أيهما يؤثر أكثر الوراثة أم البيئة
العوامل المؤثرة على النمو
إن مسألة النمو تتنوع ما بين العديد من الأوجه منها النمو العقلي، و النمو الجسدي، ولكي يتحقق التوازن بين تلك الأوجه المختلفة من النمو يجب أن تتوفر بعض من الظروف المثالية للفرد وذلك منذ اللحظة التي يكون مازال جنيناً بها ولم يولد بعد، إذ أن نموه في تلك المرحلة يتأثر بالكثير من العوامل سواء كانت عوامل داخلية وعوامل أخرى خارجية، ويُذكر أن تلك العوامل تتداخل فيما بينها ويكون من غير السهل مطلقاً أن يتم الفصل بين كل منها عن الأخرى، وعلى ذلك فإن نمو الفرد يتأثر بشكل مباشر بالعديد من العوامل والتي من أهمها العوامل البيئية، والعوامل الوراثية على النحو الآتي:
العوامل الوراثية
يذهب المفهوم العام للوراثة إلى الخصائص التي يتم نقلها بين الأسلاف والأجداد والآباء إلى الأبناء، وذلك من خلال الكروموسومات والجينات. تبدأ حياة الفرد من خلال تكوين واحدة من الخلايا التي يتم تلقيحها وتنقسم إلى نصفين، الأول يحمل الصفات الوراثية للأم والثاني يحمل الصفات الوراثية الخاصة بالأب. يمكن أن تنتقل تلك الصفات بطريقة مباشرة من الأب إلى الابن، وفي هذه الحالة يعرف ذلك بالصفات السائدة، بينما إذا تم نقل الصفات من الأسلاف والأجداد إلى الأحفاد ولم تكن تلك الصفات موجودة لدى الوالدين، يعرف ذلك بالصفات المتنحية، حيث يوجد فرق بين الصفات الوراثية والصفات المكتسبة.
العوامل البيئية
التأثيرات الجينية والبيئية على الذكاء
هل الذكاء صفة وراثية؟ وما هو الدور الذي تلعبه العوامل البيئية والجينية في تحديد مستوى ذكاء الأفراد منذ الصغر؟ هذه المسألة كانت وما زالت من بين الموضوعات الأكثر إثارة للاهتمام والجدل بين علماء النفس على مر العصور، حيث يتنافس العلماء في مناقشة الآثار المختلفة للعوامل الجينية والبيئية على مستوى ذكاء الأفراد منذ الصغر، ولا يزال هناك خلافات حول مدى تأثير العوامل الجينية مقارنة بالعوامل البيئية على الذكاء الفردي
في الوقت الحالي، أظهرت الدراسات النفسية أن علم البيئة وعلم الوراثة يلعبان دورا في تحديد مستوى ذكاء الفرد، ويتم التركيز على تحديد الأثر الدقيق لكل عامل. وأظهرت دراسات على التوائم أن تباين معدلات الذكاء له علاقة وثيقة بالوراثة، وأن الجينات تلعب أحيانا دورا كبيرا في تحديد مستوى الذكاء.
ومن بين أحد أهم الأمور التي لا بد من ملاحظتها فيما يتعلق بعلم الوراثة هو كونه لا يتحكم به أحد جينات الذكاء، ولكن عوضاً عن هذا فإنه ينتج عن مجموعة من التفاعلات بالغة التعقيد فيما بين العديد من الجينات، وعقب هذا من الضروري أن تتم ملاحظة أن كل من علم البيئة والوراثة يتفاعلان فيما بينهما من أجل تحديد طريقة وأسلوب التعبير بالضبط عن ما يتم توريثه من الجينات.
على سبيل المثال، إذا كان لدينا شخص يمتلك أبوين طويلين، فمن المحتمل أن يكون للابن نفس الطول، ولكن العوامل البيئية مثل الأمراض والتغذية تؤثر على النمو الطبيعي والدقيق للطول، وفي كثير من الأحيان يمكن أن يولد الطفل ببشرة بيضاء ولكن إذا نشأ في بيئة فقيرة وخالية من الفرص الجيدة للتعلم والتغذية الجيدة، فمن المحتمل أن يكون ذلك له تأثير على مقاييس الذكاء.
دليل التأثيرات الجينية على الذكاء
أظهرت الدراسات التي أجريت على التوائم أن معدل الذكاء في التوائم المتماثلة والمتطابقة يكون أكثر تشابها من معدل الذكاء في التوائم الأشقاء الذين نشأوا معا في نفس البيئة والمنزل. حيث يكون لديهم معدل ذكاء أعلى بشكل أكبر. في المقابل، الأطفال المتبنيين الذين نشأوا معا في نفس المكان، لكنهم ليسوا توائم، لديهم معدل ذكاء أقل تشابها.
إلى جانب ذلك فإن الخصائص الموروثة قد يكون لها تأثير على غيرها من العوامل البيولوجية وفي مثال على ذلك فإن كل من عمر الأم بالإضافة إلى ما قد تتعرض إليه من مواد ضارة قبل الولادة مباشرةً أو المعاناة قبل الولادة من سوء التغذية يكون لها تأثير بالغ على معدل ذكاء الطفل ونموه على مدار العمر، وقد تبين من خلال الدراسات أن الأشخاص الذين يتمتعون بمستوى ذكاء منخفض غالباً ما يكونوا هم الأكثر عرضة إلى الإبلاغ عن الأذى الجنائي وهو ما قد يكون له عواقب بالغة الأثر تتضمن كذلك الصدمات العاطفية والنفسية، فقد الممتلكات والإصابات الجسدية.
دليل تأثيرات البيئية على الذكاء
- يتمتع التوائم المتطابقة التي تم تربيتها بين بعضها البعض بمستوى ذكاء أعلى في التشابه من التوائم المتطابقة التي تم تربيتها في بيئات مختلفة.
- يؤثر حضور الطالب في المدرسة على معدل ذكائه بنسبة 6%.
- يتمتع الأطفال الذين يتلقون الرضاعة الطبيعية لمدة اثني عشر شهرًا أو أكثر بمستوى أعلى من الذكاء (بحوالي 3.7 نقطة) في سن السبع سنوات.
وعلى ذلك النحو فإن هناك بعض من التأثيرات البيئية التي يمكن أن تفسر الاختلافات بالذكاء، على سبيل المثال تبين من الدراسات أن الأطفال البكر يميلون أكثر إلى الحصول على معدل ذكاء أعلى من الأشقاء المتأخرين وذلك لأن الكثير من الخبراء يعتقدون أن ذلك الأمر يرجع إلى أن الأطفال المولودين لأول مرة يتلقون المزيد من الاهتمام من الوالدين، كما أشارت الأبحاث كذلك إلى أن الآباء يتوقعون أداء الأطفال الأكبر سنًا بشكل أفضل بمجموعة من المهام متنوعة، في حين أن الأشقاء ممن ولدوا بوقت لاحق يواجهون توقعات على المهام أقل تركيزًا.