” ابو طاهر القرمطي ” سارق الحجر الاسود
يعد هجوم القرامطة واحدا من أبرز الهجمات التي تعرضت لها الكعبة المشرفة، حيث تم خلع باب الكعبة وسرقة كسوتها والحجر الأسود، وأبعد الحجر عن موضعه لمدة اثنين وعشرين عاما .
تفاصيل احداث الهجوم على الكعبة المشرفة
تنتسب حركة القرامطة الشيعية إلى رجل يدعى حمدان بن الأشعث، الذي لقب بـ “قرمط” بسبب قصر قامته. بدأت هذه الحركة في الانتشار والتوسع، وأصبحت أقوى مع بداية ضعف الخلافة العباسية. اعتمدت هذه الحركات والجماعات مدعي محبة آل البيت كستار لإخفاء عقائدهم الباطنية الخفية. واستولت على البحرين، ثم انتقلت إلى الشام والعراق، حتى أصبحت دولة قائمة الذات.
اعتداء أبو طاهر القرمطي على مكة
عام 317 هـ الموافق 930 ميلادية، كان من أشد الأعوام عسرا على المسلمين، فدخل أبو طاهر القرمطي بجيش كبير، يتألف من حوالي 900 جندي، إلى مكة المكرمة، وفي ذلك الوقت كان الحجاج يستعدون لأداء مناسك الحج، فقام القرمطي بقتل أعداد كبيرة من قادة المسلمين الذين وقعوا في طريقه .
يقول حازم خالد في كتابه `من حوادث الإسلام`، أن زعيم القرامطة `أمر بدفن القتلى في بئر زمزم ودفن العديد منهم في أماكنهم بالمسجد الحرام…، وقام بتدمير قبة زمزم وأمر بإزالة باب الكعبة ونزع ثيابها وتقطيعها بين أصحابه…، ثم أمر بقلع الحجر الأسود وجاء رجل وضربه بسلاحه وقال: أين الأبابيل وأين الحجارة من سجيل؟ ثم تمت قلعة الحجر الأسود وأخذ إلى بلادهم`.
يؤكد هذا الكتاب أن أمير مكة حاول منع زعيم القرامطة من أخذ الحجر الأسود و”عرض عليه جميع ماله ليرد الحجر فأبى…، فقاتله أمير مكة وقتله القرمطي والكثير من أهل بيته.
بعد ذلك، ذهب أمير القرامطة مع الحجر الأسود إلى منطقة تسمى `الجش` وبنى بيتا دائريا الشكل وسماه `الكعبة` ووضع فيه الحجر الأسود الذي سرقه. ثم دعا إلى الحج وأجبر أتباعه وأهل مملكته على الحج والطواف فيه، وخصص مكانا يسمى `المشعر` و`عرفات` و`منى`.
ما زالت آثار البناء الذي قام به القرامطة وسموه الكعبة موجودة في القطيف حتى الآن، ويتكون من بناء دائري الشكل يحتوي على بابين، وقد تم ردم أحدهما بالحجارة، أما الباب الآخر فمفتوح ويمكن الدخول منه، وقد تم ردم بعض الأجزاء بالرمال وكان المبنى محاطًا بمستنقعات من ثلاثة جوانب.
يقول أحد الرحالة الفارسيين ويسمى “ناصر خسرو” الذي قام بزيارة البحرين في بداية عام سنة 440، وقام بكتابة تقرير مفصل عن رحلته في بلاد القرامطة في كتابه “سفرنامه”، أن سبب انتزاع الحجر الأسود وسرقته، يعود إلى اعتقاد القرامطة أن الحجر مغناطيس يجذب الناس من أطراف العالم إليه، وأضاف “لقد لبث الحجر الأسود عندهم سنين عديدة، ولم يذهب إليه أحد.
بعد عدة سنوات من هذا الهجوم على مكة المكرمة، ضعفت قوة القرامطة. وذكرت “أسرار الكعبة المشرفة” لصاحبها أحمد حلمي مصطفى أن أعمالهم اقتصرت على قطع الطريق وشن هجمات خفيفة لتأمين مصدر رزقهم. ومع مرور الوقت، زاد ضعفهم واحتياجهم للمال، حتى جاء عام 339 هجرية واستبدلوا الحجر الأسود بمبلغ قدره خمسون ألف دينار أعطاهم إياها المطيع (خليفة عباسي).
إعادة الحجر الأسود إلى الكعبة
في عيد الأضحى في عام 339 هجرية، فوجئ المسلمون عندما قام سنبر بن الحسين القرمطي، زعيم القرامطة، بإعادة الحجر الأسود إلى الكعبة. ووفقا للتقارير، تم عرض الحجر في فناء الكعبة وكان يرافقه أمير مكة. وكان الحجر مزينا بشرائط فضية طولها وعرضها، وتم استخدام الجص لسد الشقوق التي حدثت عليه بعد إزالته. وقام سنبر القرمطي بوضع الحجر بيده وربطه بالجص.
بعد ذلك، قام الخليفة العباسي المطيع لله بعمل طوقين من الفضة ووضع الحجر الأسود داخلهما، ثم أحكم بناء حوله لمنع تعرضه للتلف مرة أخرى.
معلومات عن حركة القرامطة
أسس حركة القرامطة حمدان بن قرمط، الذي تتبنى المذهب الإسماعيلي والتي كات تعتقد أن الإمام محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق هو الإمام المهدي المنتظر، ولذلك تم انشاء تحالف في بداية الأمر بين القرامطة والفاطميّين الذي يؤمنون بمذهب الإسماعيلية، ولكن هذا التحالف قد انفك بسرعة واختلف الأمر بينهما.
دخل أبو طاهر القرمطي وجيشه مكة بحجة الحج وواجهوا معارضة من الحجاج الذين حاولوا منعهم وقاتلوهم لعدة أيام، ولكن أبو طاهر القرمطي أظهر لهم أنه قد جاء للحج وللتقرب إلى الله، وأنهم لا يحق لهم منعه من أداء فريضة الحج، كما أنهم إخوة في الإسلام.