أشعار ابن عنين .. وأشهر قصائده
من هو ابن عنين
اسمه ونسبه الكامل: محمد بن نصر الله، المعروف أيضا بابن عنين، كان واحدا من أعظم الشعراء وأكثرهم شهرة في عصر الأيوبيين. ولد وتوفي في دمشق، وسافر إلى عدة دول بما في ذلك العراق والهند والجزيرة، بعد أن تم نفيه من دمشق بأمر صلاح الدين.
بعد وفاة صلاح الدين، عاد ابن العنين للعيش في دمشق وعمل هناك لدى الملك المعظم في مهمة الكتابة. وقال ابن النجار عنه: (إنه كان من أفضل شعراء زمانه، وأحسنهم في الكلام، وكان محبًا للمرح، ومرحبًا بالآخرين، وكان شخصًا مقبولًا، وكان من أحسن ما في زمانه).
شعر ماذا على طيف الأحبة لو سرى
يُعدُّ شعر “ماذا على طيف الأحبة لو سرى” من بين أهم وأشهر الأشعار التي كتبها الشاعر ابن عنين
ماذا عَلى طَيفِ الأَحِبَّةِ لَو سَرى
وَعَلَيهِمُ لَو سامَحوني بِالكَرى
جَنَحوا إِلى قَولِ الوُشاةِ فَأَعرَضوا
وَاللَهُ يَعلَمُ أَنَّ ذلِكُ مُفتَرى
يا مُعرِضاً عَنّي بِغَيرِ جِنايَةٍ
إِلّا لِما رَقشَ الحَسودُ وَزوَّرا
هَبني أَسَأتُ كَما تقَوَّلَ وَاِفتَرى
وَأَتَيتُ في حُبَّيكَ أَمراً مُنكَرا
ما بَعد بُعدِك وَالصُدودِ عُقوبَةٌ
يا هاجري، حان الوقت لأن تغفر لي
لا تَجمَعَنَّ عَلَيَّ عَتبِكَ وَالنَوى
حَسبُ المُحِب عُقوبَةً أَن يُهجَرا
عِبءُ الصُدودِ أَخَفُّ مِن عِبءِ النَوى
لو كان بإمكاني الاختيار في الحب
لَو عاقَبوني في الهَوى بِسوى النَوى
لَرَجَوتُهُم وَطَمَعتُ أَن أَتَصَبَّرا
فَسقى دِمَشقَ وَوادِيَيها وَالحمى
مُتَواصِلُ الإِرعادِ مُنفَصِمُ العُرى
حَتّى تَرى وَجهَ الرِياضِ بِعارِضٍ
أَحوى وَفَودَ الدَوحِ أَزهَرَ نَيِّرا
وَأَعادَ أَيّاماً مَضينَ حَميدَةً
ما بَينَ حَرَّة عالِقين وَعَشتَرا
تِلكَ المَنازِلُ لا أَعِقَّةُ عالِجٍ
وَرِمالُ كاظِمَةٍ وَلا وادي القُرى
أَرضٌ إِذا مَرَّت بِها ريحُ الصَبا
حَملَت عَلى الأَغصانِ مسكاً أَذفرا
فارَقتُها لا عَن رِضىً وَهَجَرتُها
لا عَن قِلىً وَرَحَلتُ لا مُتَخَيِّرا
أَسمى لِرِزقٍ في البِلادِ مُفَرَّقٍ
وَمِنَ البَلِيَّةِ أَن يَكونَ مُقتَرّا
وَلَقَد قَطَعتُ الأَرضَ طوراً سالِكاً
نَجداً وَآوِنَةً أَجدُّ مُغَوَّرا
شعر جعل العتاب إلى الصدود توصلا
جَعلَ العِتابَ إِلى الصُدودِ تَوَصُّلا
ريمٌ رَمى فَأَصابَ مِنّي المَقتَلا
أَغراهُ بي واشٍ تَقَوَّلَ كاذِباً
فَأَطاعَهُ وَعَصيتُ فيهِ العُذَّلا
وَرَأى اِصطِباري عَن هَواهُ فَظَنَّهُ
مَلَلاً وَكانَ تقيةً وَتَجَمُّلا
هَيهاتَ أَن يَمحو هَواهُ الدَهرُ مِن
قَلبي وَلَو كانَت قَطيعَتُهُ قِلى
ما عَمَّهُ بِالحُسنِ عَنبَرُ خالِهِ
إِلّا لِيُصبِحَ بِالسَوادِ مجمَّلا
صافي أديم الوجه، ما خطت يداه الـ
ـأَيّامِ في خَدَّيهِ سَطراً مشكلا
كُلٌّ مُقِرٌّ بِالجَمالِ لَهُ فَما
يَحتاجُ حاكِمُ حسنه أَن يُسجلا
يَفتَرُّ عَن مِثلِ الأَقاحِ كَأَنَّما
عَلَّت مَنابِتُهُ رَحيقاً سَلسَلا
تَرِفٌ تخالُ بَنانَهُ في كَفِّهِ
قُضُبَ اللُجَينِ وَلا أَقولُ الإِسحِلا
ما أَرسَلَت قَوسُ الحَواجِبِ أَسهُماً
مِن لَحظِهِ إِلّا أَصابَت مَقتَلا
فَكَأَنَّ طرَّتَهُ وَضَوءَ جَبينِهِ
وَضَحُ الصَباحِ يَقِلُّ لَيلاً أَليَلا
عاطَيتُهُ صَهباءَ كَلَّلَ كَأسَها
حَبَبُ المِزاجِ بِلُؤلُؤٍ ما فُصِّلا
تَبدو بِكَفِّ مُديرِها أَنوارُها
شعر لو لم يخالط يوم بينك أدمعي
في الشعر، إذا لم تكن دموعي تخالطك يومًا، فإنه يُقال إنه كتبه “ابن عنين” إلى “صلاح الدين” بعد نفيه، ويقول البعض الآخر إنه كتبه “ابن عنين” إلى محبوبته كعتاب حزين.
