نبذة عن حياة الفيلسوف باروخ سبينوزا
اشتهر سبينوزا باعتباره فيلسوف التنوير قبل ظهور حركة التنوير الفكرية بشكلها الأساسي في القرن الثامن عشر. فقد عاش سبينوزا خلال النصف الثاني من القرن السابع عشر وكان واحدا من أهم فلاسفة عصره، أي أنه كان موجودا قبل مائة عام من ظهور فولتير وديدرو وغيرهم من أدباء حركة التنوير .
الحياة المبكرة لباروخ سبينوزا :
ولد سبينوزا في 24 نوفمر عام 1632م في هولندا ، و هو ينتمي إلى عائلة برتغالية يهودية يرجع أصلها إلى طائفة المارونيين ، و قد عمل والده بمهنة التجارة و كان تاجراً ناجحاً كما أنه كان متشدداً في الدين كثيراً ، و قد تربى باروخ تربية دينية إلا أنه كان محباً للمعرفة ، مما جعله في صراع دائم مع المجتمع اليهودي .
تعلم باروخ في المدرسة اليهودية ” يشيفا ” و ظل بها حتى عام 1650م ، كما أنه درس على يد بعض الفلاسفة العبرانيين ، و كان باروخ محباً لقراءة الكتب التاريخية و الدينية و كان شديد الذكاء في فهم مواضيعها ، مما جعل الجميع يظنون أنه سيكون له مستقبل باهر و أنه سيقدم العون للمجتمع اليهودي بعلمه الواسع .
الحرمان الكنسي لباروخ سبينوزا :
بدأ باروخ الاطلاع على افكار الفلاسفة اليهود مثل ابن ميمون و ليفي بن جيرسون و ابن عزرا ، كما ظهر تأثره بأفكارهم حول الفلسفة و التلمود الوسطوي و في النهاية أعلن انفصاله عن المعبد اليهودي ، و منذ ذلك الحين كرهه المجتمع اليهودي و رأي أنه يسير في طريق الضلال ، و في عام 1656م أصدرت السلطات الدينية و المدنية بالجالية اليهودية أمراً بالحرمان الكنسي لباروخ ، و أن لا يتم التحدث إليه و لا التعامل معه على الاطلاق .
في ذلك الوقت، ذهب سبينوزا إلى مدرسة الفيلسوف فرانسيس فان إيدن المشهور بأفينوس، حيث تعلم اللغة اللاتينية واكتسب الكثير من المعرفة بالتاريخ والفلسفة في العصور القديمة. درس أفكار فرانسيس بيكون وغروتيوس وتوماس هوبز وغيرهم، وفهم فلسفة ديكارت بشكل جيد. حاولت إحدى الجماعات اليهودية إقناعه بترك آرائه، لكنه رفض وهذا دفعهم لمحاولة قتله. ولكنه نجا من هذا الهجوم .
تعرض والد باروخ منزله، وكان الناس يصلون ليطلبوا من الله أن ينزل عليه لعناته. ونظر الجميع إليه كشخص فاسد، ولم يعد أحد يقرأ كتاباته أو يرغب في التواجد بجواره. وعلى الرغم من أن فلسفة باروخ تركزت حول الله، اعتبره البعض مجنونا. مر باروخ بظروف صعبة في ظل رفض قومه له، إلا أنه بقي قويا وعاش حياته بمفرده .
مؤلفات باروخ سبينوزا :
تركز الرسالة القصيرة على فكرة الإله الذي يعتبر سببًا لكل شيء .
في كتابه `رسالة في إصلاح العقل`، يتحدث عن الطريقة التي تؤدي إلى معرفة كل الأشياء .
الإيتيقيا هي دعوة للابتعاد عن التصور التقليدي الديني واتباع الأفاق العقلية .
يحاول كتاب `رسالة في السياسة` الوصول إلى أفضل طريقة لتشكيل سياسة المجتمع .
يشرح كتاب `مبادئ الفلسفة الديكارتية` أسباب اعتماد ديكارت مبدأ الشك في كل شيء لتحقيق الحقيقة .
يشرح ملحق “خواطر ميتافيزيقية” الصعوبات التي تواجه فلسفة الميتافيزيقا، ويعد ملحقًا لكتاب “مبادئ الفلسفة الديكارتية .
في رسالته عن اللاهوت والسياسة، يشير إلى أن حرية التفكير والتعبير ليست ضارة بالدولة، وأن تطبيق النظام الديمقراطي هو أساس القانون الإلهي .
أبرز أقوال باروخ سبينوزا :
الحقيقة هي نفسها المعيار الذي يعرف به النور، وبه يعرف الظلام .
تكمن حرية الدول الحقيقية في تبنيها لقوانين تعتمد على العقل السليم .
يتجلى فضل الرجل الحر في تجنب الخطر بمدى لا يقل عن فضله في التغلب عليه .
إن الإنسان الذي تتحكم به العواطف لا يرى سوى جانب واحد من الموقف .
يجب أن ننطلق من هذا العقل لنشيد مجتمعًا آخر أكثر حرية وإنسانية .
لو كان بإمكان الناس الصمت بنفس قدرتهم على الكلام، فسيصبح العالم مكانًا أسعد .
المدح لا يؤثر على المتكبرين الذين يرغبون في أن يكونوا الأوائل ولكنهم ليسوا كذلك، ولا ينصح عادة باستخدامه .
يجب أن تكون الفكرة متحمسة ومشتعلة دون نقص في الحماس، ويجب أن تكون الرغبة مضيئة دون نقص في الفكرة .