من هي سيدة القاعدة .. هيلة القصير ؟ وقصتها مع تنظيم القاعدة
لفتت هيلة القصير، المسجونة في القاعدة، انتباه وسائل الإعلام السعودية في أول ظهور إعلامي لها بعد صدور حكم بالسجن لمدة ١٥ عاما. صرحت هيلة بأن الحكم الصادر بحقها يحمل تسامحا كبيرا، وأنه لو كانت تعيش في دولة أخرى لكان الحكم عليها أشد وأكثر صرامة، حتى يصل إلى ٣٠ عاما. هيلة القصير التائبة من انتمائها لتنظيم القاعدة والتي تراجعت عن معتقداتها وأفكارها الإرهابية التي استمدتها من التنظيم، أدركت خطئها وندمت عليه، والآن تحكي قصتها مع تنظيم القاعدة وأسباب ندمها، وستجدون التفاصيل كاملة في مقالنا أدناه .
هيلة القصير قبل انضمامها لتنظيم القاعدة :
هيلة كانت من الطالبات المتفوقات طوال سنوات دراستها في المدارس، حيث حققت المركز الأول باستمرار. كانت مثالا للطالبة المجتهدة والمثابرة. وبعد انضمامها إلى الجامعة لتخصصها في الدراسات الإسلامية بكلية التربية في بريدة، كانت أيضا من بين أوائل الطلاب والأكثر نشاطا. كما قامت بتدريس دروس حفظ القرآن لطالبات الكلية، واكتسبت شعبية كبيرة بين الطالبات. بعد انتهاء دراستها الجامعية، حصلت على وظيفة في إحدى الدوائر وكانت تنوي متابعة الدراسات العليا للحصول على درجة الماجستير .
تحول مسارها الفكري :
القراءة هي أكثر هواية تحب ممارستها هيلة القصير في أوقات فراغها فهي شغوفة جدا لقراءة كل كتاب يقع بين أيديها ، وتحب التنوع في شتى المجالات في قراءاتها ، إلى أن وجدت كتاب يروي سيرة عبدالكريم الحميد فقرأته وأعجبت بنمط حياته ، مما دفعها للتحول في مسار فكرها الثقافي لتتجه إلى الكتب ذات الطابع المتطرف ، فأصبحت شغوفة في قراءة هذه الكتب .
زواجها من عبدالكريم حميد :
لم يقتصر تحول مسارها الفكري في قراءة الكتب المتطرفة فقط ، بل سعت إلى أن تتزوج من عبدالكريم حميد وهو رجل مسن من الطائف كان يعمل في شركة أرامكو قبل أن يزهد الحياة ، وكان لها ذلك بالفعل ، بالرغم من اعتراض أهلها وذويها من هذا الزواج وعدم مباركته لعدة أسباب منها فارق العمر الكبير بينها وبين عبدالكريم حميد الذي كان في ذلك الوقت يبلغ الستين عاما بينما هي لم تتعدى الثمانية والعشرين ، كما كان له عادات غريبة لم تعجب أهلها كتحريم حيث كان يعتقد بأن استخدام الكهرباء حرام ، واستعمال النقود حرام ، وركوب السيارات حرام ، وكافة المظاهر المتعقلة بالحياة العصرية بالنسبة له حرام ، ولكن مع إصرارها اضطر أهلها للرضوخ إلى رغبتها ، وبعد مضي ستة أشهر فقط سرعان ما تغيرت الأحوال حيث أصبحت لا تطيق العيش معه في ظل المحرمات الكثيرة التي كانت تواجهها ، لأن عبدالكريم حميد كان زاهدا من كل الدنيا حتى نسائه ، فحدث الطلاق وكانت ترجئ الأسباب إلى عين الحسود التي أوقعت بينها وبين زوجها .
زواجها من محمد الوكيل :
وبعد طلاقها وانتهاء عدتها ما لبثت وأن تزوجت من تلميذ عبدالكريم الحميد وهو ” محمد سليمان الوكيل ” وهو أحد أفراد تنظيم القاعدة ، عاشت معه حياة سعيدة مليئة بالحب بحسب تصريحاتها واعتقادها ، فأحبته بشدة وتعلقت به وأنجبت منه ابنتها الوحيدة ” الرباب ” ، وقتل محمد الوكيل بعد مواجهات مع السلطات الأمنية في عام 1425 هـ .
زهدها :
بدأت هيلة القصير تواجه صراعا داخليا مع نفسها حتى قررت أن تزهد في الدنيا ومتعها. قررت ترك وظيفتها ودراستها، وقامت بتمزيق وثيقة تخرجها من الجامعة الخاصة بها لتعلن زهدها. كانت تعتقد أن التعليم هو واحدة من متع الحياة التي تجعلها ترتبط بها وتشغلها عن الأوامر الدينية. خلال ذلك الوقت، حدثت العديد من المشاحنات بينها وبين أفراد عائلتها بسبب تصرفاتها الغريبة وتخليها عن دراستها التي كانت تحلم بها .