لَو لَم يُخالِط يَومَ بَينَكَ أَدمُعي
قاني دَمي ما كُنتُ إِلّا مدَّعي
قَد صَحَّ عِندَكَ شاهِدٌ مِن عَبرَتي
فَسَلِ الدُجى وَنُجومَهُ عَن مَضجَعي
عاقَبتَني بِجِنايَةٍ لَم أَجنِها
ظُلماً وَكَم مِن حاصِدٍ لَم يَزرَعِ
وَمنعتَ طَيفكَ مِن زِيارَةِ عاشِقٍ
حاوَلتَ مُهجَتَهُ فَلَم يَتَمَنَّعِ
وَأَمالَكَ الواشي وَلَولا غِرَّةٌ
كانَ الصِبى سَبَباً لَها لَم تخدَعِ
فَجَمَعتَ أَثقالَ الصُدودِ إِلى النَوى
فَوقَ المَلامِ إِلى فُؤادٍ موجَعِ
يا راحِلاً وَالقَلبُ بَينَ رِحالِهِ
يَقتادَهُ حِفظاً لِعَهدِ مُضَيّعِ
هَلّا وَقَفتَ عَلى مُحِبِّكَ حافِظاً
عَهدَ الهَوى فيهِ وُقوفَ مُوَدِّعِ
كَيفَ السَبيلُ إِلى السُلُوِّ وَلَم تُعد
عَقلي عَلَيَّ وَلَم تَدَع قَلبي مَعي
فَسَقى زَماناً مَرَّ لي بِطُوَيلِعٍ
صَوبُ الحَيا وَسقى عِراص طُوَيلِعِ
فَلَأَصبِرَنَّ عَلى الزَمانِ وُجَورِهِ
شعر أشاقك من عليا دمشق قصورها
في ما يلي شعر أشاقك من عليا دمشق قشورها:
أَشاقَكَ مِن عُليا دِمَشقَ قُصورُها
وَولدانُ رَوضِ النَيربينِ وَحورُها
وَمُنبَجِسٌ في ظِلّ أَحوى كَأَنَّهُ
ثِيابُ عَروسٍ فاحَ مِنها عَبيرُها
مَنازِلُ أُنسٍ ما أَمَحَّت وَلا اِمَّحَت
بِمَرِّ الغَوادي وَالسَواري سُطورُها
كَأَنَّ عَلَيها عَبقَرِيَّ مَطارِفٍ
مِنَ الوَشي يُسديها الحَيا وَيُنيرُها
تَزيدُ عَلى الأَيّامِ نوراً وَبَهجَةً
وَتَذوي اللَيالي وَهيَ غَضٌّ حَبيرُها
إِذا الريحُ مَرَّت في رُباها كَريهَةً
حَباها بِطيبِ النَشرِ فيها مُرورُها
سَقى اللَهُ دَوحَ الغُوطَتَينِ وَلا اِرتَوى
مِنَ الموصِلِ الحَدباءِ إِلا قُبورُها
فَيا صاحِبي نَجوايَ بِاللَهِ خَبّرا
رَهينَ صَباباتٍ عَسيرٌ يَسيرُها
أَمن مَرَحٍ مادَت قُدودُ غُصونِها
بِبَهجَتِها أَم أَطرَبَتها طُيورُها
خَليلَيَّ إِنَّ البَينَ أَفنى مَدامِعي
فَهَل لَكُما مِن عَبرَةٍ أَستَعيرُها
لَقَد أُنسِيَت نَفسي المَسراتِ بَعدكُم
فَإِن عادَ عيدُ الوَصلِ عادَ سُرورُها
عَلى أَنَّ لي تَحتَ الجَوانِحِ غِلَّةً
إِذا جادَها دَمعٌ تَلَظّى سَعيرُها
وَقاسَمتُماني أَن تُعينا عَلى النَوى
أشهر قصائد ابن العنين
قصيدة قسماً بمن ضمت أباطح مكة
قصيدة “قسما بمن ضمن أباطح مكة” هي واحدة من أشهر القصائد التي كتبها ابن عنين، وتتألف من ثلاثة أبيات.
