هل التنجيم شرك ؟ ” ماحكمه في الاسلام “
الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية التي لم تقع هو
الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية التي لم تقع هو علم التنجيم .
علم التنجيم هو اعتقادٌ خرافي يؤكد أن حركات الكواكب والمواقف والعلاقات بين الكواكب والقمر والشمس يمكن استخدامها كوسيلة لتفسير أو توقع الخصائص والشؤون والأنشطة البشرية.
علم التنجيم علم زائف يتظاهر بالامتثال لقواعد ومبادئ العلم، وينشأ بسبب حاجتنا لتفسير العالم المعقد من حولنا بطرق بسيطة، ولكن هذا ليس حقيقيًا.
حكم من اعتقد أن النجوم مخلوقة ولكن لها أثر في الحوادث الأرضية
لا يجوز لمن يعتقد أن النجوم مخلوقة ولكن لها تأثير في الحوادث الأرضية
وفقاً لاراء العلماء فإن حكم هذا الاعتقاد لا يجوز ، فلا يجب أن يعتقد الشخص أن الأحداث الطبيعية مثل تساقط المطر وهبوب الرياح نشئه بسبب النجوم فهذا يعتبر شرك أكبر ، وفي حالة الاعتقاد أنها هي المؤثرة في هذه الأحداث فهذا شرك أصغر.
فقد قال البخاري في صحيحه: تعد النجوم زينة للسماء ورجومًا للشياطين وعلامات يستخدمها الناس للتوجيه، حيث خلقت هذه النجوم لثلاثة أغراض، وفي حالة تأويلها بطريقة مختلفة عن ذلك، فإن ذلك يؤدي إلى الخطأ والضلال والتكلف بما ليس له أساس من العلم. اهـ.
ما هو علم التنجيم
التنجيم (Astrology) هو مجموعة من المعتقدات حول ترتيب الأجرام السماوية وعلاقتها بالصفات الشخصية والشؤون الإنسانية وغيرها من الأمور الدنيوية. على سبيل المثال، يؤثر موقع النجوم والكواكب والشمس والقمر وتحركاتهم على شخصية الإنسان وعلاقاته الرومانسية وأحداث يومه، وحتى ثروته. ومع ذلك، يعتبر علم التنجيم من العلوم الزائفة التي تحتوي على العديد من الخرافات الزائفة ولا ترتبط بالواقع أو الدين أو العلم. ظهر علم التنجيم في الألفية الثالثة قبل الميلاد، واستخدمه الرومان والإغريق والمصريون القدماء والبابليون والسومريون قبلهم. يعتقد المنجمون أن الأجرام السماوية تؤثر مباشرة على حياتنا على سطح الأرض بسبب حركتها ومواقفها.
وتتطابق الأحداث الإنسانية معها، وهناك افتراض سائد بين المنجمين يقول بأن موقع النجوم في السماء قد يساعد في تفسير أحداث الماضي والحاضر، وقد يساعد أيضا في التنبؤ بأحداث المستقبل المقبل. وبالطبع، لا يوجد أي دليل علمي يدعم هذا الادعاء، وبالتالي، فإن التنجيم يتعارض مع العلم والشرع، وتم ذكره في مختلف المجالات، حيث قام علم الفلك بدحضه والشرع بتحريمه كما يلي.
تاريخ ظهور علم التنجيم وتطور مفاهيمه
ظهرت علوم التنجيم منذ زمن بعيد ورتبط وجودها بثقافات الشعوب. وكان لكل شعب ثقافته ومفاهيمه الخاصة بعلم التنجيم. بدأ علم التنجيم في الظهور في بلاد ما وراء النهرين شمال العراق، وكان يقتصر في الأصل على قراءة الطالع وتنبؤ أحداث المستقبل. قام السومريون والبابليون بممارسة التنجيم من خلال مراقبة حركة الشمس وغروبها وشروقها وحركة القمر.
