من قائل ” في الليلة الظلماء يفتقد البدر ” ومعناها
سيتذكرني شعبي عندما يحدث أجيالهم… وفي الليالي المظلمة يشتاقون للبدر.” هذا البيت من قصيدة أبو الفراس الحمداني، الذي ولد وعاش في عهد الخلافة العباسية عام 900 م، حيث ولد عام 932 م وتوفي عام 968 م .
تعرض الروم للاسر مرتين خلال حياته، ولكنه لم ينسى حبه واشتياقه لوطنه خلال فترة الاسر، التي استمرت من عام 959 م إلى 966 م، وبعد خروجه من الاسر تولى الحكم لمدة عام واحد قبل وفاته .
كان “أبو فراس” ولد في الموصل لأسرة كريمة ونشأ في بلاط عمه سيف الدولة، وكان لديه مستوى عال من الثقافة وفنون الفروسية، وتولى منصب منبح وحران حتى تم أسره وتمديد أسرته مرة أخرى .
من أبرز الأشعار والمقولات الشائعة لأبي الفراس الحمداني :
لم يعد بي مفاخر في يوم مديح آبائي النجب.
لا يجوز التمجيد أو الهجو أو السب أو اللعب.
– الشعر ديوان العرب وعنوان الأدب.
معنى المقولة “وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر ” :
هذا الشطر تم اقتباسه من المثل “وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر ” ، وهنا يشبه الشاعر نفسه بالبدر ، ويقول أن الناس لا تتذكره إلا في الشدائد والمواقف الصعبة ، حيث كان فارسا في فض الحالات المستعصية، وهذا الشطر هو من ضمن أبيات قصيدته الرائعة ” أراك عصي الدمع ” والتي قد غنتها كوكب الشرق أم كلثوم ولحنها كلا من الملحن عبده الحامولي، والملحن رياض السنباطي.
القصيدة كاملة :
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر
أما للهوى نهي عليك ولا أمر
بلى ،أنا مشتاق وعندي لوعة
ولكن مثلي لا يذاع له سر
إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى
وأذللت دمعا من خلائقه الكبر
تكاد تضيء النار بين جوانحي
إذا هي أذكتها الصبابة والفكر
معللتي بالوصل والموت دونه
إذا بت ظمآنا فلا نزل القطر
حفظت وضيعت المودة بيننا
وأحسن من بعض الوفاء الغدر
وما هذه الأيام إلا صحائف
لأحرفها ، من كف كاتبها ، بشر
بنفسي من الغادين في الحي غادة
هواي لها ذنب ، وبهجتها عذر
تروغ إلى الواشين في ، وإن لي
لأذنابها عن كل واشية وقر
بدوت وأهلي حاضرون ، لأنني
أرى أن دارا لست من أهلها قفر
وحاربت قومي في هواك ، وإنهم
وإياي ، لولا حبك ، الماء والخمر
فإن يك ما قال الوشاة ولم يكن
فقد يهدم الإيمان ما شيد الكفر
وفيت وفي بعض الوفاء مذلة
لإنسانة في الحي شيمتها الغدر
وقور ، وريعان الصبا يستفزها
فتأرن أحيانا كما أرن المهر
تسائلني : من أنت ؟ وهي عليمة
وهل بفتى مثلي على حاله نكر
فقلت لها : لو شئت لم تتعنتي
وأنتِ لم تسألين عني، ولديكِ الخبر عني
فقالت : لقد أزرى بك الدهر بعدنا
فقلت : معاذ الله ، بل أنت لا الدهر
وما كان للأحزان لولاك مسلك
إلى القلب ، لكن الهوى للبلى جسر
وتهلك بين الهزل والجد مهجة
إذا ما عداها البين عذبها الهجر
فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق
وأن يدي مما علقت به صفر
وقلبت أمري لا أرى لي راحة
اذا البين أنساني الح بي الهجر
فعدت إلى الزمان وحكمها
لها الذنب لا تجزي به ولي العذر
لا تنكريني يا ابنة عمي، هوذا
ليعرف من أنكرته البدو والحضر
ولا تنكريني ، إنني غير منكر
إذا زلت الأقدام ، واستنزل الذعر
وإني لجرار لكل كتيبة
معودة أن لا يخل بها النصر
وإني لنزال بكل مخوفة
كثير الى نزالها النظر الشزر
فاظمأ حتى ترتوي البيض والقنا
وأسغب حتى يشبع الذئب والنسر
ولا أصبح الحي الخلوف بغارة
ولا الجيش ، ما لم تأته قبلي النذر
ويا رب دار لم تخفني منيعة
طلعت عليها بالردى أنا والفجر
وحي رددت الخيل حتى ملكته
هزيما ، وردتني البراقع والخمر
وساحبة الأذيال نحوي لقيتها
فلم يلقها جافي اللقاء ولا وعر
وهبت لها ما حازه الجيش كله
ورحت ولم يكشف لأبياتها ستر
ولا راح يطغيني بأثوابه الغنى
ولا بات يثنيني عن الكرم الفقر
وما حاجتي بالمال أبغي وفوره
إذا لم أحمِ ماء وجهي، فلا ينفع الندم
أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى
ولا فرسي مهر ولا ربه غمر
ولكن إذا حم القضاء على امرئ
فليس له بر يقيه ولا بحر
وقال أصيحابي : الفرار أو الردى؟
فقلت : هما أمران أحلاهما مر
ولكنني أمضي لما لا يعيبني
وحسبك من أمرين خيرهما الأسر
يقولون لي بعت السلامة بالردى
فقلت : أما والله ، ما نالني خسر
وهل يتجافى الموت عني ساعة
إذا تخلى الحظ والأقارب عني؟
هو الموت فاختر ما علا لك ذكره
فلم يمت الانسان ما حيي الذكر
ولا خير في دفع الردى بمذلة
كما ردها يوما بسوءته عمرو
يمنون أن خلو ثيابي ، وإنما
علي ثياب من دمائهمو حمر
وقائم سيف فيهمو اندق نصله
وأعقاب رمح فيه قد حطم الصدر
سيذكرني قومي إذا جد جدهم
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
فإن عشت ، فالطعن الذي يعرفونه
وتلك القنا والبيض والضمر الشقر
وإن مت فالإنسان لا بد ميت
وإن طالت الأيام وانفسح العمر
ولو سد غيري لما سددت، اكتفيت به
ولو نفذ الصفر، ما زال يحرق التبر
ونحن اناس لا توسط بيننا
لنا الصدر دون العالمين أو القبر
تهون علينا في المعالي نفوسنا
ومن يخطب الحسناء لم يغلها المهر
أعز بني الدنيا وأعلي ذوي العلا
أكثر كرما من فوق التراب ولا يكمل فخره بيده