نتائج البطالة على المجتمع و الدولة
البطالة من الظواهر الخطيرة التي تؤثر على المجتمعات، وتعمل جميع المجتمعات على إيجاد حلول شاملة لها، ومع ذلك فإنها تزداد بشكل مستمر في العديد من المجتمعات، وعلى وجه الخصوص، يمكن القول أن البطالة هي العامل الرئيسي وراء العديد من المشكلات والانحرافات التي تصيب المجتمعات، مثل الجريمة والإرهاب والعنف وانتشار الفقر وما يترتب عليها من مشكلات اجتماعية ونفسية، وبالتالي فإن لها تأثير سلبي على الفرد والمجتمع في مختلف جوانبه.
ما هي البطالة؟
البطالة هي حالة عدم وجود عمل شرعي وعلى إثرها فقدان مصدر الدخل وبالتالي عدم قدرة الفرد على تلبية احتياجاته الأساسية، وهذا يؤثر على جميع جوانب المجتمع.
تأثير البطالة على الجانب الأمني
يوجد ترابط مباشر بين البطالة والجريمة؛ إذ يدفع حرمان الفرد من العمل الشرعي وعدم وجود مصدر دخله إلى اللجوء إلى طرق غير شرعية للحصول على الدخل، وهذا يعد تأثيرا مباشرا. ومع ذلك، توجد تأثيرات غير مباشرة للبطالة ترتبط بتأثيرها على الحالة النفسية، مما يؤدي إلى ظهور جرائم مرتبطة بالعنف. ولذلك فإن البطالة تعد منبعا للجريمة، وقد أقر الباحثون بذلك نتيجة لمجموعة من العوامل أو الأسباب، منها:
يعاني المعطلون عن العمل من حالة عدم استقرار اجتماعي.
يشعر الأفراد من هذا النوع بالإحباط وخيبة الأمل بشكل شائع.
تتسبب حالة العزلة التي يعاني منها العاطل عن العمل في ابتعاده عن المجتمع وقيمه.
عمومًا، البطالة تمثل سببًا قويًا في ظهور الجريمة وانتشاركها، ولكن مع وجود عوامل أخرى مثل الجهل والفقر.
تأثير البطالة على الجانب الاقتصادي
الفرد هو قوة عاملة واحدة من موارد المجتمع. وإذا كان هناك أفراد عاطلون عن العمل في المجتمع، فإن ذلك يعني وجود طاقات بشرية مهدرة أو مورد بشري ضائع. وبالتالي، يفقد المجتمع موردا اقتصاديا حيويا، إلى جانب تحول الفرد من مورد اقتصادي إلى عبء اقتصادي. ويلاحظ أنه كلما كان المجتمع متدهورا اقتصاديا، كلما زادت نسبة البطالة وتزايدت الجرائم الاقتصادية مثل السرقة والنصب.
تأثير البطالة على الجانب السياسي
تطورت المفاهيم السياسية بشكل كبير، ومن بين هذه المفاهيم مفهوم ديمقراطية المجتمعات الذي لم يعد يقتصر على الحريات والحقوق التقليدية فحسب، بل يجب التفكير في مجموعة من المعايير الاقتصادية والاجتماعية لتقييمها. وتعتبر البطالة واحدة من أهم العوامل التي تؤثر على تلك المعايير.
تأثير البطالة على الجانب النفسي والاجتماعي والصحي
يترافق وجود البطالة مع العديد من مشاكل الخلل النفسي والاجتماعي، حتى يلاحظ أن العديد من العاطلين عن العمل يعانون من العديد من الأمراض النفسية. ويرجع ذلك إلى شعور الشخص العاطل بعدم السعادة وعدم الرضا، والشعور بالعجز وعدم الكفاءة.
يشعر العاطلون عن العمل الذين يتركون الدراسة من أجل العمل بالبؤس والعجز، إضافة إلى الإصابة بأمراض عضوية مثل ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول، مما يزيد من خطر الإصابة ببعض أنواع أمراض القلب.
يؤدي وجود البطالة إلى ظهور سلوكيات غريبة وغير مألوفة في مجتمعاتنا، والتي تنتج عن الإحساس بالظلم الاجتماعي، مثل تعاطي المخدرات وظهور شعور من العدمية، والتي يمكن أن تؤدي إلى ظهور الأعمال الإرهابية والتخريبية.
قد لا يظهرالعاطلون عن العمل بعض السلوكيات أو الردود الفعلية الواضحة كما يحدث مع أولئك الذين لديهم سلوكيات غير معتادة، بل يكبتون أي مشاعر تتعلق بحالتهم ، مما يؤدي في النهاية إلى تدميرهم نفسيًا وصحيًا.
غالبًا ما يشعر العاطل عن العمل بالإحباط وعدم الرضا عن الذات، ويؤثر هذا بشكل واضح على النمو النفسي للشباب.
عندما يكون الشخص الذي يعاني البطالة رب الأسرة، فإن التأثير لن يقتصر عليه فقط، بل سيمتد ليشمل جميع أفراد الأسرة، مما يمكن أن يؤدي إلى تفكك الأسرة أو تعرض الأطفال للفقر والأمراض الاجتماعية والصحية.
يميل الأشخاص العاطلون عن العمل إلى التفكير في الهجرة بحثًا عن العمل أو الاعتراف بقيمتهم في المجتمع، وهذا يؤدي في بعض الأحيان إلى هجرة بعض الخبرات الهامة، وبالتالي يتسبب في فقدان المجتمع لإحدى العناصر التي يمكن أن تساهم في تطويره ونموه.
علاج مشكلة البطالة
يتطلب علاج مشكلة البطالة في المجتمعات بشكل عام مجموعة من الخطوات التي يجب أن تتخذ على مستوى الحكومات والأفراد
ضمان المساواة بين الأفراد في المجتمع في الفرص.
يتضمن العمل على دراسات شاملة تحتوي على الجوانب الأمنية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية.
ينبغي إجراء حصر مستمر لأعداد العاطلين عن العمل بطريقة تصنيفهم وتصنيف حالاتهم، وذلك لمساعدة عمليات وضع الخطط اللازمة للتغلب عليها.
تقنين عملية العمالة الواردة من الخارج.
توفير عمليات التدريب والتأهيل.
تم إنشاء مجتمعات سكانية أو عمرانية تعمل على إيجاد فرص عمل جديدة، مما يساعد على تخفيض مستوى البطالة وزيادة القيمة المضافة.
يتم العمل على تعزيز العلاقة بين المؤسسة التعليمية ومؤسسات المهن، مما يسمح بتنظيم الدراسة وفقًا لاحتياجات سوق العمل.
يعمل المجتمع على دعم وتعزيز القطاع الخاص الذي يمكن أن يستوعب عددًا أكبر من العمالة في المجتمع.
يتم توفير فرص التدريب للأفراد المؤهلين لبدء مشاريعهم الخاصة.
تشجيع الأفراد المؤهلين لتنفيذ المشروعات الخيرية والاجتماعية.
إنشاء صناديق للتكافل الاجتماعي التي تعمل على خدمة المحدودين بالدخل.
تختلف نسبة البطالة بشكل عام باختلاف نوع المجتمع بين الحضر والريف، وكذلك باختلاف الجنس بين الذكور والإناث، وكذلك باختلاف نوع التعليم.