هل الغباء وراثي ام مكتسب
يتفاوت الذكاء بين البشر من شخص إلى آخر ، فنري مثلا بعض الأطفال يتمتعون بذكاء مرتفع ، بينما آخرون تكون معدلاتهم أقل ، فيتساءل البعض هل الغباء وراثي أم مكتسب ، هل يمكن أن يكون للجينات الأب أو الأم دور في نقل الغباء إلى الأبناء ، أم أن الأمر يكتسبه الإنسان من البيئة المحيطة به ، ويمكن أن يتم السيطرة عليه بالتدريب .
الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة كما يعتقد البعض ، فوفقًا لعدد من الدراسات والأبحاث العلمية فإن الأمر مختلط ومتشابك بشكل يشبه الشجر ، حيث أن بعض الأبحاث تؤكد أن نسبة الذكاء إنما يتم توارثها من خلال الجينات من الأب أو الأم ، لكن يمكن التحكم فيها من خلال عوامل أخرى ، مثل التعليم والنشأة الاجتماعية وغيرها .
علاقة الغباء بالجينات المتوارثة
وفقًا لبحث علمي فإن الغباء من الصفات التي يتم وضعها في شفرة الــ “دي إن إي” لكن ما يكون طبيعة الإنسان ليس له علاقة بالجينات فقط ، فجميع القدرات العقلية على وجه الخصوص ، تتطور بشكل لحظي ، أثنا النشاط اليومي من خلال التعرف على أشخاص مختلفين ، تبادل المعلومات والأخبار ، والخبرات الحياتية ، التعامل بشكل مباشر مع البيئة وخلال العمل، كل تلك العوامل تساعد على تشكيل الوعي والذكاء .
تؤدي البيئة التي ينشأ فيها الإنسان إلى تشكّل عدة أنواع من الوعي والذكاء، بما في ذلك الذكاء النفسي والعقلي والاجتماعي والانفعالي الوجداني .
علاقة العوامل البيئية بالغباء
ووفقًا لموقع ” wired” فإن المشكلة التي يواجهها الأطفال ذوي معدل الذكاء المرتفع ، عندما ينشئون في بيئات فقيرة ، تفتقر إلى أبسط الإمكانيات، مثل التغذية المناسبة أو التعليم أو المسكن الملائم ،فضلا عن التنشئة الاجتماعية التي يتولاها الوالدان ، وقد يعرضان الطفل للتعنيف بهدف التخلص من أسئلته الكثيرة، أو تسريبه من التعليم، أو حتى استغلاله للعمل، مما يضعف من معدل ذكائهم .
تؤكد الدراسات العلمية أن الجينات ليست العامل الوحيد المؤثر في معدل الذكاء وأنواعه، بل إن لها دور في الغباء والسلوك أيضًا، كما أن الذكاء يأتي بأنواع متعددة وكذلك الغباء يختلف بحسب الظروف والنشأة، ولتحسين معدلات ذكاء الأطفال يمكن توفير بيئة صحية ومناسبة لهم .
ووفقًا لما قاله العالم اينشتاين فإن الحدود القصوى للقدرات الذهنية هي ما تتحكم فيها الجينات ، وهو ما يفرق بين إنسان وآخر في مستوي الذكاء أو الغباء ، وفي الطبيعي فإن الإنسان الحديث خاصة مع انتشار التكنولوجيا والألات الصناعية أصبح يستخدم جزء بسيط من القابليات الذكائية الموجودة بالمخ .
هل الغباء مرض وراثي
يقول جيمس واتسون عالم الأحياء 75 عاماً رئيس مختبرات كولد سبرنج هاربر في نيويورك ، إن الغباء هو مرض وراثي ، مؤكدًا على ضرورة حث العلماء عل بحث الأسباب وإيجاد حل أو علاج مناسب ، لأن الأشخاص الذين يعانون من معدل ذكاء منخفض ولا يعانون من أمراض ذهنية مثل التوحد أو التخلف العقلي لابد من علاجهم .
وأكد على أن هناك عوامل أخرى تؤثر على معدل الذكاء أو الغباء ، ومنها الصعوبات التعليمية التي يواجهها الشخص ، مثل صعوبات التعلم والفقر ، المشاكل الأسرية بداية من التفكك الأسري ، أو أن يعاني أحد أفراد الأسرة من مشاكل مثل إدمان المخدرات أو الكحول ، وكل تلك الأسباب تساهم في انخفاض ذكاء الطفل وضعف مستواه التعليمي .
يوضح العالمون، ولا سيما علماء الأحياء وخبراء علم الجينات، دورهم في عزل وتحديد الجين المسؤول عن تحديد نسبة الذكاء لدى الأشخاص، وتطوير علاج جيني يساعد على تقليل تلك الظاهرة، إن لم يكن القضاء عليها تمامًا .
