أسباب انهيار الدولة الرستمية
الدولة الرستمية هي الدولة التي نشأت في بلاد المغرب الأوسط (الجزائر) في العصر الحالي، وهي إحدى فروع الخوارج، الذين هم فرقة من المسلمين خرجوا على الإمام (علي بن أبي طالب)، وصحبوه بعد قصة التحكيم الشهيرة، ومنذ خروجهم، أطلق عليهم مسمى (الخوارج) .
سلالة الرستميون أو بنو رستم حكموا بلاد المغرب الأوسط في الفترة ما بين 776-909، ومقر حكمهم الرئيسي في مدينة تيارت بالجزائر، ومن أبرز مدن دولتهم وهران وشلف والمدينة الخضراء .
و الرستميون من إحدى المذاهب الإسلامية القريبة من المذهب الشيعي تحديداً إذ ينتمي الرستميون إلى المذهب الإباض ، و قد أطلق عليهم هذا الاسم نسبةً إلى عبد الله بني إباض التميمي بينما أعترف الإباضية المغاربة في هذه الفترة بإمامة (عبد الرحمن بن رستم) ، و الذي يعتبر بمثابة الأب المؤسس لهذه السلالة .
الإباضية هي فرع من فروع الخوارج، لكن معتنقيها ينفون هذا النسب، وجاء هذا المذهب إلى أفريقيا في النصف الأول من القرن الثاني، وانتشر بين قبائل البربر حتى أصبح مذهبهم الرسمي .
في الحقيقة، يتفق عقيدة الإباضية مع أهل السنة في الكثير من الأمور، ولكنهم يختلفون معهم في قليل، وأهم الخلافات هي قولهم بالتنزيه المطلق وعدم القول بالتشبيه، وأنهم لا يختلفون فيما يتعلق بالوعد والوعيد .
بالإضافة إلى اعترافهم بالقرآن الكريم والحديث كمصدرين أساسيين للعلوم الدينية، يستندون أيضا إلى الرأي والإجماع. يرون أن أبو بكر وعمر بن الخطاب هما القدوة الحسنة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فيما لا يرون عثمان بن عفان بنفس المنزلة، بل يطلقون عليه لقب “صاحب البدع”، ولكنهم لا يلعنون عليا، بل ينكرون قبوله للتحكيم .
الإمام عبد الرحمن بن رستم
عبد الرحمن بن رستم هو المؤسس للدولة الرستمية ، و جاء مولده في العراق ، و تحديداً في العقد الأول من القرن الثاني الهجري ، و هو يرجع نسبه في الأصل إلى الأكاسرة (ملوك الفرس) بينما يرجع بعضاً من المؤرخين أن نسبه يرجع إلى اللزارقة ، و هم ملوك الأندلس قبل العهد الإسلامي .
سافر والده ووالدته من العراق إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، ولكن توفي والده وتركه يتيما، فتزوجت والدته رجلا من أهل المغرب وأخذته معها إلى مدينة القيروان، وابنها كان يدعى عبد الرحمن.
و قد نشأ عبد الرحمن بن رستم في القيروان ، و صادف نشر الدعوة الإباضية هناك فتأثر بها بل تعلق بها بشكل كبير الدعوة الإباضية فتأثر بها بل تعلق بها بشكل كبير ، و قام أحد الدعاة بنصحه بضرورة السفر إلى المشرق من أجل تلقي المزيد من العلم على يد الإمام (أبي عبيدة مسلم بن أبي كريم) إمام المذهب الإباضي في هذا الوقت .
وفعلا، قام عبد الرحمن بن رستم بتنفيذ النصيحة وانتقل إلى البصرة، وظل مصاحبا للإمام أبي عبيدة لمدة خمس سنوات كاملة، حيث درس في سرداب أبي عبيدة الذي أعده تحت الأرض خصيصا لتجنب أنظار الأمويين. ثم عاد مع أصحابه حملة العلم إلى بلاد المغرب، وبعد وصولهم إلى بلاد المغرب، بدأت التهيئة لإقامة دولتهم هناك، حتى تحققت الفرصة الفعلية لإقامة هذه الدولة .
أهم الخصائص المميزة للدولة الرستمية
تتميز الدولة الرستمية بعدد من الخصائص المهمة، ومن بينها:
أولاً :- حاكم دولة الإمارات يلقب بالإمام لأنه يؤم الناس في الصلاة ويقوم بتسيير شؤون الدولة وفقا للشريعة الإسلامية .
ثانياً :- : يتميز العديد من حكام الدولة الرستمية بالتقشف والبساطة في العيش، حيث يماثلون في ذلك الخلفاء الراشدين .
ثالثاً :- – شهدت هذه الدولة ازدهارا قويا في العديد من الأنشطة، مثل التجارة والزراعة، وخاصة في عاصمتها مدينة (تيهرت)، ويرجع ذلك إلى دورها كمركز رئيسي لتجمعات التجارة، بالإضافة إلى اهتمام سكانها الكبير بتربية الماشية وصناعة الزجاج والفخار والحدادة والدباغة وغيرها من الصناعات العديدة .
رابعاً :- شجعت الدولة الرستمية الحركة الثقافية، حيث كان حكامها يشجعون العلماء والعلم، وكانت المساجد في تلك الفترة تعتبر مراكز انتشار المعرفة العلمية، حيث يتم دراسة علوم التفسير والفقه والبلاغة والنحو فيها .
خامساً :- – ازدهرت حركة البناء في الدولة الرستمية بشكل كبير، حيث عمل سكانها على بناء المساجد والقصور، بالإضافة إلى العديد من نقاط التجارة والأسواق .
سادساً :- – تميزت الدولة الرستمية بكونها مزيجا يجمع بين الحضارة الفارسية والحضارة البيزنطية .
الأسباب والعوامل التي أدت إلى انهيار الدولة الرستمية
هناك عدد من الأسباب التي أسهمت بشكل رئيسي في انهيار الدولة الرستمية، ومن بينها:
أولاً :- – واحد من أكبر أسباب انهيار الدولة الرستمية كانت الصراعات المستمرة بين أتباعها حيث تصاعدت النزاعات في أواخر عهدها والفتن بين أسرة الإمامة الحاكمة نفسها مما أدى إلى تضعيف الدولة وسقوطها في النهاية.
ثانياً :- تتعلق هذه العلاقة بتوتر شديد بين الدولة وممثلي الخلافة العباسية .
ثالثاً :- – تزايد القوة والنفوذ للفاطميين الذين ينتمون إلى المذهب الشيعي وتصاعد الدعوة له، مما مكن الفاطميين من القضاء عليها في عام (909م) .
رابعاً :- ثورة النكار هي فئة من الناس الذين ينكرون إمامة عبد الوهاب بن عبد الرحمن الرستمي، وقد زادت هذه الفئة من حدة الاضطرابات الداخلية في الدولة.
خامساً :- عدم تكوين جيش نظامي للدولة، بالإضافة إلى الضعف الشديد الذي أصاب الجهاز الحكومي الخاص بالدولة .