علم وعلماءمخترعين

من اخترع الأرقام

من مخترع الأرقام

لا يمكننا أن نتخيل عالمنا بدون أرقام، حيث أنها تعتبر دليل على تطور المجتمعات من الناحية التكنولوجية والعلمية، وعلى الرغم من أهمية الأرقام إلا أن تطورها سيظل لغز وذلك لأن القدماء في عصر ما قبل التاريخ قاموا بابتكار طرق جديدة وبسيطة للعد، ولكنهم لم يقوموا بترك أي سجلات خلفهم لشرح كيف تم ذلك.

في الوقت الحالي، يتم نقل الأرقام العربية المعروفة إلى العلماء في الهند القديمة، وهذا يعني أن جميع الأرقام المستخدمة حاليا في الأصل هي أرقام هندية، ومن بين العلماء البارزين في هذا المجال هم العالم براهماغوبتا في القرن السادس قبل الميلاد والعالم أريابات في القرن الخامس قبل الميلاد.

تشير الأدلة المختلفة والقديمة إلى أن الأعداد بدأت بالرقم واحد. على الرغم من عدم تسميته بواحد منذ القدم، إلا أن هناك احتمالا لأن الناس كانوا يبدأون بحساب الرقم واحد من خلال نحته على العظام. تم العثور على دليل يعود إلى حوالي 20 ألف عام، وكان ذلك على قطعة أثرية قديمة تسمى عظمة إيشانغو وهي عظمة من عظام البابون.

وفي قارة أفريقيا عام 1960 تم اكتشاف هذه العظام التي تحتوي على مجموعة من الخطوط التي تشبه الأرقام الحالية، وفي البداية كان تتبع الأرقام بأعدادها الصغيرة هو شيء كافي لعدد الأفراد والمجتمعات الصغيرة، ولكن عندما تطورت المجتمعات وأصبحت تنمو بشكل كبير، أصبح مجال التجارة أكثر صعوبة وتعقيدًا، وهذا الأمر تطلب القيام بتطوير الأرقام لعمل الحسابات الرياضية البسيطة.

يعتقد بعض المؤرخين أن الإحصاء والأعداد قد توسعا بشكل كبير بعد عام 4000 قبل الميلاد. واعتبر ذلك في سومر، وهي مدينة تقع في المنطقة الجنوبية من بلاد ما بين النهرين، أو ما يعرف الآن بجنوب العراق، وكانت هذه المدينة واحدة من أهم مراكز التجارة التي احتاج سكانها إلى طرق جديدة للعد وحفظ الأعمال والسجلات المختلفة.

في حين كانت تتم تطوير أنظمة جديدة للأرقالفيات في سومريا، كانت الأسس الأولية للكتابة والحساب تُرسَّخ، واستدعى الأمر تتبع جميع البضائع بالكتابة واستخدام الجمع والطرح بنظام العد العشري المتوسع.

تم تطوير جميع هذه الأفكار الأساسية في نفس الوقت الذي شهد ازدهارًا في مجال التجارة وتقدم المدن، ويعتقد البعض أن هذه الأفكار تطورت بشكل مستقل في مناطق ودول أخرى في العالم أيضًا.

في النهاية لابد أن ندرك أن أهمية الأرقام وضرورة وجودها لا تتمثل فقط في مجرد القيام بعد الأشياء، ولكنها لها فضل كبير في تطور التجارة والمجالات المختلفة، كما أنه لابد أن نشكر القدماء المصريين على قيامهم بتحقيق قفزة كبيرة من استخدام الأرقام المختلفة في العد إلى استخدام الأرقام في قياس الأشياء.

يعتقد المؤرخون أن استخدام الأرقام اليونانية في القياس قد ساعد القدماء المصريين في بناء الأهرامات، وكما ساعدوا في وضع أسس للرياضيات المتقدمة مثل مجال الهندسة.

من اخترع الصفر

يعد العالم الهندي براهماغوبتا مخترع الصفر في عام 628م، وقد قام بتطوير رمز خاص به، وعلى الرغم من أن الرقم صفر يرتبط بالعالم الهندي بهاسكارا الأول في القرن السابع عشر، إلا أن براهماغوبتا هو الأقدم.