وظهور النجوم في السماء واختفائها وقوس وقزح، وقاموا بربط كل هذا بالتنبؤ بالأوبئة والأمطار والجفاف وحتى مواعيد الحروب، ولكن تطور الأمر بعد ذلك لدى البابليون والسرمريون سنة 1000 قبل الميلاد، وأصبح لديهم مجموعة من الدلائل الخاصة بالنجوم للقيام بالتنبؤ على أساسها، فقاموا من خلالها بتحديد الأيام السيئة والأيام الحسنة، وانتقل علم التنجيم من القدماء المصريون والبابليون إلى الإغريق، وكان للمصريون والبابليون تقويم خاص بهم، عثر على هذه التقاويم فوق أغطية التوابيت الفرعونية التي تعود لسنة 2000-1600 قبل الميلاد، ولقد زينت بعض المقابر الفرعونيّة بصورٍ ورسومات للنجوم التي ظهرت يوم ميلادهم، وكان البابليون يقومون بالتنبؤ الدقيق للخسوف والكسوف من خلال حسابات ودراسات يقومون بها على التحركات النجمية والكواكب أيضًا.
- اعتقادات القدماء المصريون
كان القدماء المصريون يعتقدون أن الأرض على شكل مستطيل طويل يتوسطه نهر النيل، وتحوم نجوم الآلهة فوق نهر النيل. وتعتمد السماء على أربعة جبال تعتبر ركائز للكون، وتنزل نجوم الآلهة منها. كما استطاع القدماء المصريون، بناء على نظامهم الفلكي، رصد الظواهر الفلكية وقياس الزمن وتحديد السنة والشهور. وقاموا بتحديد الشمال الحقيقي والاتجاهات الأربعة الأخرى.
- اعتقادات الصينيون القدامى
كان الصينيون يعتقدون أن الأرض هي عربة ضخمة، وأن الصين تقع في منتصف هذه العربة، وتحمل أربعة أعمدة – الأركان – التي ترفع السماء في الأعلى. كانوا أيضا يعتقدون أن السيد الأعلى الذي يسيطر على هذه العربة يتواجد في النجم القطبي في الشمال. ولكن في القرن الثاني قبل الميلاد، قدم الفلكي الصيني بهياهونج نظرية السماء الكروية، حيث اعتقد أن الكون عبارة عن بيضة، وأن الأرض هي الصفارة، وأن السماء هي القشرة.
- اعتقادات الكلدانيون
قام الكلدانيون بوضع التقويم الخاص بهم من خلال مراقبة حركة الشمس ومواقع النجوم، وقاموا بوضع تقويم البروج من خلال مراقبة دورتي الشمس والقمر والتنبؤ بحركاتيهما، حيث قاموا بالربط بين الإنسان وقدره من خلال وضع ذلك التقويم، وتمكنوا من خلال ذلك التقويم بالتنبؤ بموعد كسوف الشمس وخسوف القمر أيضًا.
حكم علم التنجيم في الشرع
يعتبر التنجيم في اصطلاح علماء الشريعة علم الخرافات، وهو على نوعين ولكل نوع حكم، وسنتناول كل نوع مع تفصيل حكمه بالأدلة، ومن أنواع علم التنجيم في الشرع الآتي:
النوع الأول وهو التنجيم الحسابي والذي يقوم على تحديد أوائل الشهور وذلك عن طريق حساب سير النجوم، وعلى اساس هذا الحساب يحدد العلماء الأوقات والأزمنة والفصول واتجاه القبلة، وهذا النوع من التنجيم هو فرع من فروع علم الفلك ولكنهم يسمونه بعلم التنجيم، على الرغم من الاختلاف الكبير بينهم.
الحكم: يعتبر هذا النوع من علم التنجيم مصرحًا به من قبل علماء الشريعة، حيث لا يعتمد على التنبؤات والخرافات، ويستخدم في تحديد بداية ونهاية شهر رمضان. وقال الشيخ ابن رسلان: `وأما علم النجوم الذي يستخدم لمعرفة اتجاه القبلة ومدة النهار والليل وكم يتبقى وكم مضى، فهو ليس فيه مانع.
