مهندس الفقراء “حسن فتحي”
يحتفل اليوم محرك البحث العالمي `غوغل` بالذكرى 117 لميلاد المهندس المعماري المصري حسن فتحي، والذي لقب بمهندس الفقراء، وهو واحد من أشهر المهندسين المعماريين الذين قدموا حياتهم في خدمة الفقراء، وبناء المباني والشقق لهم، ويحتفل بيت المعمار المصري أيضا بذكرى ميلاد المهندس حسن فتحي تقديرا لجهوده العظيمة في فن العمارة المصرية، واشتهر فتحي أيضا بقرية القرنة الجديدة، هذه القرية التي ساهم فيها كثيرا، وظلت شاهدة على المجهود المبذول من قبله حتى الآن، فمن هو المهندس حسن فتحي؟ وما هي أهم أعماله؟ هذا ما سنقوم بذكره في هذا المقال.
من هو حسن فتحي؟
تم ولادة المهندس حسن فتحي في محافظة الإسكندرية لعائلة ثرية في عام 1900، وعندما بلغ سن الثمانية سنوات انتقل مع عائلته للعيش في القاهرة، وسكن في منزل في حي القلعة بالقاهرة، درس في مدارس القاهرة وحصل على دبلوم العمارة من كلية الهندسة في جامعة فؤاد الأول عام 1926، وعمل كمهندس في الإدارة العامة للمدارس بالمجالس البلدية، وكانت أول أعماله تصميم مدرسة طلخا الابتدائية في ريف مصر، وخلال هذه الفترة أصبح مهتما بالعمارة الريفية التي تعرف بـ”عمارة الفقراء”، وتم تكليفه بتصميم دار للمسنين في محافظة المنيا بجنوب مصر، وطلب منه رئيسه أن يكون التصميم كلاسيكيا، لكنه رفض واستقال من العمل في عام 193
ثم عاد المهندس حسن فتحي مرة أخرى إلى القاهرة وقابل ناظر مدرسة الفنون الجميلة وكان فرنسي الجنسية، وقد قبله كأول عضو مصري في هيئة التدريس، ثم كلف بوضع تصميم لمشروع قرية القرنة بالأقصر عام 1946 ، ثم عين رئيسا لإدارة المباني المدرسية بوزارة المعارف من 1949 حتى 1952 ، وقد عمل أيضا في هذه الفترة خبيرا لدى منظمة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين، وفي عام 1935 عاد للعمل بمدرسة الفنون الجميلة حتى عام 1957 ، وقد تزوج من السيدة عزيزة حسنين شقيقة أحمد حسنين باشا الرحالة والمستكشف المصري.
في عام 1959، غادر المهندس حسن فتحي مصر بسبب فشله في إنشاء العديد من المشروعات وقيود النظام الحكومي المعتاد، وسافر إلى أثينا في اليونان للعمل في مؤسسة دوكسياريس للتصميم والإنشاء. قاد مشروعا تجريبيا لإسكان الشباب تابع لوزارة البحث العلمي بين عامي 1963 و 1965. ثم عمل كخبير لدى منظمة الأمم المتحدة في مشروعات التنمية بالمملكة العربية السعودية، وعمل كخبير في معهد أدلاي أستفسون بجامعة شيكاغو بين عامي 1975 و 1977. توفي المهندس حسن فتحي، المعروف بـ `مهندس الفقراء`، في 30 نوفمبر 1989 عن عمر يناهز 89 عاما.
حسن فتحي رمز العمارة العربية
كان المهندس حسن فتحي رمزا للعمارة العربية الكبرى في القرن العشرين، حيث كان مبدعا في فن العمارة المصرية الأصيلة التي اقتبستها من العمارة الريفية النوبية المصنوعة من الطوب اللبن ومن بيوت وقصور القاهرة القديمة في العصر المملوكي والعثماني. جعل هذا المرجع المزدوج من الماضي معمارا فريدا.
بالرغم من شهرة أعمال المهندس حسن فتحي عالميا، إلا أنه لم يحظ بالاعتراف الكافي داخل مصر. حتى أن الكاتب العظيم فتحي غانم، في روايته “الجبل”، وصف المهندس حسن فتحي بأنه مهندس مستشرق ومستغرب، استطاع أن يفرض نمط حياة لا يرغب به أهل القرية. وانتقدت إحدى شخصيات الرواية استخدام القبة في العمارة المنزلية، التي تعتبرها المصريون العاديون عمارة تعبر عن الجنازة. وقد زعمت أن حسن فتحي قدم من القاهرة ولم يتمكن من فهم عقلية سكان تلك البيوت. واستمر هذا الربط بين البيوت والجنازات .
قرية القرنة من تصاميم المهندس حسن فتحي
قرية القرنة الجديدة في غرب مدينة الأقصر بمصر هي عبارة عن مشروع معماري للمهندس حسن فتحي. تمت إقامة هذه القرية لاستيعاب المهجرين من المقابر الفرعونية في الجانب الغربي للحفاظ عليها من السرقات والتعديات. تم اتخاذ قرار بتهجير هؤلاء الأشخاص من المقابر وتوفير مساكن بديلة لهم. تم تخصيص ميزانية مليون جنيه لبناء القرية، وبدأ حسن فتحي في المرحلة الأولى من المشروع ببناء 70 منزلا. طبع كل منزل بصفة مميزة ليكون مميزا عن الآخرين ولتجنب الارتباك بينهم. اعتمدت المواد المحلية في تصميم المنازل، وأظهر تأثره بالعمارة الإسلامية، حيث استخدم القباب بدلا من الأسقف التقليدية المصنوعة من الخشب أو الحديد. تم تخصيص ممر إضافي للماشية في المنازل لأغراض صحية وللحفاظ على سلامة السكان .
وقد تم إنشاء ثلاث مدارس بالقرية الأولى للأولاد والثانية للبنات والثالثة لتعليم الحرف اليدوية، واهتم بالجانب الديني بإنشاء مسجد كبير في مدخل القرية به أجمل النقوش المعمارية والتي قد تأثرت بالمعمار الطولوني والفن الإسلامي، كما قام بإنشاء قصر ثقافة حمل اسمه، ومسرحا قد تصميمه على الطراز الروماني.