وأوضح واتسون خلال حديثه على ضرورة توفير وسائل تحسين مستوى ذكاء الأطفال ومساعدتهم في هذا الجانب، مؤكدًا على أنه أسس مشروع الجينوم البشري الذي يدرس مستقبل علم الجينات وكيفية التحكم فيها واختيار الأنسب والأفضل، وذلك يأتي في إطار قيام الآباء والأمهات بالمساهمة في تحسين مستوى ذكاء أطفالهم .
ويختلف مع تلك النظرية البروفسيور توم شكسبير وهو خبير في علم الأحياء فهو يقول إن واتسون مخطئ وهو يقول أن إصابة معظم الناس بالذكاء أو الغباء هو جزء من التفاوت البشري الطبيعي ، حيث أنه لا يقدر مسألة مدى تعقيد آلاف الجينات وارتباطها مع عوامل مختلفة في البيئة والتي ينتج عنها الذكاء المتفاوت .
ما هو الذكاء
يمكن تعريف الذكاء بأنه مرادف لمصطلح النبوغ، وهو القدرة على الاستيعاب وتحديد عوامل المشكلة ومعرفة التفاصيل والحلول السريعة لها، بالإضافة إلى القدرة على التصرف السليم والصحيح في أقرب وقت ممكن .
يمثل الغباء النقيض التام لتعريف الذكاء، حيث يتضمن سلوكًا بطيئًا وردود أفعال غير صحيحة، وعدم القدرة على التصرف والانتباه لما يحدث حول الشخص.
برامج تنمية الذكاء التي تقدمها المراكز النفسية
نظرًا لارتباط الذكاء بالعوامل المكتسبة والوراثية المختلفة، فإن العلماء يستخدمون برامج تدريبية ذهنية مختلفة تهدف إلى رفع مستوى الذكاء لدى الأطفال والأشخاص .
وهناك عدة أنواع من التدريبات العقلية منها الذهنية التي تبدأ بطريقة متدرجة والهدف منها رفع درجة الذكاء الاجتماعي بعدة طرق ، منها المسرح النفسي أو العلاج بالموسيقي والرسم ، وتعمل تلك الطريقة على زيادة مهارات التعلم والذاكرة ، وهو الأمر الذي يؤدى في النهاية إلى زيادة مستوى الذكاء.
لم يتوقف العلم عند رفع مستوى الذكاء فحسب، بل تطور إلى تطوير علاجات دوائية للتحكم في مستوى الغباء، من خلال بحث الفيتامينات والمواد التي تزيد من قدرة الدماغ على التركيز وتحسين الذاكرة والتعلم .
وفي دراسة حديثة ، كشفت عن سر إصابة بعض البشر بالغباء دون غيرهم ، أشرفت عليها جامعات مرموقة هما جامعتي Johns Hopkins وNebraska ، حيث وجدت إن هناك فيروس يتغذي على الطحالب الخضراء ، ويعيش في المياه والبحيرات العذبة وينتقل إلى الإنسان عن طريق تناول الأعشاب البحرية في بعض الدول والأسماك في أخري، ويستقر في حلق الشخص.
يؤثر هذا الفيروس على قدرات الإنسان في الإدراك ويزيد من معدلات الغباء، حيث يحمل هذا الفيروس الذي يدوم تأثيره لفترة طويلة جدًا نسبة 44% من البشر، وينتقل هذا الفيروس من الآباء إلى الأبناء
واعتمدت الدراسة على التجارب الحيوانية ، حيث درست على مدار 5 سنوات تأثير ذا الفيروس على الفئران ، ووجد أن الفئران التي تعاني من هذا الفيروس لديها مشاكل في اجتياز اختبارات الذكاء ، وهو ما يؤكد نظرية العلماء أن التغيرات الجينية التي قد تحدث في دماغ البشر لها علاقة مباشرة بهذا الفيروس الذي أطلق عليه الأطباء اسم ” Chlorovirus ATCV-1 “.
أجرى الأطباء اختبارًا يتضمن وضع الفئران المصابة بالفيروس في متاهة عدة مرات على فترات متقاربة، ووجدوا أن هذه الفئران تعاني من انخفاض ملحوظ في الإدراك المعرفي الذي يحدد الاتجاهات .
قام العلماء بإجراء العديد من الأبحاث والاختبارات المعملية لتوضيح مدى تأثير هذا الفيروس على الجسم، وليس على وظائف الدماغ. فحللوا عينات الدم والبراز لتلك الفئران وتشريحها، ووجدوا أن الفيروس يتغلغل في الدم والأنسجة ويستطيع تغيير نشاط الجينات في أدمغة الفئران .
يهدف هذا الدراسة والمماثلة لها إلى شرح طريقة عمل الدماغ والذكاء والغباء للأطباء والعلماء، وتوصيلهم إلى طرق جديدة، وذلك من شأنه تحسين القدرات العقلية والإدراكية للبشر .