن قوتهم في خطر كبير وبدأ التحضير للقتال ضد المسلمين، وأرسل قواته إلى أجنادين جنوب فلسطين، وكانت قوات الروم تصل إلى حوالي 70 ألف مقاتل، بينما كان عدد جيوش المسلمين لا يتجاوز 30 ألف مقاتل.
قام خالد بن الوليد بتولي قيادة الجيوش، وأعاد ترتيب قواته بالطريقة التي يراها مناسبة، حيث وضع في الميمنة معاذ بن جبل، وفي الميسرة سعيد بن عامر، وفي القلب ابو عبيدة بن الجراح. واستخدم خالد بن الوليد مكره العسكري ودهائه عندما وضع النساء في مؤخرة الجيش خلف الجنود، حيث دعوا الله وحمسوا رجالهم من الجنود، وكانت هذه الحيلة ناجحة حيث جعلت الجنود يزودون عن أعراضهم ويقاتلون بكل ما أوتوا من قوة، حتى حقق المسلمون النصر.
في 27 من جمادى الأولى 13 هـ الموافق 30 من يوليو 634م بدأ المسلمون يتهيؤا لقتال الروم وذلك على الرغم من الفرق الواضح في العدد بين الفريقين، وبدأ الروم في الإغارة على المسلمين وتوجيه الهجمات إلهم إلا أن الجنود كانوا في انتظار إشارة خالد بن الوليد، وأما أن أعطيت لهم الإشارة إلا وراح الجنود يهللون ويكبرون بل يقال أنهم زلزلوا الأرض تحت أقدامهم، فبثوا الرعب في قلوب جنود الروم الذين أعجبتهم كثرتهم وغرتهم أعدادهم، فقتل الآلاف من الروم بينما استشهد حوالي 450 من جنود المسلمين.
وخلال هذه المعركة أظهر الجنود المسلمون إخلاصا وشجاعة عظيمة ودافعوا عن عقيدتهم بكل قوتهم حتى تحقق النصر للمسلمين. وأرسل خالد بن الوليد، قائد المسلمين في معركة أجنادين، رسالة إلى الخليفة أبو بكر الصديق ليبلغه بنصر المسلمين. فبعث إليه قائلا: `أيها الصديق، أود أن أخبرك أننا التقينا نحن والمشركين في معركة أجنادين. اجتمعوا ضدنا بقوات كبيرة، ورفعوا صلبهم، ونشروا كتبهم، وتقاسموا بينهم العزم على قتالنا أو طردنا من أرضنا. ولكننا خرجنا لمواجهتهم معتمدين على الله ومتوكلين عليه، واستخدمنا الرماح في الهجوم عليهم، ثم انتقلنا إلى السيوف، وواصلنا معركتنا في كل فجة. فلنحمد الله على تمكين دينه وإذلال أعدائه وعلى أعمالنا الناجحة لأوليائه.
تم تسمية معركة أجنادين بهذا الاسم نسبةً إلى اجتماع أجناد مختلفة، بما في ذلك أجناد المسلمين وأجناد الروم، ولذلك فقد سُميت بهذا الاسم، وليس اسم المكان الذي وقعت فيه المعركة.