نبذة مختصرة عن جامع القيروان
أولوا الفاتحون المسلمون اهتمامًا ببناء المساجد في جميع الأمصار والمدن التي فتحوها، وتميزت المساجد بالطابع الإسلامي الذي يعبر عن هوية الدين الإسلامي، واستوحي تصميم المساجد الأولى من مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والصحن المفتوح والأروقة المحيطة به .
جامع القيروان
جامع عقبة بن نافع أو جامع القيروان الكبير هو مسجد يقع في مدينة القيروان التونسية، وقد بناه الصحابي عقبة بن نافع رضي الله عنه بعد فتح إفريقيا وتأسيس المدينة. وعند إنشائه، كان الجامع بسيطا وصغير المساحة، وكانت أسقفه تستند على عدد من الأعمدة المباشرة، دون وجود عقود تربط الأعمدة بالسقف. وقد قام عقبة بن نافع رضي الله عنه بوضع محراب الجامع وبنائه، ثم هدمه حسان حاشي المحرابي وبناه من جديد، ونقل إليه الساريتين الحمراوين الموشاتين بصفرتهما، واللتين لم ير مثلهما من قبل، من كنيسة كانت في الموقع الذي يعرف الآن باسم القيسارية في سوق الضرب .
أعطى الذين قاموا بتجديد هيكل المبنى اهتماما كبيرا لشكله العام ومظهره ومحرابه. تم زيادة مساحته بشكل كبير ولقى اهتماما من الأمراء والخلفاء والعلماء على مر العصور في تاريخ الإسلام. أصبح جامعا ذو أهمية تاريخية بارزة، وفي زمن هشام بن عبد الملك بن مروان، تلقى خطابا من موظفه في القيروان يخبره أن الجامع ضيق لأهله ويحتوي على حديقة كبيرة لقوم من فهر، لذا كتب إليهم مطالبا بشرائها وإدخالها إلى الجامع .
عندما تولت إفريقية، يزيد بن حاتم، السلطة في عام 155هـ، قام بتدمير المسجد بأكمله ما حول المحراب وأعاد بنائه، كما اشترى العمود الأخضر. وعندما تولى زيادة الله بن إبراهيم الأغلب الحكم، قام بتدمير المسجد بأكمله وإعادة بنائه من جديد. وتعود بناء المسجد بشكله وحجمه وطرازه المعماري الذي نراه اليوم بشكل أساسي إلى عهد الدولة الأغلبية في القرن الثالث الهجري، أي التاسع الميلادي، وتمت إضافة زيادات وتحسينات خلال فترة حكم الصنهاجي وفي بداية العهد الخفص .
مساحة المسجد وأبرز معالمه
ويعد مسجد القيروان من أضخم المساجد بالغرب الإسلامي يبلغ مساحته الإجمالية ما يناهز 9700 متر مربع ومقاييسه ما يقارب من 126متر طولًا ، وحوالي 77 مترًا بالعرض ، أما بيت الصلاة في المسجد واسع ومساحته كبيرة يستند على مئات من الأعمدة الرخامية بجانب صحن فسيح يحيط به عدد من الأروقة ومع ضخامته فمسجد القيروان أو القيروان الكبير أو مسجد عقبة بن نافع يعد تحفة معمارية وأحد أروع وأجمل المعالم الإسلامية .
كما أن جامع القيروان يحتوي على تشكيلة قيمة من الكنوز، مثل المنبر الذي يعتبر تحفة فنية رائعة وصنع من الخشب المنقوش الساج، وهو من أقدم المنابر في العالم الإسلامي وما زال محتفظا به في مكانه الأصلي، وتعود تاريخه إلى القرن الثالث الهجري. أما مقصورة المسجد النفيسة، فتعود إلى القرن الخامس الهجري الموافق الحادي عشر الميلادي، وهي أقدم مقصورة ما زالت تحتفظ بزخرفتها الأصلية. ومن بين معالمه المميزة القبة الموجودة أمام المحراب بالبلاطة الوسطى والمئذنة الضخمة المتواجدة في نهاية المصلى .
مدينة القيروان
تاريخ مدينة القيروان يعود إلى عام 50 هـ الموافق 670م، حيث أسسها عقبة بن نافع رضي الله عنه. وكان الهدف الرئيس من إنشائها هو استقرار المسلمين فيها، حيث كان يخشى أن يعود المسلمون الأفارقة إلى دينهم قبل الإسلام. تعتبر القيروان واحدة من أهم وأقدم المدن الإسلامية، وهي المدينة الإسلامية الأولى في بلاد المغرب العربي. وبداية إنشاء القيروان تعتبر بداية لتاريخ الحضارة العربية الإسلامية في بلاد المغرب العربي .
لعبت مدينة القيروان دورين مهمين في نفس الوقت، وهما دور الدعوة ودور الجهاد. عندما كانت الجيوش تخرج من المدينة للغزو والتوسع، كان الفقهاء يخرجون أيضا لينتشروا في البلاد ويعلموا الناس اللغة العربية وينشروا الإسلام. لذلك، تحمل المدينة في كل شبر من أرضها عبقا من المجد العالي وتراثا عريقا يؤكد تاريخها الباهر ومعالمها المتبقية التي تمثل مراحل مهمة في التاريخ العربي الإسلامي .
ظلت القيروان حوالي أربع قرون عاصمة الإسلام الأولى لأفريقيا والأندلس، وظلت مركزا حربيا للجيوش الإسلامية ونقطة ارتكاز رئيسية لانتشار اللغة العربية. فعندما نذكر القيروان، نذكر معها القائد المسلم عقبة بن نافع ومقولته الشهيرة عندما بلغ في توسعاته في المحيط الأطلسي، وهو يرفع يده للسماء ويصيح بأعلى صوته: `اللهم أشهد إني بلغت المجهود، ولولا هذا البحر لمضيت في البلاد أقاتل من كفر بك حتى لا يعبد أحد دونك`. وتقع مدينة القيروان اليوم في تونس على بعد 156 كم من العاصمة تونس، وكلمة القيروان كلمة فارسية دخلت إلى اللغة العربية وتعني مكان السلاح أو استراحة القافلة أو محط الجيش وموضع اجتماع الناس للحرب .