نشأة التأليف عند العرب
متى نشأ التأليف عند العرب
لم يصدر القرن الأول الهجري على نهايته دون أن يحقق التفاعل الفكري بين الشعوب الإسلامية ثماره، نتيجة لمزج الثقافات والعمل على الترجمة من اللغات الهندية والفارسية واليونانية، وكما بدأ التدوين عند العرب، نتيجة لتوسع الآفاق العلمية الإسلامية التي خدمت العقيدة والثقافة الدينية في مختلف المجالات مثل الكلام والتفسير اللغوي والنحوي والصرف والأدب والتاريخ وغيرها، ويمكن القول أنه تم تشكيل ما يمكن أن يسمى العقل الإسلامي الذي كان يهدف إلى حماية وتعليم الوعي والتعلم، ثم تمنح بوفرة وغنى ويتميز بالعطاء.
لقد قيل ان مرحلة التأليف لدى العرب كانت تتجزء إلى سبعة أقسام لا يقوم عالم بالتأليف إلا وهي فيها : إما امر لم يسبق فتم اختراعه ، أو امر ناقص فيتمه، أو امرمغلق فيشرحه، أو امر يختصره بغير أن يقل بشيء من معانيه أو شيء مشتت يجمعه، أو امر مختلط ينسقه ، أو امر أخطأ فيه مصنفه فيتم تصحيحه.
هذا هو المنهج الذي يتبعه الرجل الذي يعمل على تأليف الكتب العربية والذي يحصر أعماله خلال حياته الطويلة، وهذا المنهج يعتبر صعبا ويحتاج إلى عمرين بدلا من عمر واحد، وقد بدأ العرب في الكتابة بعدما فهموا طبيعة الكتابة، ورغم بساطة هذا التعريف إلا أنه يقترب من الحقيقة ويصوب إليها.
قبل الشروع في عملية التأليف، كان هناك مرحلة مهمة لا بد من الإشارة إليها من قبل المؤلف، وهي مرحلة الكتابة والإنشاء. يعد الإنشاء عملية تنتج عنها جملة توضح الفكرة، والفكرة بدورها هي أساس الكتابة للمؤلف.
كان يتطلب من العقل العربي قبل قبول التأليف أن يمتلك طريقة للتأليف وهي الكتابة، لأن العرب لم تكن من الشعوب الملمة بالكتابة، وكان الأميون ينتشرون بينهم. والذين كانوا يشتهرون بالكتابة أو يجيدونها لم يكن عددهم كبيراً ولم يزدهر هذا المجال إلا في منطقة مكة المكرمة .
التأليف اللغوي عند العرب
يتعذر أن يتم التحقق من مسار ومناهج الكتابة والتأليف في الثقافة العربية ويصل إلى نتائج صحيحة وأحكام أصيلة ما لم يتماشى مع تاريخ وتقاليد الكتابة والتأليف كونها فنا رئيسيا نشأ في عمق الحضارة الإسلامية وتطورت ونمت وتقدمت من حيث المنهج والفن. فالتأليف يعتبر وسيلة للتعبير وطريقة تعتمد على التفكير الذي يصور قضية أو رسالة أو أمرا أو كتابا، وهذا هو السبب في أن المكتبة العربية غنية بجميع فنون العلوم وأشكال المعرفة.
الكتابة هي المدرسة التي يكون فيها الكتاب أساتذة لمجتمعاتهم، ومن ثم يكلفون بشؤون الدولة، وقد أدى ذلك إلى منح الخلفاء العباسيين العرب مناصب وزارية. وسبقهم في ذلك مجموعة من الأمويين في نهاية حكم دولة بني مروان. نسمع عن أسر معينة استولت على المناصب الوزارية من خلال التأليف والكتابة وإتقان الشؤون السياسية والثقافية، مثل البرامكة، والصوليين، وبني سهل، وبني وهب، وبني ثوابة، وبني الفرات، وآخرين من العديد من الأسر التي يمكن معرفة أخبارها وأصولها من خلال كتب الأدب والتاريخ.
فيما يتعلق بالبرامكة، كانوا من أبلغ الناس بالأسلوب والأفصح في التأليف والكتابة، ومن بينهم: يحيى بن خالد وولداه الفضل وجعفر في وحياتهم ومرورهم بمراحل تطور الكتابة. وكان يحيى وابنه الفضل بالذات من أسمى الناس في الخلق وأكثرهم فضائل.
متى عرف العرب الكتابة
أما الكتابة الأصيلة التي باحتياج لها كل المؤلفين هي الكتابة الإنشائية التي تشمل الفكرة وتجود من التعبير عنها وتنشأ في أسلوب بسيط يمكن للقارئ ان يلتقطها واستيعابها. ومن هنا يوجد مرحلة رئيسية وضرورية بالماضي لمرحلة التأليف، وهي مرحلة الكتابة الإنشائية التي تأخذ الفكرة وتجيد التعبير عنها وتقدمها شاملة وسائغة للقارئين وطالبين المعرفة.