النوع الثاني: يتعلق هذا بتنجيم التنبؤ، حيث يقوم المنجمون بتوقع الحوادث الأرضية باستخدام الأحوال الفلكية، وليس من خلال الحسابات العلمية أو استخدام الأجهزة المتخصصة في ذلك. ويقوم المنجمون بربط الحوادث التي يتعرض لها الأشخاص على الأرض بحركات الكواكب ومسارات النجوم.
الحكم: هذا النوع حرام شرعا، واتفق علماء الإسلام على تحريم العمل بالتنجيم بهذا المفهوم، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والتنجيم هو استنتاج الأحوال الأرضية من خلال الأحوال الفلكية والتأثير المتبادل بين القوى الفلكية والقوى الأرضية، وهذا العمل يعتبر محرما بناء على الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وجميع المرسلين في جميع الأديان أكدوا تحريمه. وقد صرح الشيخ ابن رسلان أيضا في شرح السنن: ومن المحرمات ما يدعيه أهل التنجيم من معرفة الأحداث والكوائن التي لم تحدث بعد وستحدث في المستقبل، ويدعون أنهم يعلمون ذلك بمراقبة حركة الكواكب في مداراتها وتجمعها وتفرقها، وهذا الادعاء هو تجاوز للعلم الذي احتفظ الله به لنفسه.
وقال العلامة ابن عثيمين: التنجيم هو نوع من السحر والكهانة وهو محرم لأنه يعتمد على أوهام ليس لها أي حقيقة، ولا يوجد أي علاقة بين الأحداث التي تحدث على الأرض وتلك التي تحدث في السماء. ولذلك كان من عقيدة أهل الجاهلية أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم. وفي اليوم الذي مات فيه ابنه إبراهيم، كسفت الشمس، وفسر الناس ذلك على أنه كان بسبب موت إبراهيم. ولكن النبي محمد صلى الله عليه وسلم خطب الناس وأبطل الارتباط بين الأحوال الفلكية والأحداث الأرضية. وكما أن التنجيم يعتبر نوعا من السحر والكهانة، فإنه يسبب الأوهام والانفعالات النفسية التي لا أساس لها في الحقيقة. ويجعل الإنسان يصاب بالأوهام والتشاؤمات والتحير، ولا يوجد أي تأثير للأبراج على النفع والضر
أدلة تحريم علم التنجيم
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من اقتبس علمًا من النجوم اقتبس شعبةً من السحر زاد ما زاد ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والحديث صححه الألباني، وقال الشوكاني في هذا الحديث: (زاد ما زاد أي زاد من علم النجوم كمثل ما زاد من السحر والمراد أنه إذا ازداد من علم النجوم فكأنه ازداد من علم السحر وقد علم أن أصل علم السحر حرام والازدياد منه أشد تحريمًا فكذا الازدياد من علم التنجيم.
وفقًا لرواية أخرى لابن عباس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: `من استفاد بمعرفة في علم التنجيم يستعملها في غير ما ذكره الله فقد اقتبس شعبة من السحر، فإن المنجم كاهن، والكاهن ساحر، والساحر كافر`، وهذا يعني أن الحديث يحذر من الشرك لمن يأخذ معرفة من علم التنجيم ويؤمن به.
قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث مرفوع عن أبي محجن: أخاف على أمتي ثلاثة أشياء بعدي: حيف الأئمة، والإيمان بالنجوم، وتكذيب القدر. هذا الحديث رواه ابن عساكر وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من زار عرافًا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين يومًا)، وهذا حديث صحيح رواه مسلم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من تَبِعَ عرافاً أو كَاهِنَاً فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ)، ورواه أصحاب السنن، وهو حديث صحيح كما صرح به الألباني.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضًا: يشير مصطلح العراف إلى الكاهن والمنجم والرامي وغيرهم ممن يتحدثون عن معرفتهم بالأمور باستخدام هذه الأساليب.