انضمامها للقاعدة :
بعد مقتل زوجها محمد الوكيل ، انضمت هيلة القصير إلى تنظيم القاعدة بشكل رسمي لتصبح ثاني امرأة تنضم للقاعدة ، وهذا ما يعود إلى تسميتها بـ ” سيدة القاعدة ” ، واستطاعت من خلال مركزها في القاعدة من جمع أموال طائلة كانت تجنيها من التبرعات التي تحصل عليها باسم الجمعيات الخيرية التي كانت توهم الناس وذويها بأنها كانت تسلمهم للفقراء والمحتاجين ، ولكن الحقيقة لم تكن كذلك فقد كانت تجمع المال وتخبئه في غرفة نومها من أجل تنظيمها الإرهابي ، حيث كانت تتواصل مع أعضاء القاعدة من داخل المملكة وخارجها ، وكانت تقوم بالتستر على المطلوبين أمنيا .
ولم تكن هيلة القصير على دراية بالأمور المتداولة على الإنترنت، ففي زواجها الأول، لم تكن لديها حتى الكهرباء للاستفادة منها، وكانت تعيش حياة متواضعة. أما في زواجها الثاني، فقد نصحها زوجها قبل وفاته بعدم استخدام الإنترنت حتى لا تتورط في مشاكل مع أشخاص مشبوهين، وذلك حسب ما صرحت به في إحدى الصحف المحلية. ولكن سرعان ما تبين أنها كذبت على الجميع عندما تحدثت عن علاقتها بوفاء الشهري، إحدى المطلوبات أمنيا، حيث كانت هناك تراسل إلكتروني بينهما. وأكدت أنها تعلمت استخدام الإنترنت في السنوات الأخيرة بعد وفاة زوجها. وبحسب قولها، كانت هيلة تستغل النساء اللاتي ثقن بهن وتستولي على أموالهن بحجة القيام بأعمال خيرية ومساعدة الفقراء في اليمن، بينما في الحقيقة كانت ترسل هذه الأموال إلى تنظيم القاعدة في اليمن وأفغانستان .
القبض عليها ومحاكمتها :
قام رجال الأمن باستدعاء أقارب هيلة القصير محافظة منهم على كرامتها وخصوصيتها كامرأة وذلك لإنذارهم بضرورة متابعة تصرفاتها وتحركاتها التي ستؤدي إلى القبض عليها وسجنها ، فخشيت هيلة القصير من السجن فأعدت خطة للهروب إلى اليمن ، وبقيت في أحد منازل المطلوبين إلى حين تنفيذ خطتها ، ولكن مخططاتها باءت بالفشل فبعد مضي شهرين للبحث عنها وعن مجمعة من المطلوبين من قبل رجال الأمن ، تم القبض عليها في عام 1431 هـ ، ووجهت إليها أكثر من 18 تهمة من ضمنها انضمامها لتنظيم القاعدة ، وتسهيل الخدمات للتنظيم ، واعتقاداتها بالفكر التكفيري ، وقد حكم عليها بالسجن تعزيزا لمدة خمسة عشر عاما ، وقد بررت هيلة القصير قصة هروبها قبل الزج بها في السجن هو اعتقادها بأن رجال الأمن يقومون بالاعتداء على النساء ويهتكون عرضهن وذلك بحسب ما زرع في ذهنها من قبل التنظيم الإرهابي ، وبعد ندمها وشعورها بالذنب أيقنت تماما بأن جميع هذه الأقاويل والمعتقدات ماهي إلى أكاذيب فارغة زرعتها القاعدة للتضليل بأعضائها .
التوبة :
بعد مضي سنوات على سجنها ، أحست هيلة القصيم بالندم الشديد على ما فعلته من جرائم وذنوب في حق نفسها أولا وأهلها ثانيا ووطنها ثالثا ، وقد كان لهذا التحول الكبير في معتقداتها التي رسخت في ذهنها سنوات طويلة كلفتها شبابها وابنتها وأهلها ، سببه هو ابنتها ” الرباب ” التي كان لها أثر كبير في نفس هيلة وجعلتها تفكر جليا في الكثير من الأمور ، وصرحت أيضا عبر وسائل الإعلام بأن جميع من كان يحسب لها حساب في التنظيم الإرهابي تخلى عنها تماما وجميعهم وقفوا ضدها في محنتها ، وقد شبهت طريق الانضمام للقاعدة بالمخدرات وربما أكثر ، وذلك لتورطها بالتنظيم يوما عن يوم دون أن تتمكن من الخلاص من هذا الجحيم الذي طالها .