إن كتب الأدب والأخبار توضح لنا سالمًا مولى هشام بن عبد الملك كان من رواد الكتابة باللغة العربية، وقد يكون هذا الخبر من الصحيح ، غير أن هناك لأمر هام واحدًا لسالم هذا لم يصل إلينا حتى نتعرف به أو عليه، ومن ثم كان يجب أن يتم الاعتماد على ما بين ايادي من نصوص كتابية تعد هي نصوصًا هامة في فن الكتابة العربية نتمكن عن طريقها أن يتم متابعة تطور الكتابة العربية التي هي وسيلة فنية للتأليف بالمكتبة العربية الإسلامية. ويحضر في هذا الامر عدد من الكتاب الرواد ومنهم العرب والبعض الآخر من الفرس المستعربين.
في المقدمة يأتي يحيى بن يعمر العدواني وقيس عيلان، وكانا من الكتاب ليزيد بن المهلب بن أبي صفرة. قد شغلا أيضا منصب قاضي في خراسان أثناء حكم قتيبة بن مسلم الباهلي. ومع ذلك، لا نعرفهم في هذا السياق بصفتهم قضاة، وإنما المعروف لدينا عنهم هو يحيى بن يعمر الكاتب. لقد قام يحيى بكتابة رسالة نصرية عن لسان يزيد بن المهلب لحجاج، يعبر فيها عن تمنياته بنصر متكرر على أعداء الدولة.
كانت الكتابة تحمل معنى حقيقيا، وهي كتابة في العصور الأولى ليحيى بن يعمر، وهو تابعي، وقد أفاد بعض الصحابة والدرسم ورواهم. قد التقى عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر، واستفادا منها واستخدماها، وهي الكتابة التي تعلماها وفقا لعبد الحميد. ورغم أن يحيى بن يعمر سبق عبد الحميد في الكتابة والزمان، إلا أنه لم يكن مجرد كاتبا أو قاضيا، بل كان يلعب دورا هاما في التأليف .
التأليف والترجمة بالحضارة العربية الإسلامية
كانت الحضارة العربية الإسلامية، دوراً كبيراً في الموضوعات المختلفة العلمية: سواء بالطب او الفلك او الرياضيات . ولذلك، أخذت الكثير من الندوات على عاتقها ايضح إنجازات العرب العلمية والإنسانية والتطبيقية داخل الحضارة العربية الإسلامية، ما يجعل هذه الحضارة من الحضارات الراقية والمبتكرة والمبدعة . وأيضاً، ما يوضح حضورها وقوتها بالمشهد الحضاري العالمي لآزمنة طويلة.
المستشرقين قاموا بالعديد من الدراسات وتحليلات بالعمارة العربية الإسلامية، عندما اختفى الاثار الفكرية والنظرية، والتي تم وصفها بالجسم الطفيلي الذي عاش بناء عن تحقيق الحضارتين البيزنطية والفارسية، وبالنهاية إلى أن الحضارة العربية الإسلامية من الحضارات الاكثر إنتاجية للأدب المعماري .
بجانب ذلك كتب طبية كثيرة ، وسريعاً ما يتم استنتاج أن عدداً ضخماً من النظريات الطبية وطرق علاجية لأمراض معاصرة، ترجع في أصلها للأطباء العرب والمسلمين بالعصور الوسطى. ولعل تعليم العلوم الطبية بأوروبا يكون باللغة العربية، وابقاء بعض المصطلحات الطبية العالمية بالسان العربي، وهم ابرز دليل على تقدم الأطباء العرب، ونجاحهم وتفوقهم عن أقرانهم بالحضارات الأخرى.
تبرز أهمية دور العلماء العرب المسلمين في مجال علوم الأرض والتأثير الكبير الذي تركوه في المراحل الأولى للنهضة الأوروبية الجديدة. قدم البيروني جهازه الخاص لقياس الكتلة النوعية للمعادن، واكتشف الهمداني طريقة علمية لاستخراج الذهب والفضة من الخامات الأساسية، وقدم ابن سينا قانونا يتعلق بتتابع الطبقات، الذي يوضح تشكل بعض الطبقات الجيولوجية.
يؤكد الباحثون الذين ألفوا الكتاب على أن هناك هدفًا رئيسيًا لجميعهم، وهو إبراز الإنجازات العربية الإسلامية ونشر الخبر عن دورها وعن مكتشفيها، وذلك بالنسبة للعلماء العرب والمسلمين، بهدف إعادة صياغتها في المجال التداولي المعرفي. .