يُعد المسرح أول فنون الإنسان ولذلك يطلق عليه لقب `أبو الفنون`، حيث تم إنشاؤه منذ أيام الرومان والإغريق، وكان المسرح قادرًا على تجميع عناصر فنية متعددة ومختلفة. وكان المسرح هو الوسيلة الفنية الوحيدة للتعبير عن الفن بعد حلبات السباقات والمصارعة في الماضي، ولذلك فهو يُعد البيت الأول للفنانين.
نشأة المسرح
وفقًا لاقتناء الباحثين والمختصين في مجال الفن والمؤرخين، فإن نشأة المسرح يعود إلى تلك الطقوس الدينية والاحتفالات التي ترتبط بالحضارات القديمة بشكل عام، مثل الحضارة الفرعونية القديمة والإغريقية والرومانية.
على الرغم من أن الباحثين والمؤرخين يرجعون نشأة المسرح وشكله المتقدم في القوالب المنظمة التي يعرض خلالها الفن إلى الحضارة الإغريقية والاحتفالات التي كانوا يقومون بها للاحتفال بالإله ديوني زوس، فإن المصريين القدماء عرفوا أشكال عدة من الاحتفالات المسرحية، والدليل على ذلك هو ما تم اكتشافه من مخطوطة مسرحية دينية مصرية تم كتابتها قبل ألفين سنة قبل الميلاد، وتروي المسرحية قصة الإله أوز وريس وإعادة بعثه، وهو المكلف بإعادة الموتى ومحاكمتهم في الأساطير الفرعونية.
على الرغم من الحضارات القديمة المختلفة التي احتفلت بالعديد من الأشكال المتعددة للمسرح، فإن الدراما الإغريقية لا تزال تعد المصدر الأصلي لنشأة المسرح والملهمة للكتابة المسرحية في بعض الأشكال.
كانت تتأثر المسارح بالفرحة الشديدة بالاحتفالات الخاصة بالإله الاغريقي ديوني زوس إله الخصوبة والخمر، حيث كان يقوم الناس بوضع أقنعة على وجوههم ويقومون بالرقص والغناء والاحتفال بذكراه والاحتفال بوفرة المحصول، وكان يتشكل هذا الاحتفال من مجموعة من المحتفلين والذين يقومون بترديد الاهازيج.
من الأحداث المؤثرة بتاريخ المسرح، انفصال الممثل (ثسبس) ليصبح ممثل مستقل، ويذكر أن هذا الممثل هو أول ممثل في التاريخ، وأدي انفصاله إلى نشأة المسرح بشكل مختلف وظهر بعد ذلك الحوار الدرامي من منطلق درامي يتم تأليفه وتمثيله، ومن بعدها قام الشاعر التراجيدي (اسخيلوس) بإضافة ممثل أخر.
بعد ذلك أخذ المسرح الاغريقي منعطف كبير وقد بلغ أوجه في عصر يوربيدس وسوفوكليس اللذان يعدان من أبرز الشعراء الإغريق التراجيديين، ترك هذين الشاعرين مسرح غني بالتحف الفنية الأدبية التي مازالت تُمثل إلى يومنا هذا، مثل مسرحية (ثلاثية سوفوكليس) التي تتكون من (أوديب ملكاً) و(أوديب في كولونا) و(انتيغون).
في تلك الحقبة، كان (أريستوفانيس) هو السبب في تألق الكوميديا المسرحية، وقد وصلت إلينا أعماله مثل الطيور والضفادع، وتأثرت الحضارة الرومانية بهذا الإرث الفني الإغريقي العظيم، ولكنها لم تصل إلى المستوى الفني والدرامي الذي وصلت إليه الدراما اليونانية.
كان لبعض الكتب مثل (سينيكا) و(بلاوتوس) تأثير كبير في الدراما الرومانية بعد القرن السادس عشر، بعد تلك الحقبة عاد المسرح ليتراجع كثيراً مرة أخري حتى كاد يختفي أمام معارضة الكنيسة حتى يظهر نوع أخر من أنواع الفن المسرحي وهو المسرحيات الدينية، مثل مسرحية المعجزات والأسرار، وقد استمر المسرح في الانفصال تدريجياً عن الكنيسة والمواضيع الدينية التي كانت تتبناها، وينتقل ليتأثر بحركات الفلسفة والفكر وإحياء العلوم، ليعود المسرح مرة أخري للانتعاش.
المسرح والمسرحية
السؤال هنا هو: ما هو المسرح؟ يشير مصطلح المسرح في اللغة إلى المكان الذي يتم فيه تمثيل المسرحية، والمسرح في الجمع يسمى مسارح. أما بالنسبة للمعنى الفني فهو يمثل شكلا من الأشكال الفنية التي تحول النصوص المسرحية والأدبية المكتوبة إلى سلسلة من المشاهد التمثيلية، ويعرضها بعض الممثلين على خشبة المسرح أمام الجمهور.
هناك اختلاف بين المسرح والمسرحية، فالمسرحية هي النص المكتوب وهي الجانب الأدبي للعرض المسرحي، وهو أحد عناصر المسرح المتعددة حيث يوجد جانب النص الأدبي للعمل التمثيلي الذي يقوم به ممثلين المسرح والإخراج والإضاءة والأزياء والديكور والغناء والرقص والموسيقى التي تندمج جميعها لتخرج لنا عمل مسرحي متكامل في النهاية.