قَسَماً بِمَن ضَمَّت أَباطِحُ مَكَّةٍ
وَبِمَن حَواهُ مِنَ الحَجيجِ المَوقِفُ
لَو لَم يَقُم موسى بِنَصرِ مُحَمَّدٍ
لَعَلا عَلى دَرجِ الخَطيبِ الأسقُفُ
لَولاهُ ما ذلَّ الصَليبُ وَأَهلهُ
في ثغرِ دِمياطٍ وَعِزَّ المُصحَفُ
قصيدة أرى شأنيك شأنهما انبجاس
في ما يلي قصيدة أرى شأنيك شأنهما انبجاس:
أَرى شَأنَيكَ شَأنهُما اِنبِجاسُ
تَجَنَّبَ مُقلَتَيكَ لَهُ النُعاسُ
تُداوي داءَ شَوقِكَ بِالأَماني
فَيُدرِكُهُ مِنَ اليَأسِ اِنتِكاسُ
أَحِنُّ وَمِن وَراءِ النَهرِ داري
حَنينَ العَودِ أَوثَقَهُ العِراسُ
فَبانَت عَنهُ شِرَّتُهُ وَلانَت
عَريكَتُهُ وَكانَ بِهِ شِماسُ
بِأَرضٍ لا الكِلابُ بِها كِلابٌ
وَلا الناسُ السَراةُ هُناكَ ناسُ
لَهُم حملٌ بِوَعدِكَ إِن أَرادوا
جَميلاً لا يَكونُ لَهُ نِفاسُ
فَكَيفَ تَبيتُ تَطمَعُ في مَديحي
رَجاءَ نَوالِها العجمُ الخِساسُ
إِذا طَمعٌ كَسا غَيري ثِياباً
يذِلُّ بِها كَساني العزَّ ياسُ
وَلَو أَنّي مَدَحتُ مُلوكَ قَومي
تَراغَت حَولِيَ النَعَمُ الدِخاسُ
فَإِنَّ الناسَ في طُرُقِ المَعالي
لَهُم تَبَعٌ وَهُم لِلنّاسِ راسُ
مُلوكٌ دَأبُهُم شَرَفٌ وَمَجدٌ
وَدَأبُ سِواهُم طَرَبٌ وَكاسُ
فَلَولا آلُ أَيّوبَ بنِ شاذي
لَكانَ لِمَعهَدِ الجودِ اِندِراسُ
يُدافِعُ عَن حِماهُم كُلُّ ذِمرٍ
لَهُ في غمرَةِ المَوتِ اِنغِماسُ
هُم تَرَكوا صَليبَ الكُفرِ أَرضاً
يُداسُ وَكانَ مَعبوداً يُباسُ
وَأَرغَمَ بَأسُهُم آنافَ قَومٍ
تَجَنَّبَها لِعِزَّتِها العُطاسُ
قصيدة يا ظالماً جعل القطيعة مذهبا
في ما يلي قصيدة يا ظالماً جعل القطيعة مذهبا:
يا ظالِماً جَعل القَطيعَةَ مَذهَبا
ظُلماً وَلَم أَرَ عَن هَواهُ مَذهَبا
وَأَضاعَ عَهداً لَم أُضِعهُ حافِظاً
ذِمَمَ الوَفاءِ وَحالَ عَن صَبٍّ صَبا
غادَرتَ داعِيَةَ البِعادِ مَحَبَّتي
فَبِأَيِّ حالاتي أَرى مُتَقَرِّبا
ظَبيٌ مِنَ الأَتراكِ تَثني قَدَّهُ
ريحُ الصَبا وَيُعيدُهُ لينُ الصِبى
ما بالُهُ في عارِضَيهِ مِسكُهُ
وَلَقَد عَهِدتُ المِسكَ في سُرَرِ الظِبا
غَضبانُ لا يَرضى فَما قابَلتُهُ
مُتَبَسِّماً إِلّا اِستَحالَ مُقَطَّبا
اللَهُ يَعلَمُ ما طَلَبتُ لَهُ الرِضا
إِلّا تَجَنَّى ظالِماً وَتَجَنَّبا
كَم قَد جَنى وَلَقيتُهُ مُتَعَذِّراً
فَكَأَنَّني كُنتُ المُسيءَ المُذنِبا
فَيَزيدُهُ طولُ التَذَلُّلِ عِزَّةً
أَبَداً وَفرطُ الإِعتِذارِ تَعَتُّبا
عَجَباً لَهُ اِتَّخَذَ الوُشاةَ وَقَولَهُم
صِدقاً وَعايَنَ ما لَقيتُ وَكَذَّبا