قام براهماغوبتا بتقديم الصفر على أنه رقم أساسي بذاته بدلاً من الاعتقاد السائد بين البابليون بأنه رقم بديل، ولم يعد الصفر مجرد رمز يدل على عدم وجود العدد كما كان في عهد الرومان والإغريق.

وكان براهماغوبتا يرى الأرقام بمثابة كيانات مجردة، وليس فقط أرقام تساعد على العد والقياس، وقد سمح له هذا الأمر بعمل قفزة مفاهيمية كبيرة أخرى وهي قفزة لها عواقب رائعة وعميقة على الرياضيات في المستقبل، ففي السابق كان المجموع للأرقام 3-4 على سبيل المثال بلا معنى أو مجرد صفر.

وعلى الرغم من ذلك أدرك العالم براهماغوبتا أنه من الممكن أن يكون هناك شيء كالرقم السالب، وقام بالإشارة إليه كدين مقابل ملكية، كما قام بشرح القواعد الخاصة بالتعامل مع الأعداد السالبة، مثل قاعدة “السالب في السالب ينتج موجب”، “والسالب في الموجب هو السالب” وغيرها من القواعد الأخرى.

اصل الارقام العربية

يعتبر عالم الرياضيات الإيطالي فيبوناتشي هو السبب في جعل الأرقام الهندية تشيع في قارة أوروبا، ومن ثم تم تغيير هذه الأرقام بشكل تدريجي إلى أن أصبحت ما تبدو عليه الآن، ويستخدمها العرب في الوقت الحالي معتقدين أنها أرقام عربية، ولكن في الحقيقة لا توجد أرقام عربية، إنها أرقام هندية منذ القدم.

يقال إن الأرقام العربية المعروفة بشكل كبير تستخدم في شرقالجزيرة العربية، وإذا نظرنا إلى المخطوطات القديمة سنجد أن الأرقام الهندية والأرقام العربية متشابهة ومرسومة بنفس الزوايا.

مع انتشار الإسلام، ظهرت العديد من الصياغات والاختلاطات اللغوية الجديدة، نتيجة عبور المسلمين إلى جنوب وغرب آسيا وصولاً إلى شمال إفريقيا والأندلس، وكانت جميعة مناطق الانتقال هذه تضم عددًا كبيرًا من العلماء واللغويين الذين لعبوا دورًا رئيسيًا في كتاباتهم.

البيروني و الأرقام الهندية

من الضروري أن ندرك أنه لا يوجد طريقة ثابتة حتى الآن يمكننا استخدامها لكتابة الأرقام 0، 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، حيث أنه يتم إنتاج العديد منها على أجهزة الكمبيوتر، وبالرغم من أنه يمكن التعرف عليها بسهولة إلا أنها مختلفة عن بعضها بشكل كبير، كما أنه من الصعب التعرف عليها عند نسخها باليد من قبل أشخاص مختلفين.

ويعتبر الجانب الآخر من هذه الأرقام الهندية هو جانب القيمة المكانية، ونحن نريد معرفة المزيد عنه، وتعتبر رموز الأرقام الهندية الموجودة في الوقت الحالي قريبة الشبه من الرموز والأشكال الموجودة في قارة أوروبا في الوقت الحالي، وقد كانت نفس الأرقام موجودة خلال القرن الخامس عشر، وقد ساعدت الطباعة وظهورها على توحيد الرموز.

ومن أهم مصادر المعلومات التي تتواجد لدينا عن الأرقام الهندية نأخذها من البيروني، حيث أنه خلال عشرينات القرن الماضي قام بزيارة الهند عدد من المرات، ويعتبر من علماء الرياضيات والفلك، وقد تعرف على هذا العلم من خلال الترجمات العربية للنصوص المختلفة، وفي الهند قام بعمل دراسة تفصيلية للفلسفة الهندية، وقام بدراسة العديد من فروع الرياضيات والعلوم.

قام البيروني بكتابة حوالي 27 عملًا عن دولة الهند ومجالاتها المتعددة والعلوم التي تضمها، وقدم الكثير من المساهمات في العلوم الهندية ودرسها بتفصيل، وأشار إلى أهمية الأرقام الهندية في كتاب مشهور نشر في عام 1030.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى