أول من لقب بخادم الحرمين
تطلق صفة الحرمين الشريفين على الحرم المكي، ويقوم السلاطين المسلمون بإطلاق لقب خادم الحرمين الشريفين على أنفسهم منذ العصر الأيوبي، ويستخدمونه كلقب ملكي، وقد كان صلاح الدين الأيوبي أول من حمل هذا اللقب، وظل اللقب مستخدما حتى نهاية العهد العثماني .
صلاح الدين الأيوبي خادم الحرمين الشريفين
حمل صلاح الدين الأيوبي لقب خادم الحرمين الشريفين نظرا لنفوذه على العالم الإسلامي ومتابعته لمهمات نور الدين زنكي، وخاصة توحيد قوة المسلمين في سبيل الجهاد ضد الصليبيين، كما دعم المذهب السني وأحيى الخلافة العباسية لتحقيق هذا الهدف .
عمل صلاح الدين الأيوبي على تأمين الرعاية للحجاج وتأمين طرق الحج لهم، وأمر بإلغاء كافة الضرائب التي كان يتم فرضها على المسافرين القادمين عبر البحر الأحمر إلى جدة. وقد منح حاكم مكة المكرمة تعويضات بحوالي ثمانية آلاف مكيال من القمح سنويا وثمانية آلاف أخرى لتوزيعها على المرضى في مستشفى مكة المكرمة .
خصص صلاح الدين أوقافا خاصة للحجاج لتمكينهم من إنفاق احتياجاتهم أثناء أداء فريضة الحج، وقد قام أيضا بتخصيص قسم من الأراضي لأمير المدينة في مصر واليمن، وكذلك قسم آخر لأمير المدينة المنورة وأولاده الذين يقيمون في مصر. وأمر بإلغاء الضرائب غير المشروعة التي يجمعها التجار من الحجاج، وكل هذا ساهم في جعل الطرق أكثر أمانا للحجاج .
أثر صلاح الدين بشكل كبير على العالم الإسلامي، وكان الحجاج يذكرونه في دعائهم بعد الخليفة العباسي وأمير مكة؛ نظرا للرعاية التي قدمها لهم وإلغاء الضرائب الثقيلة عليهم. وقال ابن جبر عنه أنه كان يهتم بشدة بالحجاج، وقام بكل هذه الأمور بنفسه دون الاعتماد على الخدم أو المسؤولين، وحرص على منع أي عدوان ضدهم. وبسبب ذلك، حصل على لقب خادم وحامي الحرمين الشريفين .
نبذة عن حياة صلاح الدين الأيوبي
هو الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ، ترعرع في كنف عائلته الكردية السنية في تكريت الواقعة ببلاد ما بين النهرين ، ويعد صلاح الدين هو مؤسس سلالة الأيوبيين ، وهو أحد أشهر أبطال المسلمين ، وقد عرف عنه أنه كان قائدًا عسكريًا حكيمًا ، قام بقيادة جيوش المسلمين ضد الصليبيين ، وانتصر عليهم انتصارًا عظيمًا في معركة حطين ، واستطاع خلالها أن يفتح القدس ويضعها تحت حمايته ، كما أن انتصاره بتلك المعركة مهّد أمامه الطريق لفتوحات إسلامية أخرى بالأراضي المقدسة في الشرق الأدني التي كان القدس الشريف على رأسها .
انضم صلاح الدين الأيوبي إلى عمه أسد الدين الذي كان يعمل كقائد تحت إمارة نور الدين زنكي. شارك صلاح الدين مع عمه في ثلاث حملات في مصر لمنع سقوطها في أيدي اللاتينيين الإفرنجة، وكانت مصر في ذلك الوقت تحت حكم الفاطميين. بعد وفاة عمه، أصبح صلاح الدين قائدا ورئيسا للقوات العسكرية في مصر، كما أصبح مستشارا للخليفة الفاطمي هناك. بعد وفاة نور الدين زنكي، انتقل صلاح الدين إلى سوريا، حيث استخدم أمواله في مصر كقاعدة لتحقيق أهدافه فيما بعد .
بدأ صلاح الدين في تحقيق هدفه الرئيسي، وهو توحيد الأراضي الإسلامية التي تشمل مصر وفلسطين وسوريا وشمال بلاد ما بين النهرين، وذلك في الفترة من عام 1174 إلى 1186م. صار صلاح الدين معروفا بأنه حاكم وفي ولاؤه وحزمه، وكان كريما ومتفضلا في ذلك الوقت. انتشرت العديد من المؤسسات الدينية خلال فترة حكمه، وتأسست العديد من الكليات والمدارس والمساجد .
كان الجهاد في سبيل الله جزءا أساسيا من سياسة صلاح الدين، بالإضافة إلى استخدامه لتقنيات عسكرية حديثة في القتال وإنشاء سلالة الأيوبيين في مصر وسوريا. عين صلاح الدين العديد من أفراد عائلته في المحافظات، وتوسعت سلالة الأيوبيين حتى وصلت إلى اليمن. قاد صلاح الدين الحملات العسكرية ضد الصليبيين لتحرير بيت المقدس، وتمكن في النهاية من الانتصار بعد انسحاب ريتشارد قلب الأسد من القدس ومعظم الأراضي الفلسطينية والسورية .
بعد تحرير صلاح الدين للقدس، شن الصليبيون حملة صليبية ثالثة في الفترة 1198 – 1191م. وبقيت حكمة الأيوبيين سارية في مصر والأراضي المجاورة لها حتى بعد وفاة القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي، وبقيت سارية حتى جاءت المماليك واستولت على السلطة من السلالة الأيوبية .